مشروع القرن في مصر.. كيف ستغير شبكة القطار الكهربائي السريع البنية التحتية؟
تعد شبكة القطار الكهربائي السريع في مصر واحدة من أضخم المشروعات القومية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث تسعى الحكومة المصرية من خلالها إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة النقل، وربط المدن الرئيسية والمناطق الصناعية والسياحية بشبكة حديثة ومستدامة.
يأتي هذا المشروع في إطار رؤية مصر 2030 لتعزيز البنية التحتية ودعم التنمية الاقتصادية، ومع اقتراب موعد تشغيل بعض خطوطه، ونستعرض في هذا التقرير، من بانكير، أحدث المعلومات المتوفرة حول هذا المشروع الطموح.
شبكة القطار الكهربائي السريع
شبكة القطار الكهربائي السريع هي مشروع يهدف إلى إنشاء أربعة خطوط رئيسية لسكك حديد كهربائية فائقة السرعة، بإجمالي أطوال تصل إلى حوالي 2250 كيلومترًا، لنقل الأفراد والبضائع عبر أنحاء الجمهورية.
وبدأت فكرة المشروع في عام 2018، وتتولى تنفيذه تحالفات بين شركات عالمية ومحلية، أبرزها شركة "سيمنز" الألمانية بالتعاون مع "المقاولون العرب" و"أوراسكوم كونستراكشون".
ويشمل المشروع ثلاثة أنواع من القطارات: سريعة بسرعة تصميمية 250 كم/ساعة، إقليمية بسرعة 160 كم/ساعة، وقطارات بضائع بسرعة 120 كم/ساعة.
خطوط القطار الكهربائي السريع الأربعة
الخط الأول (الخط الأخضر): العين السخنة - العلمين - مرسى مطروح
ويمتد هذا الخط بطول 675 كيلومترًا ويضم 21 محطة (10 محطات سريعة و11 إقليمية)، حيث يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة، ويتقاطع مع القطار الكهربائي الخفيف (LRT) في محطة مركزية بالعاصمة.
وبدأت أعمال التنفيذ في مايو 2021، ومن المتوقع تشغيله بنهاية 2024 أو مطلع 2025، حيث وصل أول قطار لهذا الخط في أبريل 2024، وتجري حاليًا أعمال تركيب القضبان، مع توقعات بأن يستغرق زمن الرحلة من بدايته إلى نهايته حوالي 4 ساعات.
الخط الثاني (الخط الأزرق): حدائق أكتوبر - أبو سمبل
يمتد على مسافة 1100 كيلومتر، ويربط القاهرة بمحافظات الصعيد حتى أبو سمبل جنوبًا، بإجمالي 36 محطة (10 سريعة و26 إقليمية).
وبدأت أعمال الإنشاء في مارس 2022، ومن المقرر تشغيله بنهاية 2025، حيث يبلغ زمن الرحلة حوالي 5 ساعات، ويتميز بتقاطعه مع الخط الأول في حدائق أكتوبر والخط الثالث في قنا، وتكلفته المبدئية تتجاوز 6 مليارات دولار، وتشير صور جوية حديثة إلى تقدم كبير في الأعمال.
الخط الثالث (الخط الأحمر): قنا - الغردقة - سفاجا
وبطول 225 كيلومترًا، يربط هذا الخط بين نهر النيل والبحر الأحمر، ويضم 3 محطات رئيسية، حيث يهدف إلى دعم المناطق الصناعية مثل نجع حمادي (الفوسفات والألمنيوم) وتسهيل حركة السياحة إلى الغردقة. يعمل عليه 6 قطارات سريعة و16 إقليمية، مع توقعات بتشغيله في 2026.
الخط الرابع: بورسعيد - أبو قير
ويمتد بطول 250 كيلومترًا، وهو الخط الوحيد المخطط تنفيذه بالتعاون مع القطاع الخاص، ولم تبدأ أعمال الإنشاء بعد، لكنه سيربط الساحل الشمالي الشرقي بمدن الدلتا، مما يعزز الربط مع موانئ التصدير.
الأرقام والإمكانيات
وتشمل الشبكة 60 محطة إجمالًا، مع مركزي سيطرة وتحكم و6 نقاط صيانة، حيث يبلغ عدد القطارات السريعة 41 قطارًا، والإقليمية 94 قطارًا، إلى جانب 41 قاطرة بضائع.
كما تتراوح الطاقة الاستيعابية بين مليون و2.5 مليون راكب يوميًا، مما يجعلها واحدة من أكبر شبكات القطارات السريعة عالميًا، حيث تحتل المرتبة السادسة من حيث الحجم.
التمويل والتعاون الدولي
ويعد التمويل أحد أبرز التحديات، حيث تقدر التكلفة الإجمالية بنحو 360 مليار جنيه مصري (قابلة للتغيير).
ونشرت بالجريدة الرسمية تصديق على قرض بقيمة 318 مليون يورو من البنك الإسلامي للتنمية لدعم الخط الأول، بعد موافقة الرئيس في يونيو 2024 ومجلس النواب في يناير 2025.
كما تساهم "سيمنز" بـ3 مليارات دولار لتغطية أنظمة الكهرباء والقطارات، مع تقديم خدمات صيانة لمدة 15 عامًا.
الأثر الاقتصادي والبيئي
وتهدف الشبكة إلى تقليل الازدحام المروري على الطرق البرية، وخفض حوادث الطرق، وتعزيز الاقتصاد عبر ربط المناطق الصناعية (مثل الدلتا الجديدة وتوشكي) بموانئ التصدير.
كما ستدعم السياحة في مدن مثل الأقصر وأسوان والغردقة، ومن الناحية البيئية، يعد المشروع وسيلة نقل نظيفة، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية.
وتمثل شبكة القطار الكهربائي السريع نقلة حضارية في مصر، حيث تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والطموح التنموي، ومع استمرار الأعمال على مدار الساعة ومشاركة أكثر من 150 شركة وطنية و100 ألف عامل، يبدو أن مصر على أعتاب تحقيق حلم الربط السككي الشامل، لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب.
