تشتري ولا تبيع.. إلى أين تتجه أسعار الذهب بعد الزيادة التاريخية؟
في عالم تتلاطم فيه أمواج الاقتصاد العالمي بقوة غير مسبوقة، يبرز الذهب كنجم ساطع في سماء الاستثمار، متحديًا تقلبات الأسواق ومتألقًا بارتفاعات تاريخية في عام 2025، ووسط زخم السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أشعلت شرارة عدم اليقين في الأسواق العالمية، أصبح الذهب ليس مجرد ملاذ آمن، بل لغزًا يحير المستثمرين والمحللين على حد سواء، هل سيواصل تألقه أم سينحسر بريقه تحت وطأة المتغيرات الاقتصادية؟.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نغوص في أعماق توقعات أسعار الذهب للأشهر القادمة من 2025، مستعينين بتحليلات المؤسسات الدولية، وآراء الخبراء.
ماذا يحدث في سوق الذهب؟
شهد سوق الذهب العالمي خلال عام 2025 طفرة سعرية غير مسبوقة، حيث اقترب سعر الأونصة من مستويات قياسية، ووفقًا لآخر التحديثات اليوم، 12 أبريل 2025، بلغ سعر أونصة الذهب في الأسواق الفورية حوالي 3020 دولارًا أمريكيًا، بعد أن شهد تقلبات طفيفة خلال الأسبوع الماضي، حيث تراجع بنسبة 0.8% عن أعلى مستوياته الأخيرة.
ومع ذلك، سجل الذهب أعلى سعر تاريخي له خلال الأيام الماضية يوم 11 أبريل 2025، حيث تجاوز حاجز 3200 دولار للأونصة لأول مرة، مدفوعًا بتزايد المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي والتوترات التجارية المتفاقمة.
وهذا السعر يعكس زيادة مذهلة مقارنة بمستويات بداية العام، حيث كانت الأونصة تتداول حول 2624 دولارًا في نهاية ديسمبر 2024، بارتفاع سنوي تجاوز 28%، وهي أكبر زيادة سنوية منذ عام 2010.
وخلال الربع الأول من 2025، سجل الذهب أقوى ارتفاعات فصلية له في 39 عامًا، بنسبة 19%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1987.
ما هو القرار المناسب؟
وأشار المهندس لطفي المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إلى أن الوضع الحالي لأسعار الذهب استثنائي وغير مسبوق، مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاه الأسعار سواء بالصعود أو الهبوط.
وأرجع المنيب، في تصريحات خاصة لـ “بانكير”، هذا الوضع إلى قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي وصفها بأنها متغيرة وتسببت في "انقلاب كبير" بالأسواق العالمية، موضحًا أن هذه القرارات، مثل فرض الرسوم الجمركية، أدت إلى حالة من عدم اليقين تجعل من المستحيل تحديد اتجاه واضح للذهب في الوقت الراهن.
وفي نصيحته للمستثمرين، دعا المنيب إلى التركيز على الاستثمار طويل الأجل في الذهب، مشددًا على ضرورة انتظار استقرار الأوضاع قبل اتخاذ قرارات البيع أو الشراء.
وحذر من التسرع في اتخاذ قرارات فورية، سواء كانت للبيع خوفًا من التقلبات أو للشراء بناءً على الارتفاعات الحالية، لأن مثل هذه القرارات قد تؤدي إلى خسائر في ظل الوضع المتقلب.
وأكد أن الذهب يظل أداة استثمارية قوية لحفظ القيمة على المدى الطويل، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية، وعلى المدى الطويل لا يخسر الاستثمار به على الإطلاق، ولكن المضاربة عليه هي التي قد تتسبب بخسائر لأصحابها.
العوامل المؤثرة على أسعار الذهب في 2025
وتتأثر أسعار الذهب بعوامل اقتصادية وجيوسياسية متعددة، أبرزها في الوقت الحالي، سياسات دونالد ترامب الاقتصادية، حيث فرض رسوم جمركية على دول مثل الصين والمكسيك وكندا، إلى جانب سياساته التجارية الحمائية، ما تسبب في تقلبات حادة في الأسواق العالمية.
وهذه القرارات زادت من الطلب على الذهب كملاذ آمن، حيث يتجه المستثمرون إليه لحماية ثرواتهم من عدم اليقين.
يأتي ذلك بالإضافة للحروب التجارية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، أدت إلى تذبذب قيمة الدولار، مما عزز جاذبية الذهب، وردود الفعل الصينية، مثل فرض رسوم انتقامية، زادت من الضغوط على الأسواق.
كما أن لسياسات البنوك المركزية دور، حيث توجد توقعات بتقليص تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 2025 لدعم الدولار، لكنها في الوقت نفسه تزيد من جاذبية الذهب كأداة تحوط ضد التضخم.
نصائح للمستثمرين في الذهب
وفي ظل التقلبات الحالية، يحتاج المستثمرون إلى نهج حذر عند التعامل مع الذهب، وإليكم مجموعة من النصائح لاتخاذ قرارات مدروسة:
- التركيز على الاستثمار طويل الأجل: كما أشار لطفي المنيب، الذهب استثمار آمن على المدى الطويل، وتجنب اتخاذ قرارات متسرعة بناءً على التقلبات اليومية.
- متابعة الأخبار الاقتصادية: تابع قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، وكذلك التطورات في السياسات التجارية الأمريكية، لأنها تؤثر بشكل مباشر على أسعار الذهب.
- تنويع المحفظة الاستثمارية: لا تعتمد فقط على الذهب، بل قم بتنويع استثماراتك لتقليل المخاطر الناتجة عن التقلبات.
- تجنب المضاربة قصيرة الأجل: في ظل عدم اليقين الحالي، المضاربة قد تكون محفوفة بالمخاطر، وانتظر ظهور إشارات واضحة لاستقرار الأسعار.
- استشارة الخبراء: قبل البيع أو الشراء، استشر خبراء الذهب أو المحللين الماليين للحصول على رؤية شاملة للسوق.
- مراقبة الأسعار المحلية والعالمية: في مصر، تتأثر الأسعار المحلية بحركة الأونصة العالمية وسعر صرف الجنيه، تأكد من مقارنة الأسعار قبل اتخاذ قرار.
وتظل توقعات أسعار الذهب في الأشهر القادمة من 2025 محاطة بقدر كبير من عدم اليقين، نتيجة السياسات الاقتصادية العالمية والتوترات التجارية، وفي حين تتوقع المؤسسات الدولية استمرار الذهب كأصل جذاب مع احتمالية تقلبات قصيرة الأجل، ينصح الخبراء، المستثمرين بالصبر والتركيز على الاستثمار طويل الأجل.
