الأحد 13 أبريل 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

هل ترتفع أسعار السلع؟.. كيف تؤثر قرارات ترامب الجمركية على مصر؟

الأربعاء 09/أبريل/2025 - 02:07 م
كيف تؤثر قرارات ترامب
كيف تؤثر قرارات ترامب الجمركية على مصر؟

في لحظة فارقة على خارطة الاقتصاد الدولي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطلع أبريل الجاري فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على صادرات عدد من الدول إلى الولايات المتحدة، من بينها مصر. 

القرار الذي يدخل حيز التنفيذ في 12 أبريل، أعاد خلط الأوراق في معادلة التجارة العالمية، وأشعل تساؤلات عميقة حول مدى استعداد الاقتصادات النامية، ومنها مصر، للتعامل مع هذا التحول المفاجئ.

فما بين ضغط مباشر على الصادرات، وتداعيات غير مرئية على مؤشرات حساسة كالتضخم وإيرادات قناة السويس، تقف مصر أمام اختبار اقتصادي جديد، تتداخل فيه التحديات بالفرص، والمخاوف بالتطلعات.

حجم الشراكة التجارية بين مصر وأمريكا

كيف تؤثر قرارات ترامب الجمركية على مصر؟

تشير الأرقام إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة بلغ في 2023 نحو 8.6 مليار دولار، توزعت بين صادرات مصرية بقيمة 2.73 مليار دولار، تركزت في البترول 26%، الملابس الجاهزة 19%، والأسمدة 13%، مقابل واردات أمريكية بقيمة 5.87 مليار دولار، تصدرها القمح والمعدات الصناعية.

ورغم أن السوق الأمريكية لا تمثل أكثر من 10% من إجمالي الصادرات المصرية، مقارنة بـ33% للاتحاد الأوروبي و28% للأسواق العربية، فإن خصوصية العلاقات مع واشنطن، وقيمة بعض المنتجات المستهدفة بالقرار، تضع هذا التطور في إطار يتجاوز الأرقام المجردة.

تأثير رسوم ترامب الجمركية على مصر

الرسوم التي أعلنها ترامب تحمل طابعا عاما لا يستثني دولة، ما يقلص من أثرها التنافسي على المنتجات المصرية مقارنة بمنتجات دول أخرى، ومع ذلك، فإن التقديرات تشير إلى أن الصادرات المصرية ستتكبد تكلفة إضافية تقدر بـ273 مليون دولار سنويا، وهي تكلفة تعد محدودة نسبيا مقارنة بإجمالي صادرات مصر في 2023 التي بلغت 52.1 مليار دولار.

لكن هذه النظرة "المطمئنة" قد لا تنطبق على جميع القطاعات، فبينما تبقى بعض الصادرات - مثل المنسوجات المشمولة باتفاقية "كويز" - بمنأى عن الرسوم الجمركية الجديدة، فإن فئات أخرى كالأقمشة الجاهزة غير المشمولة قد تتعرض لتراجع الطلب، وهو ما يفرض على المصدرين المصريين إعادة تقييم خريطة منتجاتهم وتوجهاتهم.

كيف تؤثر رسوم ترامب الجمركية على قناة السويس؟

كيف تؤثر قرارات ترامب الجمركية على مصر؟

في خلفية هذا القرار، يتصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، بعد أن ردت بكين برفع الرسوم الجمركية إلى 34%، وهذا التوتر لا يمر دون صدى على الاقتصاد العالمي، حيث توقعت مؤسسة "جي بي مورجان" تباطؤا في حركة التجارة العالمية بنسبة تصل إلى 2%، مع ترجيح دخول الاقتصاد الدولي في حالة ركود بنسبة 60%.

هذا السيناريو ينذر بتهديد مباشر لإيرادات قناة السويس، شريان العبور الحيوي لمصر، والذي حقق 8.6 مليار دولار في العام المالي 2023/2024، أي تراجع في حركة الشحن البحري العالمية، خصوصا مع تصاعد الحرب التجارية، قد ينعكس سلبا على العائدات المصرية من هذا الممر الاستراتيجي.

تأثير قرارات ترامب الجمركية على أسعار السلع

كيف تؤثر قرارات ترامب الجمركية على مصر؟

جانب آخر لا يقل خطورة يتمثل في واردات القمح الأمريكي، والتي تشكل قرابة 60% من حجم الاستيراد المصري من هذه السلعة الأساسية، فمع ارتفاع التكلفة نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة، يتوقع اقتصاديون أن تواجه مصر موجة تضخمية إضافية، قد تدفع أسعار السلع الغذائية، وعلى رأسها الخبز البلدي، إلى مستويات جديدة وغير مسبوقة.

ويشار إلى أن سعر رغيف الخبز المدعم كان قد ارتفع إلى 20 قرشا في يونيو 2024، في خطوة أثارت جدلا واسعا، ما يجعل أية زيادات لاحقة محفوفة بتبعات اجتماعية حساسة، خصوصا مع ترقب الأسواق لمعدلات تضخم قد ترتفع بين 2 و3% إذا استمرت الأزمة التجارية العالمية.

مصر والفرصة البديلة

ورغم التحديات، يرى مراقبون أن قرار ترامب قد يحمل لمصر فرصة استراتيجية نادرة، فمع فرض رسوم أعلى على صادرات الصين وسوريا، تبرز مصر كبديل محتمل في نظر شركات تبحث عن منفذ أرخص وآمن للوصول إلى السوق الأمريكية.

وفي هذا السياق، طرح خبراء فكرة استقطاب استثمارات صينية مباشرة لإقامة مصانع إنتاج في مصر، تستفيد من الموقع الجغرافي، وتصدر إلى أمريكا برسوم أقل، كما أن انضمام مصر لمجموعة "بريكس" يعزز من قدرتها على تنويع وجهاتها التصديرية، خصوصا نحو أسواق الهند وروسيا، بما يخفف من الاعتماد على السوق الأمريكية.

موقف مصر من رسوم ترامب الجمركية

كيف تؤثر قرارات ترامب الجمركية على مصر؟

بعد إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية على مصر، لم تصدر الحكومة أي بيان رسمي بشأن القرار الأمريكي، لكن أكدت مصادر دبلوماسية، لعدد من وسائل الإعلام ، على وجود مساعي خلف الكواليس للتفاوض على استثناء بعض المنتجات الحيوية، خاصة الحديد والأسمدة، من الرسوم الجديدة، مستندة إلى سوابق إعفاء مشابهة في السنوات الماضية.

ولا شك أن القرار الأمريكي يفرض على مصر إعادة حساباتها في ملف التصدير، لكنه لا يمثل في النهاية كارثة اقتصادية بقدر ما يعد اختبارا لقدرتها على المناورة والتكيّف.

وحتى تعلن الحكومة عن خطتها في التعامل مع هذا التحول، يبقى السؤال المطروح: هل تنجح مصر في استثمار التحدي كمحفز لإعادة رسم سياساتها التجارية والاستثمارية؟ أم يثقل القرار كاهل الاقتصاد المصري؟