الثلاثاء 01 أبريل 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
اقتصاد مصر

عملة مصر في المستقبل.. كيف يعيد الجنيه الرقمي تشكيل الاقتصاد المصري؟

الأحد 30/مارس/2025 - 12:06 ص
الجنيه الرقمي
الجنيه الرقمي

يكثف البنك المركزي المصري جهوده لإطلاق "الجنيه الرقمي"، وهو مشروع طموح يعد ركيزة أساسية في مسيرة التحول الرقمي للاقتصاد المصري، تماشيا مع رؤية مصر 2030، ومع تسارع وتيرة الاستعدادات، يتوقع المراقبون أن ترى هذه العملة الرقمية الرسمية النور خلال الثلاث إلى الأربع سنوات المقبلة، لتصبح أداة محورية في تعزيز الكفاءة المالية والشمول الاقتصادي.

دور الجنيه الرقمي في تعزيز المنافسة للعملة الوطنية

الجنيه الرقمي 

يأتي الجنيه الرقمي كجزء من استراتيجية البنك المركزي لمواكبة التوجهات العالمية نحو العملات الرقمية للبنوك المركزية، ويعمل البنك حاليا بالتعاون مع مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على تطوير البنية التحتية التكنولوجية والتنظيمية اللازمة لإصدار هذه العملة.

ووفقا لتقرير "مقتطفات تنموية" الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في يناير 2024، يهدف المشروع إلى تعزيز القدرة التنافسية للعملة الوطنية، مع توقعات بإطلاقه التجريبي بحلول 2027 أو 2028، تليه مرحلة التنفيذ الشامل بحلول عام 2029.

ما الهدف من إصدار الجنيه الرقمي؟

يمثل الجنيه الرقمي نسخة إلكترونية مشفرة من العملة الورقية التقليدية، تصدرها وتشرف عليها السلطة النقدية المركزية، ويستهدف تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، منها:

  • تقليص الاعتماد على النقد الورقي، وذلك لخفض تكاليف الطباعة والتداول التي تقدر بمئات الملايين سنويا، ودعم الشمول المالي للفئات غير المشمولة بالخدمات البنكية.
  • تسريع المعاملات المالية، وذلك عبر دمجه مع أنظمة الدفع الفورية مثل تطبيق "إنستا باي" وشبكة المدفوعات اللحظية التي أطلقها البنك في مارس 2022.
  • تعزيز الأمان والشفافية باستخدام تقنيات التشفير المتطورة للحد من التزوير والاحتيال.
  • دعم الاقتصاد الرقمي، وذلك من خلال تأسيس بنية مالية حديثة تتماشى مع التحولات العالمية نحو الاستدامة والكفاءة.

مرحلة تجريبية الجنية الرقمي 2027

الجنيه الرقمي

أكد تقرير الاستقرار المالي لعام 2023 الصادر عن البنك المركزي تقدما ملحوظا في المشروع، مع التركيز على تهيئة إطار تشريعي داعم، ويعكف البنك على تعديل قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020 لتوفير بيئة قانونية تضمن حماية البيانات والاستخدام الآمن للعملة الرقمية. 

ومن المنتظر أن يبدأ البنك مرحلة تجريبية بحلول 2027 بالتعاون مع بنوك كبرى مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر، لاختبار النظام على نطاق محدود قبل الإصدار الشامل.

في الوقت ذاته، يدمج المشروع مع الأنظمة الرقمية الحالية، حيث يخطط لربط الجنيه الرقمي بتطبيق "إنستا باي"، الذي سجل نجاحا كبيرا بتجاوز معاملاته 565 مليار جنيه في الربع الأول من 2024. 

وتشير التوقعات إلى استكمال البنية التحتية التكنولوجية اللازمة خلال السنوات القليلة القادمة، مع الاستفادة من تجارب دول مثل الصين، وجزر البهاما

هل السوق المصري مؤهل للجتيه الرقمي؟ 

حتى مارس 2025، ارتفع عدد محافظ الهاتف المحمول في مصر إلى نحو 50 مليون محفظة، مقارنة بـ42.1 مليون في مارس 2024، بنمو سنوي يقارب 20%، وفقًا لتقديرات استنادا إلى بيانات البنك المركزي الأخيرة في أكتوبر 2024.

كما تجاوزت قيمة المعاملات عبر هذه المحافظ 600 مليار جنيه في الربع الأول من 2025، مما يعكس جاهزية السوق لاستقبال الجنيه الرقمي. 

وفي مارس 2025، استقبل البنك وفودا من تنزانيا ودول غرب إفريقيا لتبادل الخبرات في الأمن السيبراني، مما قد يشير إلى مناقشات غير مباشرة حول البنية التحتية للمشروع.

تحديات تعيق إطلاق الجنيه الرقمي

الجنيه الرقمي

رغم التقدم المحرز، يواجه المشروع تحديات كبيرة، أبرزها تطوير البنية التحتية التكنولوجية في المناطق الريفية التي تعاني فجوة رقمية، حيث يعتمد نحو 40% من السكان على النقد التقليدي.

كما تتطلب حماية النظام من الهجمات السيبرانية استثمارات ضخمة، إلى جانب برامج تثقيف مالي لتعزيز قبول المواطنين للعملة الجديدة، ومع ذلك، يرى الخبراء أن نجاح تجارب دول مثل نيجيريا يعزز من فرص مصر في تحقيق إنجاز مماثل.

ويشكل الجنيه الرقمي نقلة نوعية في مسيرة مصر نحو اقتصاد رقمي متكامل، ومع استمرار البنك المركزي في تطوير أدوات مثل شبكة المدفوعات اللحظية -التي سجلت 93 مليون معاملة في الربع الأول من 2024- تتأسس بنية قوية لدعم هذا التحول.

ويتوقع المحللون أن يُسهم الجنيه الرقمي في تقليص تكاليف السياسة النقدية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة قد تصل إلى 1-2% سنويا بحلول 2030، مما يعزز مكانة مصر كمركز مالي إقليمي.

وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن الجنيه الرقمي سيصبح واقعا ملموسا خلال الثلاث أو الأربع سنوات القادمة، ليشكل أداة رئيسية في تعاملات المصريين اليومية ويرسخ مكانة البلاد في عصر الاقتصاد الرقمي.