كيف تدعم البنوك المشروعات الصغيرة والمتوسطة كأحد محركات النمو الاقتصادي

تعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصادات الناشئة، حيث تساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، والحد من الفقر، لذا كان ولا بد من دعم البنوك المصرية لهذا القطاع الحيوي الهام.
وفي مصر، تشكل هذه المشروعات أكثر من 90% من إجمالي الشركات وتوفر حوالي 75% من فرص العمل في القطاع الخاص، الأمر الذي جعل دعم البنوك لهذا القطاع الحيوي عنصرا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويستعرض “بانكير” في هذا التقرير، كيفية تولى البنوك المصرية دورا رئيسيا في تمكين هذه المشروعات من خلال التمويل والخدمات الاستشارية، مع الاستناد إلى أحدث البيانات الرسمية والدولية.
التمويل.. شريان الحياة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة

تظهر بيانات البنك المركزي المصري أن محفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بلغت 27.5% من إجمالي المحفظة الائتمانية للبنوك بحلول نهاية 2024، بزيادة ملحوظة عن 25% المستهدفة في مبادرة 2015.
هذا التقدم يعكس التزام البنوك بتوجيهات البنك المركزي التي ألزمتها بتخصيص 25% من التسهيلات الائتمانية لهذا القطاع، مع توجيه 10% منها للشركات الصغيرة تحديدًا، فعلى سبيل المثال، أفاد بنك مصر في يناير 2025 عن توقيع عقد "تمكين 2" بقيمة 300 مليون جنيه مع جهاز تنمية المشروعات لدعم المشروعات متناهية الصغر، وهي خطوة تؤكد الدور الريادي للبنوك في تعزيز الشمول المالي.
وعلى الصعيد العالمي، يشير تقرير البنك الدولي لعام 2024 إلى أن التمويل المصرفي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق الناشئة يسهم بنسبة تصل إلى 40% في نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وفقًا لتقرير "بلومبرج للتمويل المستدام"، أنه في مصر، يدعم هذا التوجه، استثمارات القطاع الخاص التي تجاوزت 52% من إجمالي التمويل الموجه للمشروعات بحلول 2024،.
برامج مبتكرة لدعم رواد الأعمال
تتجاوز البنوك دورها التقليدي في تقديم القروض إلى تصميم برامج تمويلية مبتكرة تلبي احتياجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي هذا السياق، أطلق بنك QNB برامج تمويلية مخصصة لتنمية هذه المشروعات، مع التركيز على إدارة الموارد المالية بكفاءة، بينما قدم بنك HSBC مصر صندوق "رائدات الأعمال" لدعم سيدات الأعمال، إلى جانب رعاية "أكاديمية رواد النيل" التي قدمت أكثر من 8 آلاف خدمة غير مالية لآلاف العملاء بحلول 2024.
كما أشار تقرير "ستاندرد آند بورز" لعام 2024 إلى أن البنوك التي تقدم خدمات استشارية إلى جانب التمويل تزيد من معدل نجاح المشروعات الصغيرة بنسبة 30%، وهو ما ينطبق على مبادرات مثل مراكز تطوير الأعمال التي أطلقها بنك مصر بالتعاون مع البنك المركزي.
تحديات البنوك في تمويل المشروعات الصغيرة

رغم التقدم، تواجه البنوك تحديات كبيرة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أبرزها غياب القوائم المالية الرسمية لدى العديد من هذه المشروعات، وضعف ثقافة التعامل المصرفي.
كما أشار تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2025 إلى أن ارتفاع مخاطر الائتمان يدفع بعض البنوك التجارية للتراجع عن تمويل هذا القطاع، ومع ذلك، تظل الفرص واعدة، حيث تتيح مبادرات مثل "رواد النيل" وبرامج الإقراض غير المباشر فرصا لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، مما يعزز النمو الاقتصادي.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة في أرقام
تؤكد بيانات البنك المركزي المصري أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ساهمت في خفض معدل البطالة إلى أقل من 7% في 2024، بينما يرى البنك الدولي أن كل دولار يُستثمر في هذا القطاع يولد عائدا اقتصاديا يصل إلى 3 دولارات في الأسواق الناشئة.
كما أن هذا الدعم سيعزز رؤية مصر 2030 التي تستهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65%، مع تقليل فاتورة الاستيراد من خلال تشجيع المنتج المحلي.