كيف أصبح القطاع المصرفي لاعب محوري في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في مصر؟

في إطار السعي الاستراتيجي لتحقيق "رؤية مصر 2030" المتوائمة مع أهداف للأمم المتحدة، يبرز القطاع المصرفي المصري كلاعب محوري في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، في وقت تسعى فيه مصر إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي واحتياجات المستقبل.
دور البنوك في تحقيق التنمية المستدامة
وبدعم من البنك المركزي المصري، تتبنى البنوك المصرية نهجا متقدما يتجاوز الأدوار التقليدية للتمويل، لتصبح شريكا فاعلا في دعم التنمية المستدامة، وتعزيز الشمول المالي، وتمكين المشروعات ذات الأثر البيئي والاجتماعي الإيجابي.
البنوك المصرية والتزامها بمعايير الاستدامة الدولية

تشير التقارير الحديثة - وفقًا لتقييم شبكة التمويل والاستدامة المصرفية (SBFN) - إلى أن القطاع المصرفي المصري يلتزم بنسبة 75% من محفظته الائتمانية بمبادئ التمويل المستدام، وهذا التزام يعكس توجيهات البنك المركزي المصري التي أُصدرت في 2022، والتي دعت إلى دمج المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في عمليات الإقراض والاستثمار.
كما أشادت مبادرة التمويل لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP FI) بتقدم مصر، حيث صنفت التزامها بالمبادئ المصرفية المسؤولة ضمن الأعلى في المنطقة، مما يعزز مكانتها كسوق ناشئة رائدة في هذا مجال الاستدامة المصرفية.
ابتكارات تمويلية تدعم التنمية المستدامة
وفقًا لبيانات اتحاد البنوك المصرية، فإن البنوك المصرية اطلقت، حتى أوائل 2025، أكثر من 24 منتجنا وبرنامجا تمويليا مبتكرا، بمشاركة 31 بنكا، وتستهدف هذه المبادرات قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، كفاءة الموارد، والزراعة المستدامة.
فعلى سبيل المثال، قدمت برامج تمويل مخصصة لصغار المزارعين ورائدات الأعمال، مما ساهم في تعزيز هدف المساواة بين الجنسين، كما دعمت البنوك التحول الرقمي عبر منتجات مالية تسهم في تحقيق هدف الصناعة والابتكار.
السندات الخضراء.. خطوة نحو الريادة
وفي خطوة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أصدرت البنوك المصرية السندات الخضراء السيادية، بقيمة 750 مليون دولار في 2020، لتصبح مصر - آن ذاك - صاحبة الريادة في إصدار السندات الخضراء، وهو الإصدار الأول من نوعه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقًا لتقرير البنك الدولي عن أسواق التمويل الأخضر لعام 2021.
وعلى الصعيد المحلي، تبنى البنك التجاري الدولي هذا النهج بإصدار سندات خضراء بقيمة 100 مليون دولار في 2021، مما يعكس التزام القطاع الخاص بتمويل مشروعات تتصدى لتغير المناخ.
وأكد تقرير "بلومبرج للتمويل المستدام" الصادر في عام 2024، أن هذه الخطوات تدعم هدف الحكومة المصرية لرفع الاستثمارات الخضراء إلى 50% من إجمالي الاستثمارات العامة في العام الجاري 2025.
دور البنك المركزي في تحقيق التنمية المستدامة

يلعب البنك المركزي المصري دورا رئيسيا في توجيه القطاع المصرفي نحو الاستدامة، من خلال إصدار إرشادات الصيرفة المسؤولة بالتعاون مع UNEP FI، والتي اعتمدتها أكثر من 80% من البنوك المصرية بحلول 2024.
كما يعزز البنك الاستقرار المالي عبر مواجهة المخاطر البيئية، وهو ما أشاد به صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير لعام 2025، مشيرًا إلى أن هذه السياسات تدعم تحقيق الاستدامة الاقتصادية في الأمد الطويل.
تحديات تواجه القطاع المصرفي المصري
كشف تقرير صادر عن "ستاندرد آند بورز" في عام 2024 حول الأسواق الناشئة، مواجهة البنوك تحديات عديدة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة- رغم التقدم المحرز - مثل ارتفاع تكاليف التمويل الأخضر وضرورة تعزيز الوعي بأهمية الاستدامة بين العملاء.
ويؤكد التزام البنوك المصرية بمعايير التمويل المستدام، بدعم من المبادرات الدولية مثل UNEP FI وتقييمات SBFN، دورها الحيوي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال ابتكاراتها التمويلية والاستثمارات الخضراء، التي تجعل البنوك المصرية نموذجا يحتذى به في المنطقة، مساهمة في بناء اقتصاد مستدام.