الخميس 06 مارس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
اقتصاد مصر

صوامع الغلال.. مشروعات عملاقة لتأمين غذاء مصر

الأربعاء 05/مارس/2025 - 05:08 م
صوامع الغلال.. مشروعات
صوامع الغلال.. مشروعات عملاقة لتأمين غذاء مصر

تعد صوامع الغلال من الركائز الأساسية في استراتيجية مصر لتحقيق الأمن الغذائي، حيث تلعب دورًا حيويًا في تخزين الحبوب وتقليل الفاقد، مما يساهم في تأمين احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية.

وفي السنوات الأخيرة، نفذت مصر مشاريع ضخمة لإنشاء صوامع حديثة على مستوى الجمهورية، بهدف تعزيز قدرتها التخزينية وتقليل الفاقد الناتج عن التخزين التقليدي.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نسلط الضوء على الجهود المصرية لتأمين غذاء المصريين، وتطوير صوامع الغلال في القطر المصري.

المشروع القومي للصوامع

وفي عام 2022، أطلقت مصر المشروع القومي للصوامع كجزء من خطط الدولة للحفاظ على الغذاء وتأمين المخزون الاستراتيجي منه، وتضمن المشروع إنشاء نحو 50 صومعة بسعة تخزينية تقدر بحوالي 1.5 مليون طن، موزعة على 17 محافظة، وتعمل وفقًا لأحدث نظم التكنولوجيا.

ويهدف هذا المشروع إلى تقليل الفاقد الكمي والنوعي للحبوب الناتج عن التخزين في الشون المفتوحة، والذي كان يصل نسبته إلى 10%.

مشروع صوامع الدلتا الجديدة

وفي إطار تعزيز البنية التحتية للتخزين، نفذ جهاز "مستقبل مصر" المرحلتين الأولى والثانية من صوامع الدلتا الجديدة، وتعد هذه الصوامع جزءًا من المنطقة الصناعية لمشروع الدلتا الجديدة الممتدة على مساحة 1000 فدان، والتي تشمل مصانع للعلف، والبصل والثوم المجففين، والمركزات، والخضار والفواكه المجمدة، والبطاطس النصف مقلية، والسكر، والنشا، والجلوكوز، وغيرها من مشروعات التصنيع الغذائي.

ويستهدف المشروع إنتاجية قدرها 1.5 مليون طن سنويًا، ويوفر سوقًا لوجستيًا على مساحة 550 فدانًا لتداول الحاصلات الزراعية، ليصبح أكبر سوق لوجستي في الشرق الأوسط.

توطين صناعة الصوامع

وتسعى مصر إلى توطين صناعة صوامع تخزين الغلال والحبوب، وذلك من خلال تشجيع الشركات العالمية على إنشاء مصانع محلية.

وعلى سبيل المثال، قامت شركة "فامسون" الصينية، إحدى أكبر شركات صناعة صوامع الغلال في العالم، بإنشاء مصنع في منطقة العين السخنة.

ويهدف المصنع إلى تصنيع الصوامع بنسبة 50% لتلبية احتياجات المشروع في مصر والشرق الأوسط، بنسبة مكون محلي 80%، في حين يسهم ذلك في تخفيف الضغط على العملات الأجنبية وتأهيل الكوادر الفنية الوطنية المتخصصة في مجال إنتاج مكونات الصوامع.

الميكنة والتحول الرقمي

وتتجه مصر نحو التحول الرقمي وميكنة الصوامع كجزء من حوكمة منظومة القمح وضبط إيقاعها، حيث يهدف نظام الميكنة إلى تحديد حجم الوارد والصادر والمنصرف دون تدخل العنصر البشري، مما يجعل المعلومات أكثر دقة وإحكامًا.

وتشمل المنظومة الرقمية عملية التخزين بدءًا من دخول السيارات المحملة بالأقماح حتى إتمام عملية التفريغ، مرورًا بالفرز والميزان، بمتابعة من القائمين على غرفة التحكم إلكترونيًا من مقر الشركة القابضة.

ويهدف هذا التحول إلى ضبط عملية التوريد والتخزين ويحكمها بقدر لا يسمح بأي تلاعب أو هدر.

صوامع الغلال

دور صوامع الغلال في تحقيق الأمن الغذائي

وتعد الصوامع الحديثة ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي في مصر، حيث تساهم في زيادة المخزون من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة والفول والفاصولياء، في حين تسهم هذه الصوامع في تقليل الفاقد من الحبوب، والحفاظ على جودتها، وضمان توافرها للمستهلكين بأسعار مناسبة.

كما تمكن الدولة من شراء الحبوب في الوقت المناسب وتخزينها بكفاءة، مما يعزز من قدرتها على مواجهة التقلبات في الأسواق العالمية وضمان استقرار الإمدادات الغذائية.

التوسع في الرقعة الزراعية

وبالإضافة إلى تعزيز القدرات التخزينية، تعمل مصر على زيادة مساحة الرقعة الزراعية كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الأمن الغذائي، حيث تشمل هذه الجهود التوسع الأفقي من خلال إضافة أراضٍ جديدة في ضوء الموارد المتاحة، والتوسع الرأسي من خلال استنباط أصناف عالية الإنتاجية وتطبيق ممارسات زراعية حديثة والتوسع في الزراعات المحمية.

وتتضمن المشروعات القومية في هذا الإطار مشروع الدلتا الجديدة العملاق بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية جنوب الوادي "توشكى الخير" بمساحة 1.1 مليون فدان، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان، ومشروع تنمية الريف المصري الجديد بمساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى مشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادي الجديد بمساحة 650 ألف فدان.

التحديات التي تواجه منظومة التخزين

ورغم التقدم المحرز في إنشاء الصوامع الحديثة، تواجه منظومة التخزين في مصر بعض التحديات، من بينها ارتفاع تكاليف إنشاء الصوامع، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية اللوجستية لنقل الحبوب من الموانئ إلى مناطق التخزين، فضلاً عن الحاجة إلى تعزيز كفاءة تشغيل وإدارة هذه الصوامع لضمان الاستغلال الأمثل لقدراتها.

وتعمل الحكومة المصرية بالتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية على إيجاد حلول لهذه التحديات، عبر تعزيز الاستثمارات في قطاع التخزين، وإدخال تقنيات جديدة لتحسين إدارة الصوامع، إضافة إلى التوسع في شبكات النقل والبنية التحتية الداعمة.

وتمضي مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية عبر خطط طموحة لزيادة الإنتاج المحلي وتحسين قدرات التخزين، ومن المتوقع أن تستمر الدولة في إنشاء المزيد من الصوامع الحديثة، إلى جانب تحديث الصوامع القديمة لتتماشى مع المعايير العالمية.

كما تسعى الحكومة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية للاستفادة من أحدث التقنيات في مجال التخزين والإدارة الرقمية، مما يسهم في تحسين كفاءة تخزين الحبوب، وتقليل الفاقد، وضمان استدامة الأمن الغذائي.

وفي ظل هذه الجهود، ينتظر أن تحقق مصر طفرة نوعية في منظومة تخزين الغلال، مما يعزز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية وضمان استقرار الإمدادات الغذائية للمواطنين.