مصر تسابق الزمن لتصبح مركزا إقليميا لصناعة الدواء.. ماذا فعلت حتى الآن؟

تعد صناعة الأدوية في مصر من القطاعات الحيوية التي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلية والدولية، حيث تتمتع مصر بقدرات كبيرة في هذا المجال، وتعتبر أكبر منتج للأدوية في أفريقيا والشرق الأوسط، بقيمة سوقية تتجاوز 62 مليار دولار، وصادرات تقدر بحوالي 400 مليون دولار.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الجهود المصرية لتطوير قطاع الأدوية كي تصبح مركزًا إقليميًا لصناعة الدواء.
جهود الحكومة في تعزيز صناعة الأدوية
وتولي الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتطوير قطاع الأدوية، حيث أكد رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، على الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها صناعة الأدوية في مصر، مشيرًا إلى أن قدرات التصدير في هذا القطاع جيدة.
كما أشار إلى أن الحكومة تعمل جنبًا إلى جنب مع القطاع الخاص لتذليل أي عقبات تواجه الصناعة، بهدف دعم هذه الصناعة المهمة وزيادة التصدير.
توطين صناعة المواد الخام الدوائية
وتستورد مصر نحو 90% من المواد الخام المستخدمة في إنتاج الأدوية، مما يجعلها عرضة لتقلبات السوق العالمية، ولمعالجة هذا التحدي، أطلقت الحكومة مبادرات لتوطين صناعة المواد الخام الدوائية.
وفي هذا السياق، شهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة توقيع بروتوكول لإنشاء مصنع متعدد الأغراض للمواد الخام الدوائية في مصر في بداية العام الجاري، بهدف ضمان استقرار إمدادات الأدوية وتعزيز الصناعة المحلية.
مدينة الدواء.. نقلة نوعية في التصنيع الدوائي
وفي إطار سعيها لتوطين صناعة الدواء، أطلقت مصر مشروع "مدينة الدواء" في منطقة الخانكة بمحافظة القليوبية.
ويهدف المشروع إلى إنتاج مجموعة من المواد الفعالة للمضادات الحيوية لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، وتطبيق معايير التصنيع الجيد (GMP)، والتوسع في زيادة إنتاج المواد الفعالة بشركة النصر للكيماويات الدوائية التابعة للشركة القابضة للأدوية.

إنجازات هيئة الدواء المصرية في 2024
وخلال عام 2024، حققت هيئة الدواء المصرية العديد من الإنجازات لتعزيز قدرات مصر في تصنيع الأدوية، حيث سجلت 8051 إخطار تسجيل متنوع للمستحضرات (البشرية، البيطرية، التجميل، العشبية)، وإصدار 5575 شهادة تصدير، وإدراج 84 مادة خام، وذلك في ضوء دعم وتوطين صناعة الدواء.
كما أصدرت الهيئة 266 موافقة تصديرية بنظام التصنيع بغرض التصدير لـ 23 شركة مصرية إلى 49 دولة حول العالم.
تأثير هذه الخطوات على الاقتصاد المصري
ويمثل تعزيز صناعة الدواء في مصر فرصة ذهبية لدعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الصادرات وخلق فرص عمل جديدة في القطاع.
وتأتي هذه المبادرات ضمن استراتيجية الدولة لتعظيم الصناعات الحيوية، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030، كما أن التوسع في إنتاج الأدوية محليًا من شأنه أن يقلل من الضغط على العملة الصعبة، نظرًا لانخفاض الحاجة إلى الاستيراد، مما يدعم استقرار الاقتصاد المصري.
التحديات والفرص المستقبلية
ورغم التقدم الملحوظ، تواجه صناعة الأدوية في مصر تحديات، أبرزها الاعتماد الكبير على استيراد المواد الخام، وللتغلب على ذلك، تعمل الحكومة على توفير حوافز استثمارية وإعفاءات ضريبية للشركات متعددة الجنسيات التي تمتلك التكنولوجيا وحقوق الملكية الفكرية لمعظم المنتجات الطبية المتطورة حال تصنيع منتجاتها في المصانع المصرية.
كما تسعى مصر إلى نقل التكنولوجيا من الدول الآسيوية الصاعدة بقوة في هذا المجال، لتعزيز قدراتها التنافسية في السوق الأفريقية.
وتظهر مصر التزامًا قويًا بتعزيز قدراتها في صناعة الأدوية، من خلال مبادرات توطين المواد الخام، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، ومع استمرار هذه الجهود، تبدو مصر على مسار ثابت نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأدوية، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي لصناعة الدواء في أفريقيا والشرق الأوسط.