الخميس 27 فبراير 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
اقتصاد مصر

بفضل البنية التحتية القوية.. كيف أصبحت مصر قبلة المستثمرين الدوليين؟

الخميس 27/فبراير/2025 - 12:34 م
بفضل البنية التحتية
بفضل البنية التحتية القوية.. كيف أصبحت مصر قبلة المستثمرين؟

في عالم يتسابق فيه المستثمرون نحو الأسواق الأكثر استقرارًا وجاذبية، برزت مصر خلال العقد الأخير كواحدة من الوجهات الاستثمارية الأكثر إغراءً على مستوى المنطقة، ولم يكن هذا التحول مجرد صدفة أو نتاج عوامل عابرة، بل هو ثمرة رؤية طموحة نفذتها الدولة المصرية عبر خطة شاملة لتطوير البنية التحتية، جعلتها أكثر قدرة على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.

واليوم أصبحت الطرق الممتدة، المدن الحديثة، والموانئ المتطورة، ليست فقط شرايين تنقل الحياة والاقتصاد، بل أدوات حاسمة في جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نسلط الضوء على دور البنية التحتية المحدثة والمطورة في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر.

طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية

ومنذ عام 2014، أطلقت الحكومة المصرية حزمة من المشروعات العملاقة التي أعادت رسم خريطة البنية التحتية في البلاد، وكان أبرز هذه المشروعات "العاصمة الإدارية الجديدة" التي تمتد على مساحة 170 ألف فدان وتضم مرافق حكومية، مناطق تجارية، وأحياء سكنية متطورة، مما جعلها مركزًا عالميًا للأعمال والاستثمار.

ولم تتوقف جهود التطوير عند العاصمة الجديدة، بل شملت شبكة الطرق القومية التي أضافت أكثر من 7,000 كيلومتر من الطرق الحديثة، مما جعل مصر تحتل المرتبة 28 عالميًا في جودة الطرق وفقًا لتقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

وهذا التطور ساهم في تقليص زمن النقل وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية، مما عزز ثقة المستثمرين في سهولة وسرعة حركة البضائع.

أرقام قياسية في تدفقات الاستثمار الأجنبي

وترجمت هذه المشروعات الضخمة إلى أرقام لافتة على مستوى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، حققت مصر تدفقات استثمارية أجنبية مباشرة بلغت 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2022/2023، وكانت أعلى قيمة تسجلها البلاد منذ سنوات.

وكان مشروع تطوير منطقة "رأس الحكمة" على ساحل البحر المتوسط أحد أبرز عوامل جذب الاستثمارات الضخمة، حيث استقطب استثمارات إماراتية بقيمة 35 مليار دولار، ونتيجة لذلك، ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 46.1 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، مما عزز مكانة مصر كوجهة استثمارية رئيسية في إفريقيا والشرق الأوسط.

تطوير البنية التحتية في مصر

مشروعات استراتيجية تعزز جاذبية مصر

وعلاوة على مشروعات النقل والطرق، ركزت مصر على تطوير قطاع الطاقة، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة، فقد وقعت الحكومة المصرية اتفاقيات مع مستثمرين دوليين لتنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر بقيمة تتجاوز 12 مليار دولار.

وهذه المشروعات لم تعزز فقط الاستدامة البيئية، بل فتحت أيضًا أبوابًا جديدة للاستثمار في قطاع يتوقع أن يكون أحد محركات الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب.

كذلك، شهدت مصر توسعًا في تطوير الموانئ والمناطق اللوجستية، مثل ميناء "العين السخنة" وميناء "شرق بورسعيد"، مما جعلها مركزًا محوريًا للتجارة الدولية في منطقة البحر الأحمر والمتوسط.

وهذه المشروعات مكنت مصر من تعزيز موقعها كمركز عالمي للشحن والنقل، ما أدى إلى جذب شركات عالمية للاستثمار في الخدمات اللوجستية.

إصلاحات هيكلية لتحفيز الاستثمار

ولم يقتصر التحفيز الاستثماري على تطوير البنية التحتية فقط، بل واكبته إصلاحات هيكلية لتحسين مناخ الأعمال.

وتضمنت هذه الإصلاحات تسهيل إجراءات تأسيس الشركات، توسيع نطاق منح "الرخصة الذهبية" للمشروعات الاستراتيجية، وتقليص القيود على الاستيراد، مما جعل البيئة الاستثمارية أكثر شفافية ومرونة.

وفي نوفمبر 2024، أعلنت مؤسسات مالية دولية عن ضخ 890 مليون دولار لدعم القطاع الخاص في مصر، وتركزت هذه الاستثمارات على مشروعات البنية التحتية والتمويل الأخضر، مما يعكس الثقة الدولية المتزايدة في الاقتصاد المصري.

التحديات والآفاق المستقبلية

رغم الإنجازات الكبرى، لا تزال هناك تحديات تتعلق بضرورة مواصلة تطوير البنية التحتية لمواكبة النمو السكاني المتزايد وتحقيق الاستدامة، حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية لضمان استمرارية هذا الزخم التنموي.

كما تعكف الدولة على تنفيذ مشروعات مستقبلية مثل "المثلث الذهبي" الذي يستهدف تحويل منطقة جنوب شرق مصر إلى مركز للتعدين والصناعات الثقيلة، و"مدينة العلمين الجديدة" التي يتم تطويرها كوجهة سياحية واستثمارية عالمية.

ونجحت مصر خلال العقد الأخير في تحويل بنيتها التحتية إلى أداة استراتيجية لجذب الاستثمارات، مما انعكس في تدفقات مالية قياسية ومشروعات عملاقة غيرت ملامح الاقتصاد الوطني.

ومع استمرار الدولة في تنفيذ مشروعات طموحة وإصلاحات هيكلية، يبدو أن مستقبل الاستثمار في مصر واعد ومليء بالفرص، في حين أن هذه الطفرة في البنية التحتية ليست مجرد تطوير عمراني، بل هي ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة لتعزيز النمو الاقتصادي وجعل مصر مركزًا إقليميًا وعالميًا للاستثمار والتجارة.