سياسات ترامب الجمركية تهدد العالم.. كيف ستؤثر على الاقتصاد المصري وسعر الجنيه؟
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على الساحة الاقتصادية العالمية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته فرض تعريفة جمركية جديدة تهدف إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد الأمريكي وتقليص العجز التجاري مع عدد من الدول.
ورغم أن هذا القرار يركز بالأساس على حماية الصناعة الأمريكية، إلا أن تأثيراته الاقتصادية تتجاوز الحدود لتطال الأسواق العالمية، وسيكون من بينها الاقتصاد المصري.
وفي ظل ترابط الأسواق العالمية، يبرز التساؤل حول تداعيات هذه التعريفة على أسعار السلع المستوردة، وضعف الجنيه المصري أمام الدولار، ومدى قدرة الاقتصاد المحلي على استيعاب هذه التغيرات في خضم بيئة اقتصادية دولية شديدة التعقيد.
تأثير السياسات الجمركية الأمريكية عالميًا
وأوضح الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن السياسات الاقتصادية التي ينوي ترامب اتباعها، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية جديدة، تحمل تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي، لكنها تستهدف بشكل أساسي الصين، باعتبارها أكبر اقتصاد مصدر إلى الولايات المتحدة، تليها الهند.
وأشار في تصريحات خاصة لـ "بانكير"، إلى أن الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات هو تقليل الفجوة التجارية بين الولايات المتحدة وهذه الدول في ظل الصراع الاقتصادي المتصاعد.
وأكد الدكتور البهواشي أن تأثير هذه السياسات على الاقتصاد المصري سيكون محدودًا، نظرًا لأن صادرات مصر إلى الولايات المتحدة ليست كبيرة بما يكفي لتكون عرضة لتأثير مباشر من هذه التعريفات.
وأضاف أن مصر تبقى بعيدة نسبيًا عن دائرة الاستهداف المباشر لهذه الإجراءات، التي تتركز في الأساس على الاقتصادات الكبرى.
سعر الدولار أمام الجنيه المصري
وعن تأثير فكرة التعريفات الجمركية على سعر الدولار أمام الجنيه المصري، أوضح البهواشي أن القضية تنقسم إلى شقين، الشق الداخلي الذي يتعلق بالسياسات النقدية المصرية، مثل معدلات الفائدة وسوق الصرف، مشيرًا إلى استقرار السوق نسبيًا بعد موجة من الارتفاعات في سعر الدولار خلال الأيام الماضية في البنوك.
وتحدث عن الشق الثاني العالمي، والذي يرتبط بتأثير الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، مؤكدًا أن تعزيز هذه الهيمنة قد يرفع سعر الدولار عالميًا، مما يؤثر على قيمته أمام الجنيه المصري.
تهديدات ترامب وتأثيرها على الاقتصاد المصري
من جهته، عبر الخبير الاقتصادي وائل النحاس عن قلقه من عودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن سياساته الاقتصادية قد تشعل حربًا تجارية عالمية جديدة.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "بانكير"، أن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على أعضاء مجموعة "البريكس"، التي انضمت إليها مصر مؤخرًا، يمثل خطرًا مباشرًا على الاقتصاد المحلي.
وأشار النحاس إلى أن السوق الأمريكي يمثل ما بين 30% و40% من صادرات مصر، وأن فرض تعريفات جمركية جديدة سيؤدي إلى انخفاض تنافسية الشركات المصرية، ما ينعكس سلبًا على الإنتاج المحلي، ويرفع معدلات التضخم.
كما حذر من صعوبة استعادة الجنيه المصري لقيمته في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار العالمي.
مخاوف اقتصادية عالمية
واختتم الخبراء حديثهم بالإشارة إلى حالة الترقب العالمية لقرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة ومعدل التضخم، مؤكدين أن السياسات الجمركية التي يتبناها ترامب قد تفضي إلى تضخم عالمي جديد وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، مما يزيد من الضغط على الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الاقتصاد المصري.
وفي ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة، تبقى قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة محطة اختبار لقدرة الاقتصاد العالمي بشكل عام، والمصري بشكل خاص، على التعامل مع التحديات الخارجية.
ورغم محدودية التأثير المباشر لهذه السياسات على مصر، إلا أن انعكاساتها غير المباشرة قد تلقي بظلالها على أسواق الصرف وسلاسل التوريد، ومن هنا يصبح لزاماً على صناع القرار الاقتصادي في مصر تعزيز استراتيجيات التنويع الاقتصادي، ودعم الصادرات، وترسيخ الاستقرار النقدي لمواجهة أي تداعيات محتملة.
وبهذا تبدو التأثيرات المحتملة لسياسات ترامب الاقتصادية شديدة التعقيد، ما يتطلب من مصر استراتيجيات اقتصادية فعالة لمواجهة التحديات العالمية الجديدة وضمان استقرارها الاقتصادي المحلي.