تعافي الاقتصاد أم تدهوره.. ماذا تعني موافقة صندوق النقد على المراجعة الرابعة لمصر؟
أعلن صندوق النقد الدولي عن التوصل إلى اتفاق مع مصر على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج التسهيل الممدد، وهو ما يمهد الطريق للحصول على نحو 1.2 مليار دولار عقب موافقة مجلس إدارة الصندوق.
وأوضح الصندوق في بيان له اليوم الأربعاء أن السلطات المصرية استمرت في تنفيذ السياسات الأساسية التي تهدف إلى الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، رغم التوترات الإقليمية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط، والتي أثرت بشكل ملحوظ على إيرادات قناة السويس.
تفاصيل اتفاق مصر وصندوق النقد الدولي
وفيما يتعلق بالأهداف المالية، أشار الصندوق إلى طلب السلطات المصرية تعديل أهدافها المالية على المدى المتوسط في ضوء التحديات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، ومن المتوقع أن يصل الفائض الأولي للميزانية (باستثناء عائدات التخارج من الشركات الحكومية) إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025-2026، ويزيد إلى 5% في السنة المالية 2026-2027.
وأكد الصندوق أن هذا التعديل يهدف إلى تحقيق توازن بين ضمان الاستدامة المالية وتوفير المزيد من الدعم للبرامج الاجتماعية، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الانضباط المالي لخفض تكاليف الدين وتعزيز الاستقرار المالي.
وشدد الصندوق على أهمية استمرار جهود ضبط المالية العامة لضمان استدامة الدين وخفض تكاليف الفائدة المرتفعة، مع التركيز على احتواء المخاطر المالية المرتبطة بالشركات الحكومية في قطاع الطاقة، وتطبيق حدود صارمة على الإنفاق الحكومي، بما في ذلك النفقات الرأسمالية المتعلقة بالكيانات العامة التي تعمل خارج الموازنة العامة.
إشادة بالنظام الضريبي
من جهة أخرى، أشاد الصندوق بخطط السلطات المصرية لتبسيط النظام الضريبي، مشيرًا إلى أهمية تبني مزيد من الإصلاحات لتعزيز الإيرادات المحلية.
كما أثنى على التزام مصر بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى زيادة نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% خلال العامين المقبلين، مع التركيز على إلغاء الإعفاءات الضريبية بدلاً من زيادة معدلات الضرائب.
وأكد الصندوق أن هذه الإصلاحات ضرورية لإعادة بناء هوامش الأمان المالي لمصر، مما سيسهم في خفض مخاطر الدين وتوفير مساحة إضافية للإنفاق الاجتماعي، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
وفيما يتعلق بتحسين بيئة الأعمال، اتفق خبراء الصندوق والسلطات المصرية على ضرورة تسريع الإصلاحات لتقليص دور الحكومة في الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو.
وأكد الجانبان على الحاجة إلى تعزيز تكافؤ الفرص وزيادة ثقة القطاع الخاص لجذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير الإمكانات الاقتصادية لمصر.
ضرورة استمرار سعر الصرف المرن
وبالنسبة لبرنامج التخارج من الشركات الحكومية، أكد الصندوق على أهمية تسريع هذه الخطوة في ضوء التحديات الاقتصادية العالمية، وأوضحت السلطات المصرية التزامها بتكثيف الجهود في هذا المجال لدعم نمو القطاع الخاص وتقليل عبء الدين.
وفيما يتعلق بسعر الصرف، جدد البنك المركزي التزامه بالحفاظ على نظام سعر الصرف المرن لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية، مع استمرار السياسات النقدية المتشددة لخفض الضغوط التضخمية.
كما أكد الصندوق على أهمية تعزيز مرونة القطاع المالي وممارسات الحوكمة وزيادة المنافسة في القطاع المصرفي كأولوية رئيسية.
دلالات موافقة صندوق النقد على المراجعة الرابعة لمصر
ومن بعد هذا الإتفاق، تدور في الأذهان العديد من التساؤلات حول مستقبل الاقتصاد المصري ، ماذا بعد إعلان صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مع مصر على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة؟.. وكيف تستفيد مصر من الحصول على نحو 1.2 مليار؟.. وهل تنتهي أزمة سعر الصرف في مصر ويستعيد الجنيه عافيته؟
"بانكير" سوف يقدم لكم إجابة عن هذه التساؤلات، من خلال طرحها على خبراء اقتصاد مصريين، ويستعرض توقعاتهم للأوضاع الاقتصادية في مصر بحلول عام 2052.
تعافي الاقتصاد المصري في 2025
"الاقتصاد المصري سيتعافى في 2025".. هذا ما أكده الخبير الاقتصادي أحمد خطاب قائلا: "موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر 1.2 مليار دولار تمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري، وستنعكس بشكل إيجابي على المؤشرات الاقتصادية من خلال جذب استثمارات دولية مباشرة خلال الفترة المقبلة".
وأضاف خطاب، في تصريحات خاصة لـ"بانكير": "رجال الأعمال والمستثمرون حول العالم يثقون في تقييمات صندوق النقد الدولي، وعندما يمنح الصندوق مصر دفعة قرض جديدة، فهذا يعكس أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح وأن ميزانيتها قادرة على جذب الاستثمارات الدولية".
تدفق الاستثمارات على مصر
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أهمية استثمار هذا المبلغ في إقامة مشروعات تعزز من ربحية الاقتصاد الوطني وتدعم النمو المستدام.
وتوقع خطاب تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر في عام 2025، نتيجة التحول العالمي من مرحلة الانغلاق التجاري والركود الناجمين عن الحرب الروسية-الأوكرانية، إلى مرحلة الانفتاح التجاري التي ستحدث بعد انتهاء الحرب. كما توقع أن يسهم إنهاء الصراعات في غزة وسوريا ولبنان في تعزيز الاستقرار الإقليمي، ما سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد المصري.
وفيما يتعلق بزيادة الموارد المالية، أكد خطاب أن الحكومة المصرية تسعى لزيادة مواردها الاستثمارية عبر الانفتاح الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي عزز العلاقات الاستراتيجية مع دول مثل الصين والنرويج والدنمارك وفنلندا، وعمل خلال زيارته الأخيرة إلى أوروبا على زيادة حجم التبادل التجاري مع دول القارة الأوروبية.
زيادة الصادرات المصرية في 2025
و لفت إلى أن الحكومة المصرية أطلقت مؤخرًا خط الرورو الملاحي لنقل الحاصلات الزراعية بين مصر وإيطاليا، مما سيسهم في تعزيز حجم الصادرات المصرية إلى إيطاليا، ودعم استقرار الأوضاع الاقتصادية داخل مصر.
شهاده ثقة
وفي السياق ذاته، قال محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، إن موافقة صندوق النقد الدولي على المراجعة الرابعة تمثل خطوة مهمة للغاية وشهادة ثقة للاقتصاد المصري بشكل عام، مما يبعث برسالة إيجابية إلى المستثمرين حول العالم بأن الاقتصاد المصري قوي وبدأ يتعافى، ويوفر بيئة آمنة للمستثمرين.
وأضاف البهواشي، في تصريحات خاصة لـ"بانكير": "الدفعة الرابعة، التي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار، تُعد دعمًا مناسبًا للغاية لدعم سياسات الدولة وجهودها في تعزيز الحصيلة الدولارية".
سد الفجوات الدولارية
وأشار إلى أن هذه الدفعة ستمنح صانع القرار مرونة في اتخاذ قرارات مهمة خلال الفترة المقبلة، سواء فيما يتعلق بسعر الفائدة أو سعر الصرف الأجنبي، وستساعد في سد أي فجوات دولارية محتملة.
وأوضح البهواشي أن هذه الدفعة، بجانب مصادر الدخل الأخرى، ستعزز من استقرار سوق النقد خلال الفترة المقبلة، وستساهم في إنهاء أزمة نقص الدولار في السوق المصري، مما سيترك أثرًا إيجابيًا على استقرار سعر الصرف مستقبلاً.