الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

سقف الديون الأمريكية.. أزمة حافة الهاوية هل تبتعد عن السيناريوهات الكارثية؟

الأحد 28/مايو/2023 - 10:16 م
سقف الدين الامريكي
سقف الدين الامريكي

تكررت كثيراً عبارة "سقف الديون" خلال الفترة الأخيرة فى أسواق المال العالمية، حيث الأزمة السياسية المثارة حالياً فى الولايات المتحدة حول رفع سقف الديون للحكومة الأمريكية قبل التخلف عن الالتزامات المستحقة فى الأول من يونيو المقبل.

وعندما تسمع عبارة "سقف الديون" قد تشعر بالتقشف والتقييد، وتعتقد أن هناك حداً أقصى للإنفاق الحكومي يمنع تجاوزه، لكن في الواقع، يؤثر هذا السقف الأعلى للديون الحكومية الأمريكية فقط على القدرة على تسديد التزامات قائمة، وليس من أجل الموافقة على بنود جديدة للإنفاق الحكومي.

وقد تتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها إذا لم يتم حل الأزمة سياسياً ،وهو حدث قد يهدد بضرر مالي شديد للأسر الأمريكية والاقتصاد بشكل عام ، كما يحذر الخبراء.

ولتجنب هذه النتيجة، يحاول المشرعون خلال الفترة الحالية إيجاد طريق للمضي قدماً لرفع أو تعليق سقف الديون، مما سيمكن الولايات المتحدة من دفع فواتيرها في الوقت المحدد.

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" الأسبوع الماضي ، إن الفشل فى رفع سقف الديون سيكون أمراً غير مسبوق ،ستدخل البلاد اقتصادياً فى منطقة مجهولة ،والعواقب على الاقتصاد الأمريكي ستكون غير مؤكدة إلى حد كبير وقد تكون مكروهة تماماً.

ما هو سقف الديون؟

سقف الديون هو مقدار المال المصرح لوزارة الخزانة الأمريكية باقتراضه لدفع فواتير والتزامات الدولة.

وعلى سبيل المثال وليس الحصر، تشمل هذه الالتزامات مزايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، واستردادات الضرائب، ورواتب العسكريين، ومدفوعات الفوائد على الديون الوطنية المستحقة.

ويبلغ السقف الحالي للديون الأمريكية حوالي 31.4 تريليون دولار امريكي وإذا وصلت الديون إلى هذا الحد، فقد يتعذر على الحكومة الأمريكية سداد التزاماتها المالية.

سقف الديون تاريخياً

بدأت فكرة وضع سقف الديون في الولايات المتحدة في عام 1917، وذلك لتسهيل تمويل الحرب العالمية الأولى من خلال جمع السندات المختلفة، وقد ساعد هذا الإجراء في تخفيف العبء عن عاتق الكونجرس بشأن الموافقة على كل سند على حدة.

مع اقتراب الحرب العالمية الثانية في 1939، قرر الكونجرس إنشاء أول سقف للدين العام ومنح وزارة الخزانة سلطة واسعة بشأن السندات التي ستصدرها. ويتيح رفع السقف للحكومة الأمريكية الاقتراض لتغطية الفجوة بين الإنفاق والضرائب التي وافق عليها الكونغرس بالفعل.

ما أهمية سقف الديون ؟
 

قال كبير الاقتصاديين فى شركة بانكريت " مارك هامريك" على عكس العديد من الأسر، تعتمد الحكومة على الديون لتمويل التزاماتها ،ومثل العديد من الأسر ، الحكومة ليس لديها دخل كاف لتمويل نفقاتها.

ووفقاً لمجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، لن يكون سقف الديون مشكلة إذا تجاوزت عائدات الولايات المتحدة " أي عائدات الضرائب" تكاليفها. لكن الولايات المتحدة لم تحقق فائضاً سنوياً منذ عام 2001، واقترضت لتمويل العمليات الحكومية كل عام منذ ذلك الحين.

لماذا يعتبر سقف الديون مشكلة الآن؟

تملك الحكومة الأمريكية من الوقت حتى نهاية أيار/مايو لحل أزمة رفع سقف الديون ،ولتجنب تعثر السداد ،استخدمت الإدارة الأمريكية الحالية بعض الإجراءات الاستثنائية منذ منتصف يناير الماضي، مثل وقف المساهمات المنتظمة لصندوق تقاعد الموظفين الفيدرالي ،ولكن مع استنفاد هذه الإجراءات، يصبح الأمر أكثر صعوبة.

وفى حال نفاد الوقت ولم تجد الحكومة الأمريكية المال الكافي لسداد الالتزامات المطلوبة ،فقد تتخلف الولايات المتحدة لأول مرة عن سداد ديونها ،خاصة سداد مستحقات المستثمروين الذين يحملون سندات الخزانة الأمريكية 
قال كبير الاقتصاديين فى موديز أناليتكس " مارك زاندي" نحتاج إلى انتهاء الدراما السياسية المثارة حالياً حول سقف الديون فى أسرع وقت ممكن ،وإذا لم يحدث ،فسندخل فى ركود.

وأوضح زاندي ،أن هذا الخطر يأتي فى الوقت الذي يستعد فيه الاقتصاد الأمريكي بالفعل لركود محتمل على مدى 12 إلى 18 شهراً ، بسبب امتصاصه لأسعار فائدة المرتفعة والأزمة المصرفية التي لا تزال موجودة فى البلاد.

ما هي مخاطر التخلف عن السداد ؟
 

سوف يواجه الكثير من الأفراد والكيانات التي تستلم دفعات مالية من الحكومة الأمريكية إجراءات صارمة ومحدودة، حيث ستزداد الضغوط عليهم، على الأقل لفترة مؤقتة.

وسينتج عن التخلف في سداد أموال حاملي السندات عدة آثار متعاقبة، حيث ستخفض وكالات التصنيف الائتماني تصنيف ديون الحكومة الأمريكية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للحكومة والشركات والأسر.

يتوقع اقتصاديون ،تراجع الاقتصاد الأمريكي بسرعة كبيرة ،حيث يعتمد حجم الخسائر على طول فترة التخلف عن السداد ، ومن المرجح أن يؤدي التعثر الممتد إلى أضرار جسيمة للاقتصاد، مع تراجع نمو الوظائف من وتيرته الحالية، وتحوله من تحقيق زيادات قوية إلى تراجع يصل إلى الملايين.

من يريد رفع سقف الديون؟
 

يتفق القادة السياسيون في الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة على ضرورة رفع سقف الديون، وذلك نظراً للفجوة الكبيرة بين الإنفاق الحكومي والإيرادات ، ومع ذلك، يريد الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلس النواب الجمع بين زيادة سقف الديون وخفض الإنفاق.

حيث يلومون الرئيس جو بايدن على زيادة الإنفاق خلال العامين الأولين من حكمه، ويرون أنه من الضروري تخفيض العجز المالي على مدى 10 سنوات بمقدار 4.8 تريليون دولار، مقابل رفع سقف الديون بمقدار 1.5 تريليون دولار فقط وأقر الجمهوريين فى مجلس النواب قانون بذلك فى 26 أبريل الماضي.

وفي رده على هذا القانون، صرح رئيس مجلس النواب" كيفين مكارثي" بأنه يعتبر عرضاً أولياً صمم خصيصاً للتوصل إلى صفقة مشروطة مع الرئيس بايدن.

ويأتي هذا في الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الأمريكي على أن رفع سقف الديون غير قابل للتفاوض، ولا ينبغي أن يرتبط بأي إجراء آخر. ومع ذلك، فإن القانون الذي أقره مجلس النواب يحظى بفرصة ضئيلة لتمريره في مجلس الشيوخ، الذي يتحكم فيه الديمقراطيون.

قالت وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" يجب على الكونجرس الأمريكي رفع سقف الديون، نظراً لأن تعثر الولايات المتحدة عن السداد قد يؤدي لكارثة مالية واقتصادية ،وحذرت من أن التخلف الحكومة الأمريكية عن سداد الديون سيهدد الانتعاش الاقتصادي للبلاد، بالإضافة لتزيد الشكوك في جدية الأمن القومي الأمريكي بجميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى ركود عالمي.

تأثير الأزمة المحتمل على المستهلكين والمستثمرين؟

1-الفوائد الفيدرالية المجمدة
 

إذا لم يكن لدى الحكومة الأمريكية ما يكفي من النقود لسداد فواتيرها والتزاماتها ، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو السيناريو الذي تعطي فيه الأولوية لسداد مدفوعات الديون لحاملي السندات ، مما يعني أن المستفيدين الآخرين من الأموال الفيدرالية سيحصلون على دفعة متأخرة.

وسيؤثر ذلك على عشرات الملايين من الأسر الأمريكية ، الذين لن يحصلوا على مزايا فيدرالية معينة ، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية ، والمساعدات الفيدرالية المتعلقة بالتغذية والمحاربين القدامى والإسكان .

قال كبير الاقتصاديين فى موديز أناليتكس " مارك زاندي" في البداية ، قد تأتي الدفعات يوماً متأخراً أو أكثر من يوم ، لكن التأخير قد يطول كلما لم يتم التوصل إلى اتفاق.


2-ركود اقتصادي مع انقطاع الوظائف
 

في هذا السيناريو ، سيكون لدى الأسر نقود أقل لتضخها في الاقتصاد الأمريكي ، ويبدو أن الركود "لا مفر منه" في ظل هذه الظروف ، كما قال الخبير الاقتصادي هامريك.

وقال زاندي إن التخلف عن السداد ، أو حتى التهديد به ، سيؤثر على الأسواق المالية ويقوض الثقة بين المستهلكين والمستثمرين والشركات ، مما يتسبب في تراجع الإنفاق والتوظيف ، وستؤثر تلك الفوضى على الاقتصاد الأمريكي.

إذا كان هناك عجز قصير عن السداد ،قد تتخلي الولايات المتحدة عن 500 ألف وظيفة ،وعليه سيترفع معدل البطالة بمقدار 0.3% خلال الربع الثالث من هذا العام.
وقالت وكالة أوروبية ،أن تلك الارقام ضد تتضخم إذا كان هنام أزمة ديون أطول فى الولايات المتحدة ،وهو ما قد يؤدي إلى فقدان أكثر من 8 مليون وظيفة وارتفاع خمس نقاط فى معدل البطالة الأمريكية.

3-ارتفاع تكاليف الاقتراض
 

ينظر المستثمرون بشكل عام إلى سندات الخزانة الأمريكية والدولار الأمريكي كملاذ آمن ،حاملو السندات واثقون من أن الولايات المتحدة ستعيد أموالهم مع الفائدة في الوقت المحدد.

وقال الخبير الاقتصادي مارك زاندي ،من المقدس في النظام المالي الأمريكي أن تكون ديون الخزانة الأمريكية خالية من المخاطر.
وإذا لم يعد الأمر كذلك ، فمن المرجح أن تخفض وكالات التصنيف الائتماني للدولة من الدرجة الأولى ، وسيطلب المستثمرون معدلات فائدة أعلى بكثير على سندات الخزانة للتعويض عن المخاطر الإضافية.

وسترتفع تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين ، لأن أسعار الفائدة على الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات وأنواع أخرى من ديون المستهلكين مرتبطة بالتحركات في سوق الخزانة الأمريكية ،وستدفع الشركات أيضاً أسعار فائدة أعلى على قروضها.

4-التقلبات الشديدة في سوق الأسهم

بالطبع ، هذا بافتراض أن الشركات والمستهلكين يمكنهم الحصول على الائتمان ، قال الخبير الاقتصادي "هامريك" إنه قد تكون هناك أيضاً أزمة مالية حادة إذا كانت الحكومة الأمريكية غير قادرة على إصدار سندات خزانة إضافية ، والتي تعد عنصراً أساسياً في النظام المالي.

وتقول وكالات اقتصادية ،إن تخلف الولايات المتحدة عن السداد سوف يرسل موجات صادمة من خلال الأسواق المالية العالمية ومن المرجح أن يتسبب في تجميد أسواق الائتمان في جميع أنحاء العالم وانهيار أسواق الأسهم.