الأحد 13 أبريل 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

السعر التحوطي.. فتنة تجار الصاغة للتلاعب في أسعار الذهب

الثلاثاء 08/أبريل/2025 - 02:16 م
السعر التحوطي.. فتنة
السعر التحوطي.. فتنة تجار الصاغة للتلاعب في أسعار الذهب

في ظل التقلبات الاقتصادية التي تشهدها الأسواق المحلية والعالمية، يبرز مصطلح "السعر التحوطي" كأحد أبرز المفاهيم التي تثير الجدل في سوق الذهب المصري.

وهذا المصطلح، الذي يفترض أن يكون أداة للحماية من مخاطر التذبذب في الأسعار، تحول في يد بعض تجار الصاغة إلى وسيلة للتلاعب والمضاربة، مما أثار استياء المستهلكين ودفع الخبراء للتحذير من "فتنة" تهدد استقرار السوق.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نسلط الضوء على مفهوم "السعر التحوطي" وكيف يستخدمه التجار للتلاعب في أسعار الذهب.

ما هو السعر التحوطي؟

السعر التحوطي، في الأصل، هو استراتيجية مالية تُستخدم لحماية المستثمرين من التقلبات الحادة في أسعار السلع، بما في ذلك الذهب، حيث يعتمد هذا المفهوم على تثبيت سعر معين لفترة محددة، بغض النظر عن التغيرات في السوق العالمي أو سعر الصرف.

ولكن في مصر، يبدو أن هذا المبدأ أسيء استخدامه، حيث بات يستغل كغطاء لرفع الأسعار المحلية بشكل مصطنع، بعيدًا عن المعايير الاقتصادية المنطقية.

تلاعب تجار الصاغة: واقع أم اتهام؟

وتشير تقارير حديثة إلى أن بعض تجار الذهب في مصر، خاصة في منطقة الصاغة بالقاهرة، استغلوا فكرة السعر التحوطي لتبرير رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.

وفي واقعة شهيرة في ديسمبر 2022، على سبيل المثال، أوقفت منصة "آي صاغة" نشر أسعار الذهب المحلية مؤقتًا، بعد أن تجاوز سعر جرام الذهب عيار 21 حاجز 1800 جنيه، رغم استقرار سعر الأوقية عالميًا عند 1797 دولارًا.

وأشار سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، حينها، إلى وجود "تلاعب فج" تحت ذريعة العرض والطلب، مما أدى إلى انفصال الأسعار المحلية عن نظيرتها العالمية.

سوق الذهب المصري

وفي حادثة أخرى، أثارت زيادة تصل إلى 400 جنيه كـ"أوفر برايس" على سعر الجنيه الذهب في سبتمبر 2022 غضب شعبة الذهب، التي وصفت الأمر بأنه "ممارسات غير عادلة" من بعض التجار لاستغلال الإقبال المتزايد.

وهذه الحوادث تكررت على مر السنوات، مما دفع البعض للتساؤل: هل أصبح السعر التحوطي أداة للمضاربة بدلاً من الحماية؟.

تداعيات على المستهلك والسوق

والمتضرر الأكبر من هذه الممارسات هو المواطن العادي، الذي يعتمد على الذهب كملاذ آمن للادخار أو كهدية تقليدية في المناسبات، فمع ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، يجد الكثيرون أنفسهم عاجزين عن الشراء، بينما يعاني السوق من حالة فوضى وعدم استقرار.

وفي يناير 2024، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على ثلاثة من كبار تجار الذهب الخام في الصاغة، في إطار تحقيقات تتعلق بـ"تعطيش السوق" والتلاعب بالأسعار، مما يكشف حجم الأزمة.

الحلول المقترحة

ويرى الخبراء أن غياب الشفافية في بيانات العرض والطلب هو أحد أسباب تفاقم المشكلة، حيث يؤكدون أن "التلاعب في الأسعار" لن ينتهي إلا بضبط السوق وضخ كميات كافية من الذهب الخام.

كما يجب تدخل الأجهزة الرقابية لفرض أسعار عادلة تتماشى مع السوق العالمي وسعر الصرف الرسمي، حيث أن استمرار التلاعب قد يقوض ثقة المواطنين في الذهب كاستثمار آمن.

والسعر التحوطي، الذي كان يفترض أن يكون درعًا ضد التقلبات، تحول في يد بعض تجار الصاغة إلى سلاح للتلاعب بأسعار الذهب، مما أشعل فتنة تهدد استقرار السوق المحلي.

ومع استمرار الجدل، يبقى السؤال: هل ستتمكن الجهات المعنية من وضع حد لهذه الممارسات، أم أن "فتنة الذهب" ستظل تلقي بظلالها على أحلام المصريين في الاستثمار الآمن؟.