بنوك أوربا في خطر كبير..تعثر القروض العقارية ينذر بكارثة
توقع تقرير صادر عن خدمة "بلومبيرج" إنتليجانس للتحليلات الاقتصادية أن نحو ربع أرباح البنوك الأوروبية قد تتبدد إذا انخفضت قيمة قروضها العقارية التجارية 5 في المائة.
وأشارت وكالة "بلومبيرج" للأنباء إلى أن هذا التقرير يبرز المعاناة المحتملة، التي ستواجه القطاع المالي مع تزايد مخاطر تعثر المقترضين في سداد ديونهم نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال التقرير الذي أعده المحللان توماستس نيوتسل وفيليب ريتشاردز إن بنوك شمال أوروبا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا هي الأشد عرضة لهذه المخاطر، حيث إن إجمالي القروض العقارية المعرضة لخطر تراجع قيمتها لدى أكبر 20 بنكا أوروبيا يبلغ نحو 550 مليار يورو.
وأضاف أن ارتفاع أسعار الفائدة ومعدل التضخم في أوروبا مع تراجع النشاط الاقتصادي جعل قروض القطاع العقاري خطرا كبيرا بالنسبة لميزانية البنوك، في الوقت الذي يقيم فيه المستثمرون مصدر المخاطر المحتملة المقبلة.
وتعد العقارات التجارية بشكل خاص الأشد عرضة للخطر مع تزايد الاعتماد على أنظمة العمل من المنزل بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، وهو ما أدى إلى تراجع الطلب على العقارات الأقدم والموجودة في مواقع سيئة. وتعد العقارات في شمال أوروبا في مقدمة عملية تصحيح الأسعار، نظرا لأن أصحاب العقارات كانوا يستخدمون قروضا قصيرة الأجل نسبيا.
وبحسب بيانات الهيئة المصرفية الأوروبية، فإن إجمالي القروض العقارية التجارية لدى البنوك الأوروبية يبلغ نحو 1.4 تريليون يورو بما يعادل 6.4 في المائة من إجمالي قروض هذه الأسواق.
يأتي ذلك في وقت يواصل فيه التضخم انخفاضه في أوروبا بسبب استقرار أسعار الطاقة، لكن ببلوغه 6.9 في المائة في آذار (مارس) تبقى الأسعار مرتفعة وتتسارع زيادتها بالنسبة للمواد الغذائية.
وما زالت معركة إعادة التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف البالغ 2 في المائة تبدو طويلة بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي الذي يتوقع أن يواصل رفع أسعار الفائدة.
ويكمن الخطر في إمكانية أن يؤدي ذلك إلى كبح الاقتصاد بقوة مع الحد من الإقراض، وإلى زعزعة استقرار القطاع المصرفي بعد إفلاس البنك الأمريكي "إس في بي" وإنقاذ "كريدي سويس".
انخفض التضخم السنوي في منطقة اليورو في مارس للشهر الخامس على التوالي، بنسبة أكبر مما كان يتوقعه خبراء استطلعت آراءهم وكالتا "فاكتست" و"بلومبيرج" وقدروا ذلك بـ7.1 في المائة في المتوسط بعد 8.5 في المائة في شباط (فبراير).
وكان ارتفاع أسعار الاستهلاك الذي نشره المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات) بلغ مستوى قياسيا في تشرين الأول (أكتوبر) يتمثل بـ10.6 في المائة بعد عام ونصف العام من الارتفاع المتواصل الذي تسارع بسبب الحرب في أوكرانيا.
وجاء التحسن في مارس مدفوعا بشكل أساسي بانخفاض طفيف في أسعار الطاقة عن المستويات المرتفعة جدا، التي وصلت إليها قبل عام بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وانخفضت أسعار الطاقة (الوقود والكهرباء والغاز وغيرها) 0.9 في المائة خلال عام واحد، في أول تراجع لها منذ عام. واستمر ارتفاعها 13.7 في المائة في فبراير. وبلغت الزيادة في هذا القطاع ذروتها في أكتوبر مع قفزة 41.5 في المائة.
لكن الأخبار السيئة تأتي من أسعار المواد الغذائية التي تسارع ارتفاعها إلى 15.4 في المائة في مارس مقابل 15 في المائة في فبراير.
وبعد تصحيحه حسب تقلب أسعار الطاقة والغذاء، ارتفع ما يسمى بالتضخم "الأساسي" الأكثر تمثيلا للاتجاهات طويلة الأجل، مرة أخرى إلى 5.7 في المائة في فبراير وهو مستوى قياسي أعلى بكثير من سقف التضخم البالغ 2 في المائة الذي حدده البنك المركزي الأوروبي.
ويتوقع هذا الخبير استمرار انخفاض أسعار الطاقة في الأشهر المقبلة، فضلا عن تباطؤ ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتضخم العام في منطقة اليورو. لكنه قلق من زيادات محتملة في الأجور يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات في أجواء سوق العمل السيئة.
وأعلن مكتب الإحصاء الأوروبي أمس استقرار معدل البطالة في فبراير عند 6.6 في المائة من السكان العاملين وهو أدنى مستوى تاريخي له في الدول العشرين التي تتبنى العملة الواحدة.
رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسة بمقدار 3.5 نقطة مئوية منذ يوليو، ولا ينوي التوقف عند هذا الحد على الرغم من الاضطرابات الأخيرة التي أثرت على القطاع المصرفي وتوقعات النمو الضعيفة جدا لهذا العام.
وفي فرنسا، أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الفرنسي "آنسي" الصادرة أمس استمرار تراجع معدل تضخم أسعار المنتجين (الجملة) خلال فبراير الماضي، رغم استمرار ارتفاعه بشكل عام نتيجة ارتفاع أسعار منتجات الصناعات الاستخراجية.
وبلغ معدل تضخم أسعار الجملة خلال فبراير 15.7 في المائة مقابل 17.6 في المائة خلال يناير.
وارتفعت أسعار الجملة لمنتجات الصناعات الاستخراجية والطاقة والمياه 27.6 في المائة سنويا خلال الشهر الماضي مقابل 28.8 في المائة خلال الشهر السابق.