تسلسل زمني لتاريخ العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولي.. وقصة أول قرض حصلت مصر عليه
منذ مساء الجمعة وحتى هذه اللحظة، لا حديث للمصرين المتخصص منهم وغير المتخصص وأيا كانت الفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، عن قرار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي باجتماعه، بحصول مصر على قرض بقيمة 3 مليارات دولار متضمنا برنامج يمتد لـ 46 شهرا، على أن تكون الشريحة الأولى منه قيمتها 750 مليون دولار وتحصل عليها مصر الأسبوع المقبل.
وهذا القرار قد أعقب مجموعة من القرارات التي اتخذها البنك المركزي المصري إجراءات كان أهمها رفع اسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس وإعطاء الجنيه المصري المزيد من المرونة ليخضع لآليات العرض والطلب، وهو ما حدث بالفعل في نهاية أكتوبر الماضي، أي قبل قرابة شهرين من قرار الصندوق وتقديم الشرحة الأولى من القرض، في وقت كانت جماعة المشككين تحاول بث السموم في نفوس المصريين والترويج لأخبار تدعي بأن الصندوق لن يعطي مصر هذا القرض ولن يمرره بدون المزيد من التحرير لسعر صرف الجنيه، وهذا لم يحدث في حقيقة الأمر.
وفقا لبعض الخبراء الذي صرحوا بأن صندوق النقد الدولي لم يتعنت في شروطه تجاه مصر في برنامج التمويل الأخير، مرجعا ذلك إلى التاريخ الطويل والممتد بين مصر والصندوق منذ أول يوم لعضوية مصر به في أربعينات القرن الماضي، ماهو التسلسل الزمني لهذه العلاقات؟ وماصة أول قرض حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولي؟
متى كانت عضوية مصر في صندوق النقد الدولي؟
انضمت مصر لصندوق النقد الدولي في العام 1945 وتحديد في نهاية هذا العام، ومنذ هذا التاريخ بدأ الاحتكاك المباشر بين الطرفين، وفي خمسينات القرن الماضي كانت محاولات مصرالأولى للحصول على قرض تمويل لبناء السد العالي ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، وأقر الصندوق حينذاك أن الرفض يأتي لاعتبارات سياسية واجتماعية ولكن الحقيقة كانت تقف وراء علاقات مصر بالاتحاد السوفيتي في تلك الفترة التي كانت فيها الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة في أوجها، فلم يسمح الصندوق بتسهيل الحصول على القرض.
أول قرض من صندوق النقد الدولي
وفي شهر مايو عام 1962 وقعت مصر على الاتفاق الأول مع الصندوق والمفاوضات تم تجميدها لعدة سنوات، حتى رحيل الرئيس جمال عبد الناصر وعادت المفاوضات لتستكمل في فترة حكم الرئيس السادات، ومن أجل تجاوز مشاكل العجز في ميزان المدفوعات وقعت مصر على برنامج التثبيت الاقتصادي مع الصندوق في الفترة بين 1977-1981، وحصلت مصر على تسهيلات بمبلغ 1.21 مليار دولار ولكن هذه التسهيلات ولدت نوع جديد من الديون وبلغت نسبة العجز التجاري إلى الناتج المحلي 10.2% وارتفع معدل الدين إلى 39.8% وهو أعلى معدل معدل تصل إليه، وهذا زايد من اعتماد مصر على القروض الخارجية والحلول الخاصة بآجال السداد للعديد من القروض الطويلة والمتوسطة، وكان عام 1977 هو ما شهد اقتراض مصر لأول مرة من الخارج.
سلسلة من الاقتراضات
هذه المحاولة التي أجرتها الحكومة المصرية في عام 1977 لحل مشكلة المدفوعات وزيادة التضخم التي نتجت كتداعيات اقتصادية واجتماعية لحرب السادس من أكتوبر، خلفت ورائها سلسلة من القروض الأخرى امتدت من هذا التاريخ وهذا لحظة كتابة هذا الموضوع، ففي عامي 991-1993 اقترضت مصر للمرة الثانية من الصدنوق في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وكان مبلغ 375 مليون دولر لسد عجز الميزان التجاري.
وفي عامي 1996 -1998 حاولت مصراقتراض مبلغ 434.4 مليون دولار ولكن تم إلغاؤه ولم تعلن الحكومة حينها سبب الإلغاء، وبعد ذلك تم إلغاء 50% من الديون المستحقة لمصر لدى دول نادي باريس.
تداعيات ثورة 25 يناير 2011
في عام 2011 وبعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير وتولي المجلس العسكري شئون الحكم، تقدمت الحكومة بطلب للحصول على قرض، وفي عهد محمد مرسي طلبت مصر الحصول على قرض مرتين، وتمت زيادة القرض من 3.2 إلى 4.7 مليار لتنفيذ العديد من الإصلاحات ولكن تم تعليق المفاوضات.
برنامج عام 2016
تقدمت مصر في عام 2016 بطلب الحصول على قرض، وأطلقت برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كانت أبرز قاراته تحرير سعر الصرف في نوفمبر من نفس العام، وكانت مدة البرنامج 3 سنوات، وتم صرف الشريحة الأخيرة من القرض في يونيو 2021 بصرف 1.7 مليار جولار من إجمالي القرض الذي تصل قيمته 5.4 مليار دولار.
20 مليار دولار في آخر 5 سنوات
وبعد صرف الشريحة الخيرة، بلغت قيمة إجمالي ما حصلت عليه مصر من الصندوق 20.2 مليار دولار في آخر 5 سنوات، هذا من خلال الحصول على 3 قروض مختلفة منها قرض التسهيل الائتماني 12 مليار دولار على ست شرائح على مدار ثلاث سنوات، بالتزامن مع برنامج الإصلاح الاقتصادي، والقيمة الباقية تمثلت في قرضين أحدهما مساعدات بقيمة 2.77 مليار جولار لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، والآخر برنامج الاستعداد الائتماني لمدة عام وشمل 3 شرائح بإجمالي قيمة 5.4 مليار دولار.