الخميس 27 فبراير 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
اقتصاد مصر

فرصة ذهبية للنمو.. كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟

الإثنين 17/فبراير/2025 - 11:18 م
كيف سيتغير المشهد
كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟

في عالم تحكمه الأزمات وتُرسم ملامحه بتقلبات السياسة، لا يمكن فصل الاقتصاد عن الصراعات الجيوسياسية التي تعصف بمناطق مختلفة من العالم، فقد فرضت الحرب في غزة، والتوترات في سوريا ولبنان، والصراع الروسي الأوكراني، واقعًا اقتصاديًا شديد التعقيد، تأثرت به الأسواق العالمية، وألقت بظلالها على مصر باعتبارها نقطة التقاء استراتيجية بين الشرق والغرب.

 

لكن مع بوادر التهدئة الدبلوماسية في بعض هذه المناطق، ومع احتمالات الوصول إلى حلول سياسية لإنهاء تلك النزاعات، تلوح في الأفق تساؤلات محورية: كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟ وما الفرص التي يمكن استثمارها لتحقيق نمو مستدام وسط نظام عالمي جديد؟

قناة السويس.. استعادة الدور العالمي

كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟

ظلت قناة السويس لعقود شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية، إلا أن التوترات الأمنية في البحر الأحمر والتصعيد العسكري في المنطقة فرضا تحديات غير مسبوقة على حركة الملاحة، مما دفع العديد من الشركات للبحث عن طرق بديلة، وهو ما انعكس على إيرادات القناة وأثر على الاقتصاد المصري.

ولكن مع أي تهدئة محتملة، فإن العوائد الاقتصادية قد تتضاعف، حيث ستستعيد القناة دورها المحوري في سلاسل التوريد العالمية، وستعود الثقة إلى الشركات الكبرى لاستخدامها كممر رئيسي لشحنات النفط والغاز والبضائع.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي محمد البهواشي أن الاضطرابات الجيوسياسية الأخيرة كبدت قناة السويس خسائر تقدر بنحو 7 مليارات جنيه بسبب تراجع عدد السفن العابرة، لكنه أكد أن استعادة الأمن الملاحي في البحر الأحمر ستعيد للقناة دورها الحيوي كممر رئيسي لحركة التجارة العالمية.

وتوقع البهواشي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن تشهد القناة انتعاشًا كبيرًا مع عودة خطوط الشحن إلى مسارها الطبيعي، مما يرفع من عائداتها ويعزز مركزها كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية في مصر، ومن ثم زيادة الاحتياطي النقدي وهو ما سيلقى بظلاله على قيمة السلع وانخفاض الأسعار.

طفرة استثمارية متوقعة

لا يقتصر التأثير الإيجابي لانحسار الصراعات على قطاع النقل البحري، بل يمتد ليشمل بيئة الاستثمار بشكل عام، فمع تراجع المخاطر الجيوسياسية، تصبح مصر وجهة أكثر جذبًا لرؤوس الأموال الأجنبية، خاصة في قطاعات النقل واللوجستيات والبنية التحتية.

هذا ما أشار إليه البهواشي مؤكدا أن الاستقرار السياسي والأمني هو أحد العوامل الرئيسية التي يضعها المستثمرون في اعتبارهم عند ضخ استثمارات جديدة، موضحًا أن الفترة المقبلة قد تشهد تدفقًا ملحوظًا لرؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق المصرية، لا سيما مع استمرار الدولة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية الضخمة، التي تعزز من تنافسية مصر الاقتصادية.

انتعاش السياحة وعودة الثقة الدولية

كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟

وأكد البهواشي أن استقرار الأوضاع الإقليمية سيُسهم في تعزيز ثقة السياح الدوليين بمصر، متوقعًا أن تشهد السياحة المصرية انتعاشًا قويًا خلال الفترة المقبلة، خاصة مع التوسع في الترويج للمقاصد السياحية المصرية وتحسين الخدمات الفندقية.

وتابع: "مع تراجع التوترات الجيوسياسية، تجد مصر نفسها أمام فرصة ذهبية لتعزيز نموها الاقتصادي وتحقيق قفزة في القطاعات الحيوية، بدءًا من النقل البحري، مرورًا بالاستثمار الأجنبي، وصولًا إلى السياحة".

واختتم البهواشي تصريحاته قائلا: "مع تحقيق هذه المكاسب يتطلب استغلال اللحظة الراهنة عبر سياسات اقتصادية مرنة، وتكثيف الجهود لتطوير بيئة الأعمال، وضمان استدامة الاستقرار، بما يعزز من مكانة مصر كمركز اقتصادي رائد في المنطقة".

مصر أمام فرصة ذهبية للنمو 

وفي السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي أحمد خطاب أن الاقتصاد المصري يقف على أعتاب مرحلة تحول كبرى بعد انحسار الصراعات الجيوسياسية التي أثرت على الأسواق العالمية خلال السنوات الماضية. 

وقال خطاب، في تصريحات خاصة لـ بانكير"، إن تداعيات الحرب في غزة، والتوترات في سوريا ولبنان، والصراع الروسي الأوكراني، أضعفت حركة التجارة الدولية وأثرت على تدفقات الاستثمار، لكن مع بوادر التهدئة، تلوح في الأفق فرص اقتصادية هائلة يمكن لمصر استغلالها لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

قناة السويس.. تعزيز العائدات

وأشار خطاب إلى أن قناة السويس تأثرت سلبًا خلال الفترة الماضية بسبب التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مما دفع العديد من شركات الشحن إلى البحث عن طرق بديلة، الأمر الذي انعكس على إيرادات القناة.

وأكد أن أي تهدئة في المنطقة ستعيد الثقة لحركة الملاحة الدولية، مما قد يؤدي إلى زيادة العائدات المصرية من رسوم العبور، خاصة في ظل استقرار أسواق الطاقة العالمية بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية.

مصر في قلب المشهد الاستثماري في غزة

كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟

وأشار خطاب إلى أن مرحلة ما بعد الأزمات ستشهد انطلاق مشروعات إعادة الإعمار في غزة وسوريا ولبنان، وربما في أوكرانيا مستقبلًا، وهو ما يمثل فرصة ذهبية للاقتصاد المصري، موضحا أن مصر تمتلك ميزات تنافسية في هذا القطاع، حيث تتمتع بصناعات قوية في مواد البناء مثل الأسمنت والحديد، إلى جانب خبرتها الكبيرة في قطاع المقاولات، مما قد يجعل الشركات المصرية في مقدمة الجهات المشاركة في إعادة الإعمار.

دور أكبر لمصر في أسواق الغاز والكهرباء

وأضاف خطاب أن مصر عززت مكانتها كمركز إقليمي للطاقة خلال السنوات الأخيرة، متوقعًا أن يشهد هذا القطاع مزيدًا من النمو في ظل التغيرات الجيوسياسية، مشيرا إلى أن استقرار الأوضاع في أوروبا بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية قد يزيد من الطلب على الغاز المصري.

وتابع: “مشروعات الربط الكهربائي مع أوروبا وأفريقيا ستوفر لمصر فرصًا جديدة للتوسع في تصدير الكهرباء، خاصة من الطاقة المتجددة”.

السياحة.. وإستعادة النشاط 

وقال خطاب إن السياحة المصرية تأثرت سلبًا بالتوترات الجيوسياسية، حيث تراجعت أعداد السياح الوافدين من بعض الأسواق الرئيسية بسبب حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وأوروبا، مؤكدا أن انتهاء النزاعات وعودة الاستقرار الأمني في المنطقة سيؤدي إلى انتعاش القطاع السياحي.

وتوقع الخبير الاقتصادي تدفق أعداد أكبر من السياح، خاصة من أوروبا، مما يعزز إيرادات الدولة ويدعم القطاعات المرتبطة بالسياحة خلال الفترة المقبلة مع استقرار الأوضاع عالميا.

مصر وجذب رؤوس الأموال

كيف سيتغير المشهد الاقتصادي المصري في مرحلة ما بعد الصراعات؟

وأوضح خطاب أن المستثمرين الدوليين يفضلون البيئات الاقتصادية المستقرة، ومع انحسار الصراعات الجيوسياسية، ستزداد جاذبية السوق المصرية أمام رؤوس الأموال الأجنبية، مؤكدا أن الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها الدولة، إلى جانب مشروعات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا، ستسهم في جذب مزيد من الاستثمارات، مما سيدعم النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة.

واختتم خطاب تصريحاته بالتأكيد على أن انتهاء النزاعات الجيوسياسية ليس مجرد تحول سياسي، بل فرصة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن مصر لديها فرصة ذهبية لتعزيز دورها الإقليمي واستغلال التغيرات العالمية لصالحها، لكنه شدد على ضرورة تبني استراتيجيات اقتصادية ذكية، والتركيز على تطوير القطاعات الإنتاجية، وتحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق نمو مستدام.

ومما لا شك فيه، أن انتهاء النزاعات الجيوسياسية ليس مجرد تحول سياسي، بل هو إعادة تشكيل لخريطة الاقتصاد العالمي، ومصر لديها فرصة ذهبية للعب دور أكثر تأثيرًا في المستقبل، فمع استعادة الاستقرار في المنطقة، وانفتاح الأسواق الجديدة، وبروز فرص إعادة الإعمار والتجارة والطاقة، قد يكون الاقتصاد المصري أمام مرحلة جديدة من النمو والتوسع.