رسوم ترامب الجمركية تستهدف ثغرة يستغلها تجار التجزئة الصينيون
تحمل الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين وكندا والمكسيك ضربة قاسية للتجارة الإلكترونية، إذ يبدو أنه يعتزم إلغاء الإعفاء الجمركي الذي طالما سُمح به للطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار.
تحدد الأوامر التنفيذية لترمب، التي تفرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك، بالإضافة إلى 10% على الصين، أن إعفاء "دي مينيميس" للطرود الصغيرة لم يعد ساريا.
ميزة كبيرة لتجار التجزئة الصينيين
بموجب هذا الإعفاء، كان يمكن للمنتجات التي تقل قيمتها عن هذا الحد دخول الولايات المتحدة دون فرض رسوم جمركية، وهو ما كان ميزة كبيرة لتجار التجزئة الصينيين في التجارة الإلكترونية الذين يرسلون بضائعهم الرخيصة مباشرة إلى المستهلكين الأمريكيين.
لم تتضح الصورة الكاملة للتغييرات على إعفاء "دي مينيميس"، سواء كانت ستنطبق فقط على الرسوم الجمركية الجديدة التي أُعلن عنها يوم السبت، أم ستشمل أيضا التعريفات التجارية السابقة.
المتاجر الإلكترونية الصينية
أشار محامون متخصصون في شؤون التجارة إلى أن صياغة ترمب بشأن تشديد القيود على هذا الإعفاء قد تمتد لتشمل حتى الرسوم الجمركية الحالية المفروضة على الصين وكندا والمكسيك.
بغض النظر عن التفاصيل، فإن التأثير الأكبر لهذا القرار سيقع على الصين، حيث ستتأثر شركات التجزئة الإلكترونية الكبرى مثل "علي بابا"، و"جيه دي دوت كوم"، و"تيمو" المملوكة لشركة "بي دي دي هولدينجز"، و"شي إن" المتخصصة في الأزياء.
ووفقاً لتقديرات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، استورد المستهلكون والشركات الأمريكية بضائع بقيمة تقارب 48 مليار دولار من جميع أنحاء العالم عبر هذه الثغرة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي.
تهديد الميزة التنافسية
الثغرة الكبيرة في إعفاء "دي مينيميس" منحت شركات التجارة الإلكترونية المرتبطة بالصين ميزة تنافسية هائلة على متاجر التجزئة التقليدية وحتى المنصات الإلكترونية مثل "أمازون".
برزت "تيمو" بشكل خاص في السوق الأميركي بفضل تخفيضاتها الكبيرة على مجموعة واسعة من المنتجات، حيث كان المستهلكون مستعدين للانتظار لمدة أسبوع أو أكثر حتى يتم توصيل طلباتهم.
ووفقاً لشركة "إي ماركيتير"، من المتوقع أن تبيع تيمو منتجات بقيمة 30 مليار دولار للمستهلكين الأميركيين هذا العام، ما جعلها بديلاً لمنصات مثل "أمازون" وسلاسل التجزئة مثل "هوبي لوبي"، "بارتي سيتي"، ومتاجر الدولار الواحد.
أظهر المستهلكون استعدادهم للانتظار للحصول على أسعار مخفضة، متجاوزين نموذج التسليم السريع الذي تعتمده "أمازون". وبفضل إرسال الطلبات مباشرة من الصين إلى العملاء الأفراد، تمكنت هذه الشركات من تجنب التعريفات الجمركية عبر الإعفاء المذكور.
في المقابل، تضطر سلاسل التجزئة الكبرى التي تستورد بضائعها بالجملة عبر السفن إلى تحميل تكاليف الرسوم الجمركية على العملاء.
الإيرادات الجمركية
خلال إحاطة صحفية يوم السبت، برر مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية القرار بأن الولايات المتحدة تخسر إيرادات جمركية ضخمة بسبب هذا الإعفاء، كما أنه يُعيق قدرة مسؤولي الجمارك الأمريكيين على ضبط تهريب مادة الفنتانيل القاتلة إلى داخل البلاد. ولم يحدد المسؤول نطاق التعديلات الجديدة على الإعفاء.
تهريب الفنتانيل والمواد الكيميائية
سبق أن حذر مشرعون أمريكيون من أن استغلال هذه الثغرة يسمح بتهريب الفنتانيل والمواد الكيميائية المستخدمة في تصنيعه إلى الولايات المتحدة دون أن تتمكن الجمارك من رصدها.
ثغرة واسعة
تشكل الشحنات الصغيرة منخفضة القيمة أكثر من عُشر الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، وفقاً لأبحاث أجراها اقتصاديون في "نومورا".
بلغ إجمالي عدد الشحنات الداخلة إلى الولايات المتحدة عبر إعفاء "دي مينيميس" 1.4 مليار طرد في السنة المالية 2024، بحسب هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، أي نحو ضعف عدد الشحنات المسجلة في عام 2022. وأسهمت متاجر التجزئة منخفضة الأسعار عبر الإنترنت مثل "تيمو" و"شي إن" بشكل كبير في هذا الارتفاع الهائل في عدد الطرود.
استشعاراً لهذا التغيير المرتقب، بدأت "تيمو" بالفعل في شحن المزيد من المخزون بالجملة إلى الولايات المتحدة ودفع الرسوم الجمركية لتخزينه في مستودعات قريبة من المدن الكبرى، بهدف تقليل فترات التسليم. ورغم أن هذه الاستراتيجية قد تخفف من تأثير إلغاء الإعفاء، إلا أنها ستظل تشكل ضغطاً على نموذج الخصومات الذي تعتمده الشركة.
التأثير على المستهلكين
أميت خانديولوال، وهو أستاذ في كلية جاكسون للشؤون العالمية بجامعة ييل، قال في بيان عبر البريد الإلكتروني: "كانت شحنات (دي مينيميس) ذات أهمية نسبية أكبر للمستهلكين من ذوي الدخل المنخفض، وإلغاء هذا الإعفاء سيضر بهذه الفئة من المشترين أكثر من غيرهم".
ستدخل التعريفات الجديدة التي فرضها ترامب حيز التنفيذ في الساعة 12:01 صباحاً بتوقيت نيويورك يوم الثلاثاء، وذلك كجزء من جهوده لمعاقبة كندا والمكسيك والصين، حيث يرى أن هذه الدول فشلت في وقف تدفق الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة.
