nvidia انفيديا.. هل اقتربت أكبر شركة حوسبة في العام من الانهيار؟
شهدت شركة "إنفيديا"، الرائدة في مجال تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، يومًا تاريخيًا من الخسائر أمس الاثنين، بعد أن تراجعت أسهمها بشكل غير مسبوق وسط مخاوف متزايدة من تنامي قوة المنافسة الصينية.
وقد أثار صعود شركة "ديب سيك" الصينية، الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي قلق المستثمرين في العالك، الأمر الذي أدى إلى دفع إلى هزة قوية في أسواق المال العالمية.
تراجع غير مسبوق في القيمة السوقية لـ "إنفيديا"
وانخفضت أسهم "إنفيديا" بنسبة 17% خلال يوم واحد، لتفقد الشركة نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، وهو التراجع الأكبر على الإطلاق في تاريخها، وتجاوز هذا الانخفاض الرقم القياسي الذي سُجل في سبتمبر الماضي، عندما هبطت أسهم الشركة بنسبة 9%، مما أدى إلى خسارة 279 مليار دولار من قيمتها السوقية آنذاك.
على خلفية هذه الخسائر الضخمة، تراجعت "إنفيديا" إلى المركز الثالث في قائمة أكبر الشركات عالميًا من حيث القيمة السوقية، لتحل خلف "أبل" و"مايكروسوفت"، وقد بلغت القيمة السوقية الحالية للشركة 2.91 تريليون دولار، وهو انخفاض حاد يعكس حجم التأثير السلبي للهبوط الأخير.
الرئيس التنفيذي يخسر مليارات من ثروته
لم تتوقف الخسائر عند حدود الشركة، بل طالت أيضًا ثروة الرئيس التنفيذي، جينسن هوانغ، الذي يُعد واحدًا من أبرز الأسماء في قطاع التكنولوجيا، وفقد انخفضت ثروته الشخصية بمقدار 20.8 مليار دولار في يوم واحد، لتستقر عند 103.6 مليار دولار بعدما كانت 124.4 مليار دولار مع بداية جلسة التداول.
قلق عالمي حول مستقبل إنفيديا
تأتي هذه الخسائر في وقت حساس تواجه فيه شركات التكنولوجيا الكبرى تحديات متعددة، بما في ذلك المنافسة الدولية، وازدياد التقلبات في الأسواق المالية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، ويتساءل المحللون عن قدرة "إنفيديا" على استعادة مكانتها في ظل هذه الظروف المعقدة، خاصة مع تزايد تهديد الشركات الصينية الناشئة التي تسعى لتقويض الهيمنة الأمريكية في قطاع الذكاء الاصطناعي.
تراجع ناسداك بنسبة 3%
وأثر الإعلان عن "DeepSeek" بشكل فوري على أداء كبرى الشركات المدرجة في "ناسداك"، إذ شهدت أسهم شركات مثل "إنفيديا" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" انخفاضات ملحوظة خلال الجلسة.
حيث أنه على إثر ذلك، شهد مؤشر "ناسداك"، الذي يضم أكبر الشركات التكنولوجية الأمريكية، تراجعًا حادًا بنسبة 3% في تداولات أمس الاثنين، نتيجة التأثير الكبير لإطلاق النموذج الجديد للذكاء الاصطناعي من شركة "DeepSeek" الصينية الناشئة، ويعكس هذا الانخفاض حجم القلق الذي يسيطر على الأسواق العالمية مع تنامي قوة المنافسة الآسيوية في قطاع التكنولوجيا المتطور.
ماذا عن "DeepSeek"؟
ففي خطوة غير مسبوقة، كشفت شركة DeepSeek، وهي شركة ناشئة تأسست قبل عام واحد فقط، عن إنجاز تقني مذهل يهدد بتغيير موازين القوى في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا، حيث قدمت الشركة الصينية نموذجا للذكاء الاصطناعي أطلقت عليه اسم R1، وهو نموذج يتمتع بقدرات مشابهة لتلك التي يقدمها نموذج ChatGPT، ولكنه يتميز بتكلفة تقل بشكل كبير عن نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة التي طورتها شركات مثل OpenAI وGoogle وMeta.
وما يجعل إعلان DeepSeek مثيرًا للدهشة هو الكفاءة الاقتصادية التي حققتها، حيث كشفت الشركة الصينية عن انفاقها 5.6 مليون دولار فقط، على قوة الحوسبة اللازمة لتطوير نموذجها الأساسي.
وبالمقارنة، نجد أن الشركات الأمريكية الكبرى تنفق مئات الملايين أو حتى مليارات الدولارات على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وهذا الفارق الكبير في التكلفة يثير تساؤلات حول كفاءة العمليات وتطور التكنولوجيا داخل الشركة الصينية.
قيود أمريكية على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي
الإنجاز الذي حققته DeepSeek يزداد أهمية عند النظر إلى السياق الجيوسياسي، حيث فرضت الولايات المتحدة على مدى سنوات قيودًا صارمة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي عالية الطاقة إلى الصين، مستشهدة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي.
ورغم هذه القيود، تمكنت الشركة من تطوير نموذجها باستخدام رقائق ذات قدرات محدودة مقارنة بتلك التي تعتمد عليها الشركات الأمريكية الكبرى، وهذا الإنجاز يعكس تفوقًا في تصميم البرمجيات وإدارة الموارد، ويُبرز قدرة الشركة على الابتكار في ظل ظروف غير مواتية.
كيف تحدت الصين الهيمنة الغربية على الذكاء الاصطناعي؟
يمثل نموذج R1 تهديدًا حقيقيًا للهيمنة الغربية في قطاع الذكاء الاصطناعي، خاصة وأنه يثبت أن الشركات الناشئة في الصين يمكنها تقديم تقنيات متقدمة بكفاءة مذهلة وتكلفة منخفضة، كما أنه يعزز مكانة الصين كمنافس قوي في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، مما يثير قلق الشركات الأمريكية العملاقة التي استثمرت مبالغ ضخمة للحفاظ على ريادتها في هذا المجال.
وقال خبراء إن ظهور DeepSeek كلاعب جديد في الساحة العالمية يعيد تشكيل خريطة المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، فمع قدرة الشركة على تقديم تقنيات متطورة بتكاليف منخفضة، قد تتغير أولويات الاستثمار والتطوير لدى الشركات الكبرى.
وأضاف الخبراء أن هذا الإنجاز قد يدفع الحكومات إلى إعادة النظر في سياسات تقييد التكنولوجيا، التي يبدو أنها لم تمنع الصين من تحقيق تقدم ملحوظ في مجال الذكاء الإصطناعي.
وأكدوا أن نموذج R1 يمثل بداية فصل جديد في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت الشركات الناشئة قادرة على تحدي عمالقة التكنولوجيا الراسخة، ومع ازدياد أهمية الكفاءة الاقتصادية والابتكار التقني، يبدو أن العالم قد يشهد تحولًا كبيرًا في موازين القوى بين الغرب والشرق في هذا المجال الحيوي.
الصراع الأمريكي الصيني.. لمن تكون الغلبة؟
وفي النهاية، لا يعد الإنجاز الذي حققته DeepSeek مجرد تقدم تقني، بل هو رسالة واضحة مفادها أن الابتكار قد ينبع من أي مكان، وأن المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي ستصبح أكثر شراسة في المستقبل القريب.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة بعد خسارة إنفيديا، هل تستطيع الشركات الأمريكية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي العودة لمكانتها على قمة التكنولوجيا في العالم أم ستنهار امام التقدم التي حققته الشركات الأسيوية الناشئة؟!.. هذا ما قد يكشف عنه الصراع الأمريكي الصيني في الأيام المقبلة.