صناعة المراكب والسفن واليخوت.. مصر تستعيد أمجادها في أعالي البحار
تعتبر صناعة السفن والمراكب واليخوت من أبرز قطاعات الصناعات البحرية التي تعكس تطور الدول ومدى قدرتها على المنافسة العالمية في هذا المجال.
ومصر التي كانت تمتلك تاريخا طويلاً وعريقا في مجال النقل البحري وصناعة السفن، تشهد في الوقت الراهن نهضة كبيرة في هذا القطاع، حيث تسعى لاستعادة مكانتها القديمة في صناعة السفن والمراكب واليخوت، لتصبح مركزا عالميا لهذا النوع من الصناعات.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض القدرات المصرية في صناعة المراكب والسفن واليخوت.
تاريخ طويل في صناعة السفن
وقديمًا، كانت مصر واحدة من أبرز القوى البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، حيث كانت الأساطيل المصرية تمثل جزءًا كبيرًا من التجارة البحرية في المنطقة، وهو ما منح مصر سمعة قوية في هذا المجال.
ومع مرور الزمن، بدأ القطاع يتراجع، لكن في السنوات الأخيرة، عادت مصر لتنهض من جديد وتستعيد أمجادها في صناعة المراكب والسفن.
سفن صيد بتكنولوجيا متطورة
وكشف الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، عن تكليف رئاسي بتنفيذ أعمال بناء 12 سفينة صيد أعالي بحار، لتطوير الأسطول المصري للصيد في أعالي البحار.
وأكد ربيع، أن العمل مستمر لتنفيذ التكليفات الرئاسية الجديدة لبناء السفن بتكنولوجيا متقدمة لتعمل كمنظومة متكاملة لصيد وإنتاج وتغليف الأسماك ضمن جهود تطوير وتحديث أسطول الصيد المصري من خلال طرازين مختلفين.
والطرازين من تصميم مكتب التصميم الأسباني INSE NAVAL ، والطراز الأول منها طراز سفن صيد جر FT طولها 50 مترا، وعرضها 9.75 متر، بعمق 4.9 متر، تحت إشراف هيئة الإشراف الفرنسية BV.
أما الطراز الثاني هو طراز سفن صيد جانبية طولها 50 مترا، وعرضها 10 متر، بغاطس 4.2 متر، تحت إشراف هيئة الإشراف الإيطالية RINA.
تحديث أسطول مصر لأعالي البحار
من جهة أخرى، أعلن الفريق أسامة ربيع، عن خطة لتحديث أسطول السفن المصري، في إطار سعي الحكومة المصرية لتعزيز قدرة الأسطول البحري على المنافسة عالميًا.
وقال ربيع في تصريحات حديثة، إن مصر تعمل على تطوير الأسطول البحري ليكون أكثر تطورًا وقدرة على التعامل مع أكبر السفن العالمية، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستسهم بشكل كبير في تعزيز قدرة مصر على أن تصبح مركزًا عالميًا لصناعة السفن والمراكب.
وأضاف أن مشروع تحديث الأسطول يتضمن إضافة سفن جديدة قادرة على نقل الشحنات الثقيلة والمركبات والمنتجات المختلفة بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
المصانع المصرية لليخوت والمراكب نهضة جديدة
وفي يناير 2024، أعلن عن افتتاح أول مصنع لليخوت في مدينة الغردقة، والذي يعتبر أكبر مصنع في مصر لليخوت والمراكب.
ويقع هذا المصنع في قلب البحر الأحمر، ويعد نقطة تحول في صناعة السفن في مصر، حيث ينتج المصنع أنواعًا مختلفة من اليخوت والمراكب عالية الجودة، حيث أن المصنع قادر على إنتاج 18 وحدة شهريًا، ويخطط لزيادة الإنتاج إلى 50 وحدة شهريًا في المستقبل القريب.
كما تنتج هذه اليخوت بمواصفات الاتحاد الأوروبي، وتعتبر أقل تكلفة من نظيراتها في الأسواق الأوروبية، في حين أن المصنع يستخدم 85% من المواد المصنعة محليًا، مما يعزز من قدرة مصر على التنافس في الأسواق العالمية.
الشركات المصرية في بناء السفن
وتضم مصر مجموعة من الشركات الكبيرة التي لها تاريخ كبير في صناعة السفن، ومن أبرز تلك الشركات:
الشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن (ESRBC)
تأسست عام 1924، وتعد من الشركات الرائدة في بناء وإصلاح السفن في مصر والشرق الأوسط، وتتخصص في بناء جميع أنواع السفن المصنوعة من الحديد أو الألومنيوم، سواء كانت حربية أو تجارية، بإزاحة تصل إلى 800 طن.
كما تقدم خدمات إصلاح لجميع الوحدات البحرية بإزاحة تصل إلى 9000 طن، حيث تتمتع الشركة بقدرات عالية في بناء الوحدات العسكرية والتجارية، بالإضافة إلى تصنيع محاكيات إطفاء الحرائق وتصميم الوحدات البحرية الصغيرة والمتوسطة.
ترسانة الإسكندرية
تعد من أعرق الشركات في مجال بناء السفن التجارية منذ عام 1831، حيث ساهمت بشكل كبير في بناء الأسطول التجاري المصري من مختلف أنواع السفن التجارية، مثل سفن البضائع العامة، البضائع السائبة، والسفن متعددة الأغراض.
كما شاركت في بناء ناقلات المياه والوقود، قاطرات بحرية، صندل نهرية، وعبارات بحرية، حيث تعد ترسانة الإسكندرية من أكبر ترسانات بناء السفن في مصر وأفريقيا.
ترسانة السويس البحرية
تعد من الشركات البارزة في مجال بناء وإصلاح السفن في مصر، حيث تقدم خدمات بناء السفن التجارية والحربية، بالإضافة إلى إصلاح وصيانة السفن، في يحن تتميز بقدرتها على بناء السفن بمختلف الأحجام والأنواع، وتعد من الشركات الرائدة في هذا المجال.
الاستثمار في صناعة السفن
وفي السنوات الأخيرة، أصبح الاستثمار في صناعة السفن واليخوت أحد الأهداف الاستراتيجية لمصر، حيث يعتبر السوق المصري من أكثر الأسواق جذبًا للاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، حيث تقدم الحكومة المصرية العديد من الحوافز لجذب المستثمرين.
كما أن موقع مصر الجغرافي الاستراتيجي، بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، يجعلها نقطة انطلاق مثالية لصناعة السفن والمراكب.
التوجه نحو التصدير وزيادة الطلب على المنتجات المصرية
ويعد التوسع في تصدير اليخوت والسفن المصرية إلى الأسواق العالمية جزءًا من استراتيجية مصر لتعزيز مكانتها في السوق العالمي.
ووفقًا لبيانات من الهيئة المصرية العامة للاستثمار، شهدت صادرات مصر من السفن واليخوت زيادة بنسبة 30% في السنوات الأخيرة.
كما أن هناك طلبًا متزايدًا على اليخوت الفاخرة التي تنتجها المصانع المصرية، خاصةً في أسواق أوروبا وآسيا، حيث يعرف المنتج المصري بجودته العالية وأسعاره التنافسية.
التحديات التي تواجه صناعة السفن واليخوت في مصر
ورغم التقدم الكبير الذي شهدته صناعة السفن والمراكب في مصر، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه هذا القطاع، وأهم هذه التحديات هو التنافس مع الشركات العالمية التي تتمتع بتكنولوجيا متقدمة.
كما أن الصناعة بحاجة إلى تطوير الكوادر البشرية وتوفير التدريب المناسب للعمال والفنيين، ومع ذلك تعد هذه التحديات فرصًا للنمو والابتكار، مما يحفز الحكومة والشركات الخاصة على استثمار المزيد من الأموال والموارد لتطوير هذه الصناعة.
مصر مركزًا عالميًا لصناعة السفن واليخوت
وتعد صناعة السفن واليخوت في مصر واحدة من القطاعات الواعدة التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد المصري.
ومع استمرار الدعم الحكومي لهذا القطاع، يمكن لمصر أن تتحول إلى مركز عالمي لصناعة السفن والمراكب في المستقبل القريب، حيث يتوقع أن يشهد القطاع نموًا كبيرًا في السنوات المقبلة، خاصة مع دخول المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتطوير التكنولوجيا المحلية، وتدريب الكوادر البشرية.
وصناعة السفن والمراكب واليخوت في مصر تشهد تحولاً كبيرًا في السنوات الأخيرة، ويتوقع أن تستمر هذه الصناعة في النمو والتطور لتُصبح مصر واحدة من أكبر مراكز صناعة السفن في العالم.
ومع التوسع في التصنيع المحلي، وتحديث أسطول مصر لأعالي البحار، والتوجه نحو الأسواق العالمية، تقترب مصر من استعادة مكانتها التاريخية في هذا القطاع الحيوي.