انتعاش مشروط.. كيف سيكون حال الجنيه المصري أمام الدولار في 2025؟
وسط أجواء من التفاؤل الحذر، أجمعت المؤسسات المالية الدولية على تحسين توقعاتها لأداء الاقتصاد المصري في 2025، حيث جاءت هذه التوقعات مدفوعة بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة مؤخرًا، والذي بدوره عزز الثقة في قدرة مصر على تجاوز أزمتي النقد الأجنبي والتباطؤ الاقتصادي اللتين شهدتهما البلاد خلال 2022 و2023.
وفي هذا التقرير نستعرض بالتفصيل رؤى المؤسسات المختلفة بشأن النمو الاقتصادي، التضخم، وسعر صرف الجنيه المصري في 2025.
صندوق النقد الدولي: انتعاش مشروط
أفاد صندوق النقد الدولي، أن الاقتصاد المصري سيحقق نموًا بنسبة 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو 2025، مستفيدًا من الإصلاحات الاقتصادية، متوقعا أن يتسارع النمو على المدى المتوسط ليصل إلى 5%، بشرط هدوء الأوضاع الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر خلال النصف الأول من العام.
كما أشار الصندوق إلى انخفاض معدل التضخم إلى 16% بنهاية العام المالي 2024/2025، مع استمرار السياسة النقدية التشددية التي يتبعها البنك المركزي، موضحا أن استقرار سعر الصرف يعتمد على الالتزام بسياسة صرف مرنة وفق الاتفاق مع الصندوق.
وكالة فيتش: نمو مدعوم باستثمارات أجنبية
قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إن الناتج المحلي الإجمالي المصري سيحقق نموًا بنسبة 3.7% في السنة المالية 2025، مشيرة إلى أن هذا التحسن سيعززه زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العام الجاري، وارتفاع وتيرة الاستثمار الأجنبي المباشر.
وفيما يتعلق بالتضخم، توقعت فيتش انخفاضه إلى 12.5% بنهاية السنة المالية 2025، على أن يواصل التراجع إلى 10.6% بحلول يونيو 2026، مدعومًا بتأثيرات سنة الأساس واستقرار سعر الصرف.
ستاندر آند بورز: مفتاح انتعاش الاقتصاد المصري
أكدت وكالة "ستاندر آند بورز" أن الاقتصاد المصري سيستعيد عافيته بمعدل نمو يصل إلى 4.2% خلال الفترة من 2025 إلى 2027، وأرجعت هذا الانتعاش إلى تعديلات سعر الصرف وتخفيف أسعار الفائدة.
وأوضحت أن عوامل مثل زيادة موارد السياحة، تحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة ستكون المحرك الأساسي لتحسن الأداء الاقتصادي.
البنك الدولي: تفاؤل محدود
وقدم البنك الدولي توقعات أقل تفاؤلًا مقارنة بالمؤسسات الأخرى، حيث خفّض تقديراته لنمو الاقتصاد المصري إلى 3.5% خلال العام المالي الحالي، بعدما كانت توقعاته السابقة تشير إلى 4.2%.
وأرجع البنك الدولي انخفاض توقعاته بشأن الاقتصاد المصري، إلى التوترات الجيوسياسية في المنطقة، والتي أثرت سلبًا على إيرادات قناة السويس.
الأوروبي للإعمار والتنمية: تحسن طفيف
رفع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية توقعاته لنمو الاقتصاد المصري لعام 2025 بنسبة 0.1% إلى 4.5%، مدعومًا بتحسن الأداء في قطاعات رئيسية واستقرار الأوضاع النقدية.
جولدمان ساكس: تفاؤل بأداء العملة
توقعت مجموعة جولدمان ساكس أن ينخفض معدل التضخم السنوي في مصر إلى نحو 10% بحلول نهاية 2025، مدفوعًا بتحسن الأوضاع الاقتصادية.
كما أشارت إلى احتمالية ارتفاع قيمة الجنيه المصري في أوائل 2025، مع عودة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية.
ستاندرد تشارترد: استقرار العملة وانخفاض التضخم
أفادت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية لدى بنك "ستاندرد تشارترد"، أن التضخم في مصر قد ينخفض إلى 20% خلال العام 2025، مع تحسن الأوضاع الاقتصادية واستقرار سعر الصرف.
وفرة الدولار واستقرار الجنيه
أجمعت المؤسسات الدولية على أن أزمة النقد الأجنبي في مصر ستشهد انفراجة كبيرة خلال 2025، بفضل تدفقات تمويلية من مؤسسات متعددة، حيث توقعت أن تحصل مصر على تمويلات بقيمة 6 مليارات دولار تشمل:
- 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
- أكثر من مليار دولار من الاتحاد الأوروبي.
- 2 مليار دولار من بنوك إقليمية لدعم الموازنة.
- حزم تمويل من البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية.
تحولات العاملين بالخارج
وتوقع البنك المركزي المصري أن تشهد تحويلات العاملين بالخارج زيادة بنسبة 45.3% خلال عام 2025، لتصل إلى 23.7 مليار دولار، مقارنة بـ 16.3 مليار دولار في العام السابق، وذلك بعد القضاء على السوق الموازية لصرف الدولار.
التوقعات المستقبلية لقيمة الجنيه في 2025
وتوقع خبراء مصرفيون أن سعر الدولار قد يتراوح بين 50 و52 جنيهًا خلال النصف الأول من العام 2025، شريطة استقرار بعض العوامل الاقتصادية الأساسية.
وأكد الخبراء أن حركة سعر الدولار مقابل الجنيه خلال النصف الأول من العام الحالي، تعتمد بشكل أساسي على حجم تدفقات النقد الأجنبي وحجم الالتزامات المالية المستحقة على مصر في هذه الفترة.
وأضافوا أن هذه العوامل تشمل تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وجذب مستثمرين أجانب جدد للاستثمار في أدوات الدين المحلي، بالإضافة إلى استقرار الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
تحديات والآفاق
رغم هذه التوقعات الإيجابية، يظل تحقيقها مشروطًا بتحسن البيئة الإقليمية وتنفيذ سياسات اقتصادية صارمة تدعم النمو المستدام، ومع ذلك، فإن التفاؤل المشترك بين المؤسسات الدولية يعكس ثقة كبيرة في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي واستعادة توازنه خلال السنوات المقبلة، وهو ما يأمل المصريون أن يستشعروه بداية من العام الجاري.