الجنون يسيطر على أسعار البرتقال..ارتفاع أقوى من الذهب!
في الوقت الذي يعاني فيه النفط ويتقلب فيه الذهب وتخسر فيه الفضة مستويات هامة، لا صوت يعلو فوق صوت مُركز عصير البرتقال والكاكاو والقهوة والمطاط في أسواق السلع. حيث ارتفع سعر عصير البرتقال USD/Lbs من 207 في يناير 2023 إلى 422 دولارًا الآن. وارتفع السعر بأكثر من 30% منذ بداية 2024.
وحسب البيانات ارتفعت أسعار الكاكاو في الـ 12 شهرًا الماضيين بـ 124.14% لتكون الأكثر صعودًا بين السلع ويليها القهوة بزيادة 47.6% على أساس سنوي والبرتقال بزيادة 40.8% على أساس سنوي. وفيما يلي نقوم باستكشاف أسباب الارتفاع العنيف في أسعار مركز عصير البرتقال.
أزمات في طريق البرتقال
تواجه صناعة إنتاج البرتقال في الولايات المتحدة تحديات كبيرة بسبب الأحداث الجوية المتطرفة، ومرض غير قابل للعلاج، والضغوط الاقتصادية، مما أدى إلى انخفاض حاد في الإنتاج وارتفاع كبير في الأسعار للمستهلكين. ووفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، يخسر مزارعو الحمضيات ملايين الدولارات كل عام أثناء محاولتهم للحفاظ على محاصيلهم.
أحد أخطر التهديدات التي تواجه هذه الصناعة هو مرض "التبقع الأسود"، وهو مرض نباتي مدمر وغير قابل للعلاج حتى الآن. وقد أسهم هذا المرض في انخفاض كبير في إنتاج البرتقال، خاصة في ولاية فلوريدا. ففي عام 1998، كانت فلوريدا تحتوي على أكثر من 658,000 فدان من بساتين البرتقال، لكن بحلول عام 2023، انخفض هذا الرقم إلى ما يزيد قليلاً عن 303,000 فدان، مما يعني انخفاضاً بنسبة تزيد عن 50% في غضون 25 عاماً.
وقد انعكس هذا التراجع على السوق، حيث ارتفعت أسعار عقود عصير البرتقال الآجلة إلى مستويات قياسية. فمنذ بداية عام 2024، زادت أسعار عصير البرتقال بنسبة 32.14%، مما يعكس النقص الشديد في العرض. وفي مايو 2024، وصلت أسعار عصير البرتقال إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق حيث بلغت 495.28 دولار أمريكي للرطل، وفقاً للبيانات المستمدة من العقود الآجلة التي تتبع السوق القياسي لهذه السلعة.
وأشار دانييل مونش، الخبير الاقتصادي في اتحاد المزارعين الأمريكيين، إلى خطورة الوضع، قائلاً إن صناعة الحمضيات في الولايات المتحدة تعيش "وضعاً حرجاً للغاية في الوقت الحالي." وأوضح أن عدم قدرة العرض على تلبية الطلب يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين، مما يزيد من التحديات الاقتصادية التي يواجهها كل من المزارعين والمشترين.
هذا الوضع يبرز هشاشة الزراعة في الولايات المتحدة، حيث إن التحديات البيئية والأمراض تهدد بشكل متزايد بقاء المحاصيل الأساسية. ومع استمرار مرض التبقع الأسود في القضاء على البساتين واستمرار أنماط الطقس المتطرفة، يبقى مستقبل إنتاج البرتقال في الولايات المتحدة غير مؤكد، مع احتمال أن تكون لهذه التحديات تأثيرات كبيرة على السوق والمستهلكين على حد سواء.
ومثل العديد من الزيادات في أسعار المواد الغذائية، يمكن إرجاع هذه الزيادة إلى النقص في الإمدادات أيضًا.
هل الولايات المتحدة وحدها التي تعاني؟
ولا ترتكز الأزمة في الولايات المتحدة فقط، فالبرازيل، التي تعد المنتج الرئيسي للبرتقال في العالم، تعاني من نقص حاد في محصول البرتقال. ووفقاً لدراسة 2024-2025 التي أجرتها Fundecitrus، وهي جمعية بحثية برازيلية تضم مزارعي الحمضيات والمصنعين، من المتوقع أن تنخفض محاصيل البرتقال في الموسم القادم إلى مستويات منخفضة قياسية. ولم يكن هذا فقط، فقد ذكرت وزارة الزراعة الأمريكية في توقعاتها لشهر مايو أن الإنتاج في فلوريدا – التي تعتبر المنتج الرئيسي للبرتقال في الولايات المتحدة – انخفض بنسبة 5%.
وتشير تقارير Fundecitrus إلى أن المناطق الرئيسية لإنتاج البرتقال في سان باولو وميناس جيرايس من المتوقع أن تحصد 232.4 مليون صندوق من البرتقال هذا العام، وهو ما يمثل انخفاضاً يقارب 25% عن الدورة السابقة، وسيكون ثاني أصغر حصاد منذ عام 1988-1989.
وليس البرتقال هو المنتج الوحيد الذي يشهد نقصاً في العرض. فهناك سلع أخرى مثل القهوة، والكاكاو شهدت أيضاً نقصاً في الإنتاج بسبب الظروف الجوية القاسية في البلدان الرئيسية المنتجة لها. وقدمت أورييون كولون-راموس، الأستاذة المساعدة في التغذية والصحة العالمية بجامعة جورج واشنطن، بعض الرؤى حول كيف يمكن أن تكون أسعار المواد الغذائية وسيلة ملموسة للحديث عن التغير المناخي.
وقالت في مقابلة مع "أكسيوس": "الناس يتساءلون باستمرار لماذا لم تنخفض الأسعار، وهناك مليون تفسير لذلك". وأضافت: "لكن هناك أسباب مدفونة تتعلق بتغير أنماط الطقس والفيضانات التي تؤثر على إنتاج المحاصيل."