امتى التعويم.. الإجابة النهائية للاختبار الصعب للبنك المركزي المصري
خلال الشهور القليلة الماضية عانى الاقتصاد المصري من فترة عصيبة وطالت الأزمة كل من يمشي على رجلين وأيضا من يمشي على أربع .. الكل يترقب القرارات الحكومية لحلحلة الموقف لكن لا جديد .. أزمات وراء أزمات فصاروخ الأسعار لا يستطيع أحد إيقافه واختفت السلع الاستراتيجية من الأسواق أبرزها السكر .. كل ذلك يحدث والمواطن البسيط لم يجد من يحنوا عليه ولم ينقذه أحد من الاحتراق بنار ارتفاع الأسعار.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الحكومة الحالية جزءا من الأزمة فقراراتها المتأخرة كثيرا والغائبة أكثر جعلت الأزمة تتفاقم .. كل ذلك والقطاع المصرفي المصري خاصة البنك المركزي يقف كالوتد في ظهر الدولة والقيادة السياسية ويحمل على عاتقه هم النهوض بالاقتصاد الوطني من كبوته.
لشهور عديدة اتخذ البنك المركزي المصري بقيادة حسن عبدالله العديد من القرارات لمحاربة التضخم الذي تخطي 41% ونجح المركزي في النزول به إلى أقل من 30% فضلا عن توفير السيولة الدولارية للإفراج عن الغذاء والدواء من الموانئ.
خلال ما يقرب من 24 شهرا يقف البنك المركزي ورجال القطاع المصرفي على جبهة الحفاظ على استقرار الدولة وتوفير التمويلات اللازمة للمشروعات الداخلية لضمان استمرار دوران عجلة الإنتاج وإعادة بناء الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي تخطى 35 مليار دولار فضلا عن القضاء على السوق الموازية للدولار واستعادة ثقة المصريين بالخارج لعودة التحويلات المالية بقوة كسابق عهدها.
ووافقت الحكومة على عن صفقة استثمارية بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة لتطوير منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي.
ويشير هذا إلى حقبة جديدة من التنشيط الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي الذي يمكن أن يكون بمثابة نموذج في تحديات النقد الأجنبي والاستثمار.
ويمثل الاتفاق المبرم مع شركة أبو ظبي القابضة للتنمية ADQ، أحد صناديق الاستثمار السيادية الرائدة في أبو ظبي، علامة فارقة هامة لمصر، حيث سيتم ضخ 35 مليار دولار في اقتصاد البلاد خلال الشهرين المقبلين، مع توقعات تصل إلى 150 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تحول هذه المبادرة شبه جزيرة رأس الحكمة إلى مركز صاخب للمناطق الاستثمارية والمناطق السكنية والمساحات التجارية والمرافق السياحية والترفيهية، ومن المقرر أن يبدأ العمل الرائد في عام 2025.
وقوبلت هذه الأخبار باستجابة حماسية من الأسواق، كما يتضح من ارتفاع السندات السيادية المصرية بالدولار قبل الإعلان وشهدت السندات، خاصة تلك التي تستحق في عام 2047 أو ما بعده، زيادة بأكثر من 3 سنتات للدولار، ليتم تداولها عند أعلى مستوى لها في عام تقريبا، وفقا لبيانات تريدويب.
ويعد هذا الارتفاع مؤشرا واضحا على تزايد ثقة المستثمرين في الآفاق الاقتصادية لمصر.
وإن موقع رأس الحكمة الاستراتيجي، على بعد حوالي 200 كيلومتر غرب الإسكندرية، معروف بالفعل بمنتجعاته السياحية الراقية وشواطئه النظيفة، مما يجعله مرشحًا مثاليًا لهذا المشروع التنموي الطموح.
الاختبار الصعب للبنك المركزي المصري
إلى جانب الفوائد الاقتصادية المباشرة، تمثل صفقة رأس الحكمة خطوة مهمة إلى الأمام بالنسبة لمصر في معركتها المستمرة ضد الأزمة الاقتصادية البطيئة الاشتعال والتي تتميز بنقص مزمن في العملات الأجنبية، وتزايد الديون، والضغط المستمر على الجنيه المصري.
وتوقعت تقارير من بنوك دولية أن يقرر البنك المركزي المصري تحريك سعر صرف الجنيه المصري أمام سلة من العملات الرئيسية أبرزها الدولار وذلك قبل شهر رمضان المقبل، بينما توقعت تقارير أخرى أن يتم خفض قيمة الجنيه بعد شهر رمضان.
ومن المرجح أن يتراجع سعر صرف الجنيه المصري بنحو 30 في المائة خلال الربع الأول من عام 2024، ليصل إلى 40 جنيها مصريا للدولار.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يتباطأ التضخم من 34% في عام 2023 إلى 27% في عام 2024.
يأتي ذلك وسط توقعات أخرى بعدم حدوث أي تغييرات في سعر صرف الجنيه المصري ، حيث أكد خبراء أن ذلك يمس الأمن القومي المصري وفقا لتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي في يونيو 2023.
تحديات صعبة وسعي للاستقرار الاقتصادي
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن سعي مصر لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو كان بلا هوادة وإن مشاركة البلاد مع صندوق النقد الدولي في حزمة دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار والتزامها بالإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك التحرك نحو نظام سعر صرف مرن، يعكس نهجا استباقيا لمعالجة قضاياها الاقتصادية.
وتوفر استراتيجية مصر رؤى قيمة للتغلب على التحديات في سوق الصرف الأجنبي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومع مواجهة البلد لضغوط على العملة والحاجة إلى تنشيط اقتصادي كبير، فتمتلك مصر إلى مخطط كدليل محتمل لتعزيز الشراكات الاستراتيجية، وتسريع إصلاحات السياسات، وتحديد أولويات مشاريع البنية التحتية القادرة على جذب استثمارات أجنبية كبيرة.
كما أن الدروس المستفادة من صفقة مصر مع الإمارات العربية المتحدة تسلط الضوء على أهمية خلق بيئة مواتية للاستثمار من خلال الشراكات الاستراتيجية، واستقرار السياسات، وتطوير البنية التحتية ولا يمكن لمثل هذه المبادرات أن تعزز جاذبية مصر للمستثمرين الأجانب فحسب، بل يمكنها أيضًا توفير مسار مستدام نحو الاستقرار الاقتصادي والنمو.