القيود المفروضة على الدولار تؤثر على الحياة اليومية في العراق
اعتباراً من شهر يناير سيشترط البنك المركزي العراقي أن تتم كل المعاملات التجارية بالدينار وفي مدينة البصرة بجنوب العراق، يكافح الحارث حسن لسحب راتبه بالدولار منذ أشهر، بينما تحاول الحكومة الحد من إدمان البلاد على العملة الأمريكية.
وقال حسن الذي يتقاضى أجره بالدولار مقابل وظيفته اللوجستية في حقل النفط: "عندما نذهب لسحب راتبنا، لا يعطوننا سوى جزء منه على أقساط".
ولا يعاني العراق الغني بالنفط من نقص الدولارات، إذ يمتلك احتياطيات من العملات الأجنبية تزيد على 100 مليار دولار (93 مليار يورو) لكن في معركتها ضد السوق السوداء للعملة المزدهرة، فرضت بغداد قيودًا أكثر صرامة على استخدام الدولارات الأمريكية.
بالنسبة لأشخاص مثل حسن، قد يعني هذا انخفاضًا حادًا في دخله وكان يسحب أمواله ويغيرها في محلات الصرافة شبه المتسامحة بأسعار تصل إلى 1600 دينار لكل دولار، لكنه يقول على نحو متزايد إنه لا يستطيع سحب أمواله النقدية إلا بالدينار بالسعر الرسمي البالغ 1320 دينارا لكل دولار، وتبادلت البنوك والبنك المركزي اللوم على من يفرض القيود الجديدة.
وقال حسن "هذه مشكلة تعني أن رواتبنا تفقد 20 بالمئة من قيمتها".
وسيتم فرض المزيد من القيود في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة منع الدولار من السيطرة على الاقتصاد.
واعتباراً من شهر يناير 2024 سيشترط البنك المركزي العراقي أن تتم كل المعاملات التجارية بالدينار وسيظل من الممكن الوصول إلى الودائع الحالية بالعملة الأمريكية بالدولار، لكن الأموال الجديدة المحولة من الخارج لن تكون متاحة إلا بالدينار، بالسعر الرسمي.
تجارة غير مشروعة
وقالت مصادر إن أحد العوامل الرئيسية التي تغذي الطلب على العملات الأجنبية في العراق هو تهريب الدولارات الأمريكية إلى الدول والجهات التي تواجه العقوبات الأمريكية، بما في ذلك إيران وسوريا
وأشاروا إلى "التجارة غير المشروعة" لبعض السلع الخاضعة للضرائب المرتفعة، مثل السجائر.
واعترف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في سبتمبر بأن العقوبات التي تمنع تحويلات الدولار إلى البنوك الإيرانية دفعت التجار العراقيين إلى السوق السوداء.
وأضاف أن البنكين المركزيين العراقي والإيراني يعملان على وضع آلية لتنظيم مثل هذا التداول.
وفي أواخر نوفمبر، أعلنت الحكومة عن خطوات لتشجيع مستوردي السلع مثل السجائر والسيارات والذهب والهواتف المحمولة على استخدام القنوات الرسمية للحصول على الدولار.
وعلى الأقل رسمياً، لم يعد نظام الحوالة لتحويل الأموال خارج البورصة يحول الأموال بالدولار.
السيادة النقدية
وقبل عام، اعتمد العراق نظام التحويل الإلكتروني الدولي المعروف باسم "سويفت" من أجل مراقبة استخدام الدولار والمساعدة في مكافحة غسيل الأموال وضمان احترام العقوبات الدولية.
وفي فبراير، قال رئيس الوزراء إن اللوائح الجديدة خفضت تداولات العملات الأجنبية من حوالي 200 إلى 300 مليون دولار يوميًا إلى 30 إلى 50 مليون دولار.
وقال مظهر صالح مستشار رئيس الوزراء للسياسة المالية "إننا نعمل على تعزيز سيادتنا النقدية".
وأكد لوكالة فرانس برس "لا يمكن أن نقبل التعامل بعملتين ضمن الاقتصاد الوطني".
وسعياً لدرء التضخم، تسمح الحكومة للمستوردين بالحصول على الدولار بالسعر الرسمي في القطاعات الرئيسية مثل الغذاء والدواء والبناء.
ويشجع البنوك والمستوردين على تفضيل العملات البديلة مثل اليورو والدرهم الإماراتي واليوان الصيني لتقليل الطلب على الدولار.
في الوقت الحالي، لا تزال الفجوة بين أسعار الدولار الرسمية وغير الرسمية تسبب صداعًا للسلطات.
ألقت الشرطة القبض مؤخراً على عدة أشخاص في مطار بغداد بينما كانوا يخططون للسفر بعشرات بطاقات الخصم واستخدامها في الخارج لسحب آلاف الدولارات بالسعر الرسمي، والتي يمكنهم بيعها لتحقيق ربح في السوق العراقية الموازية.