اقتصاد الحرب.. كيف عاش المصريين الأيام الصعبة قبل حرب اكتوبر؟
كل سنة وحضراتكم طيبيبن.. أيام قليلة ومصر هتحتفل باليوبيل الذهبي لانتصار اكتوبر ذكرى مرور 50 سنة على أهم نصر عسكري فى تاريخ مصر والعرب.. اليوم اللى رفعنا فيها راسنا واستردينا أرضنا وكرامتنا.. ولقنا العدو الاسرائيلي درس عمره ما هينساه أبدا.. بس عمرك سألت نفسك مصر ازاى عاشت الأيام الصعبة قبل حرب اكتوبر؟ واسه كان وضع الاقتصاد وقتها؟ ومصر مولت الحرب منين؟ والأسعار فى الاسواق كانت عاملة ازاي؟.. دي الأسئلة اللى هنحاول نجاوب لحضرتكم عليها فى الفيديو ده.
انتصار اكتوبر العظيم مكنش مجرد نصر عسكري أو سياسي ولكن كان انتصار فى مواجهة الظروف المعاكسة وضعف التنمية وتراجع مستوى المعيشة وتعنت وحصار اقتصادى من دول الغرب والولايات المتحدة.. يعنى تقدر تقول وانت مرتاح البال انه كان انتصار للإرادة فى مواجهة الانكسار وللقوة فى مواجهة الضعف وللتحدى فى مواجهة محاولات الخضوع .
ومينفعش النظر لاقتصاد حرب اكتوبر 1973 وما بعدها بعيد عن السنوات اللى سبقت الحرب ووقتها كان الاقتصاد المصرى بيتجه بخطى واثقة حتى لو كانت بطيئة للأمام وحقق نمو حقيقي زاد على 6% بحلول عام 1965، وارتفع معدل الاستثمار إلى 17.8% من الناتج المحلى بدل من 12.5 % فى نهاية الخمسينيات، وزاد نصيب الصناعة فى الصادرات إلى 25 % بدلا من 18%، وزادت العمالة الصناعية خلال السنوات دي بأكثتر من ضعف الزيادة فى إجمالى القوى العاملة.
لكن كل الأرقام والنجاحات دي للاقتصاد انهارت فجأة وبدأت القروض الأجنبية والمعونات تنقطع ودي وحدها كانت بتمثل ما يقرب من 20% من الاستثمارات وقتها وجت نكسة 67 عشان تقضى على طمواحات وتجربة التنمية وأدت الى انتكاسة اقتصادية توازى انتكاسة الهزيمة العسكرية.
واترتب على هزيمة 67 انخفاض شديد فى موارد العملات الأجنبية وده خلا الاستمرار فى معدل نمو مرتفع مع تحمل أعباء الإنفاق العسكرى استعدادا لحرب جديدة أمر فى حكم المستحيل.. ومع اندلاع شرارة الحرب فقدت مصر آبار البترول فى سيناء وخربت معامل تكرير البترول فى السويس وأغلقت قناة السويس اللى كانت بتدر لمصر فى المتوسط سنويا 164 مليون دولار فى السنوات الـ7 قبل الحرب، بالاضافة كمان لانخفاض كبير فى إيرادات السياحة اللى كانت بتدر حوالى 100 مليون دولار
وواجهت مصر فى أعقاب 67 ظروف سياسية واقتصادية صعبة وقاسية وحتى المعونات والمنح العربية المقدرة وقتها بـ286 مليون دولار سنويا، كانت بتضيع فى خدمة الديون على مصر اللى حان موعد استحقاقها، والبالغة أقساطها المستحقة الدفع سنويا نحو 240 مليون دولار، وكان من الطبيعى ينخفض معدل النمو فى الحرب إلى 3 %، وتتدهور المرافق العامة والبنية الأساسية، ويتراجع مستوى المعيشة وتنخفض الأجور، ويتدهور ميزان المدفوعات.
وسط كل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة دي ومع ارتفاع الديون الخارجية لمصر لتتجاوز 5 مليارات دولار خلال أو 3 سنين من سبعينيات القرن الماضي وتراجع الصادرات مكنش قدام مصر غير خيار واحد هو خيار الحرب
طب ايه اللى حصل فى 73 ؟
مع بدء العد التنازلى لمعركة الانتصار بدأت الحكومة برئاسة الدكتور عزيز صدقى، رئيس الوزراء وقتها فى فى تطبيق خطة اقتصادية هدفها ترشيد الإنفاق الحكومى لتوجيه الناتج لصالح القوات المسلحة وتم تشكيل اللجنة العليا للمعركة لتحديد الإجراءات المطلوب تطبيقها فى جميع المجالات استعدادا للحرب والتلى أعلنت فى 19 يناير يعنى قبل الحرب ب 9 شهور تخصيص مليار جنيه سنويا للقوات المسلحة.
ورغم حالة الحرب اللى كانت بتعيشها مصر على مدى 7 سنين واحتلال جزء كبير من أراضيها الا ان الاقتصاد المصرى فى مطلع عام 1973 كان بيشهد حالة من الاستقرار وده ظهر فى البيانات اللى أعلنها أحمد زندو، محافظ البنك المركزى، وقتها وأكد فيها سداد مصر جميع التزاماتها الدولية فى موعدها.
وارتفع وقتها إجمالى ودائع البنوك إلى 400 مليون جنيه، منها27 مليون جنيه شهادات استثمار عائلى و زيادة أسعار السلع الاستهلاكية ما زادتش على 2% بالنسبة للجملة و4% للقطاعى، وبتاريخ 16 يناير أعلنت وزارة التخطيط وضع خطة تستهدف زيادة الدخل القومى 6%، ليصل إلى 6206 ملايين جنيه، مع الاستثمار فى عدد من المشروعات التنموية، على رأسها تخصيص 100 مليون جنيه للتعاقد على تنفيذ مشروع مترو الأنفاق لمدة تصل لـ10 سنين، واعتماد 50 مليون جنيه لمشروعات القطاع الخاص.
وفى فبراير 1973 وأمام مجلس الشعب أعلن الدكتور عزيز صدقى، رئيس الوزراء ما أسماه بـ«ميزانية المعركة»، ودي إجراءات التعبئة الاقتصادية اللى هيتمتطبيقها فى حال نشوب الحرب، وتتمثل فى تحويل الموازنة العامة إلى موازنة المعركة لتوفير جميع طلبات القوات المسلحة خلال الحرب، مع الحفاظ على سرية البيانات الخاصة بالجيش، وتمويل كل المتطلبات الناتجة عن الحرب، زي المتطلبات الصحية، والتهجير، والأمن، والنقل، والمواصلات، وكمان إعادة النظر فى خطة التصدير والاستيراد لتوفير النقد الأجنبى، مع العمل على إحلال المنتجات المحلية بديلا للمستوردة وتخفيض الاستثمارات مع تأجيل تنفيذ المشروعات التنموية الطويلة الأجل
وبعد قيام الحرب طرحت الحكومة المصرية «سندات الجهاد»، ودي شهادات استثمارية الهدف منها دعم الدولة والقوات المسلحة فيما يخص الحرب والمتطلبات الناتجة عنها، وتم طرحها للمواطنين، تحت شعار «شارك فى ملحمة النضال الوطنى»، فى البنك المركزى وفروعه وجميع البنوك التجارية وفروعها، وتضمنت الفئات المالية «50 قرش، وجنيها ، 5و جنيه و10 جنيه و 100 جنيه»، بفائدة 4.5% سنويا ومعافاة من الضرائب، ويمكن الاقتراض بضمانها من البنوك، وبلغت حصيلة السندات بعد شهر واحد فقط من بدء الحرب 7 مليون جنيه
وبنهاية عام 1973، أعلن الدكتور عبدالعزيز حجازى، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، فى بيان له أمام مجلس الشعب حول الموازنة المالية لعام 1974، أن الدولة دعمت القوات المسلحة بالموازنات المالية منذ عام 1967 وحتى عام 1973 بحوالى 5 مليار جنيه، بينها 760 مليون جنيه خلال حرب أكتوبر، وتم تخصيصها للقوات المسلحة والدفاع المدنى والطوارئ، وأعلن أن الموازنة الخاصة بعام 1974، اللى أطلق عليها «ميزانية التضحية والأمل»، تبلغ 5981 مليون جنيه، مقابل 4808 ملايين لعام 1973، وتم تخصيص 25 مليون جنيه علاوات للعاملين بالحكومة رغم ظروف الحرب، مع تخصيص 564 مليون جنيه لمشروعات التنمية.