حكاية الـ 23 مليار دولار اللي خرجت من مصر في ظروف صعبة.. الحكومة عملت إيه ؟
مصر من مارس 2022 بتواجه واحدة من أخطر الأزمات فى تاريخها.. واللى متابع كويس اللى بيحصل من التاريخ ده لحد دلوقتي هيعرف ان اقتصاد مصر اتعرض لأصعب محنة فى التاريخ الحديث بسبب تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية والفجوة التمويلية الكبيرة اللى حصلت بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وده اتسبب في أزمة نقص العملة وارتفاع سعر الدولار بصورة غير مسبوقة.. وفي عز الظروف الصعبة اللى مصر مرت بيها خرج من البلد حوالى 23 مليار دولار.. فيا ترى الفلوس دي خرجت ازاى ؟ وراحت فين ؟ والحكومة اتصرفت ازاي فى الأزمة الكبيرة دي؟
في مصطلح دارج ومعروف فى عالم البيزنس اسمه "الأموال الساخنة" ودي تدفقات مالية من خارج الدولة بغرض الاستثمار والاستفادة من وضع اقتصادي معين زي تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة.. وبتدخل الأموال الساخنة في صورة استثمارات في أذون الخزانة أو السندات، وهي ادوات تقوم الحكومة بالاقتراض من خلالها، أو في أسهم الشركات المدرجة بالبورصة، للاستفادة من تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار.
والأموال الساخنة استثمارات سريعة الخروج ولا يمكن تقييم الأوضاع الاقتصادية في أي بلد بناء على تدفقات الأموال الساخنة لأنها لا تعبر عن نمو اقتصادي حقيقي.
ومصر قبل بداية 2022 كانت بتعتمد بشكل كبير على النوع ده من الأموال في زيادة الاحتياطي النقدي ولما حصل الغزو الروسي لاوكرانيا والقلق والاضطرابات اللى حصلت من تداعيات الحرب أول حاجة عملها المستثمرين الأجانب انهم طلبوا استرداد أموالهم اللى حاطينها فى أدوات الدين الحكومية ولأن القانون بيلزم الدول بسداد الأموال الساخنة دي للمستثمرين مصر نفذت طلبات المستثمرين وخلال فترة صغيرة جدا مصر خرج من مبلغ ضخم فى ظروف صعبة كانت بتمر بيها ووصل حجم الأموال الساخنة اللى خرجت من السوق الى ما يقرب من 23 مليار دولار وفقا لتصريحات رسمية لوزير المالية المصري الدكتور محمد معيط.
وخد بالك اللى حصل فى مصر ده شيء طبيعي لأن أول حاجة بتحصل فى أوقات الأزمات الكبيرة هى تخارج المستثمرين من الأسواق الناشئة ومحاولة الحفاظ على مدخراتهم ووضعها فى دول أكثر آمانا ضد تقلبات السوق.
ولازم نكون عارفين ان الاموال الساخنة مش شر مطلق وبتكون مهمة كأداة بتستخدمها الدول لجذب العملة الصعبة للبلاد، وتحقيق سيولة نقدية في الأجل القصير.. ومصر استفادت قبل كده كتير من الأموال الساخنة وكان اخرها لما الأموال دي ساهمت في حل مشكلة نقص العملة الصعبة وكبح السوق السوداء للدولار واستقرار سعر الصرف بعد تعويم الجنيه الأول فى نوفمبر 2016 .
طب والحكومة اتصرفت ازاى بعد خروج 23 مليار دولار بره البلد؟
أول حاجة عملتها الحكومة فى الملف ده انها اعترفت بخطأ الاعتماد على الاموال الساخنة ووزير المالية الدكتور معيط طلع بنفسه وأكد إن الدولة المصرية اتعلمت الدرس فيما يخص الأموال الساخنة من 3 مرات متتالية في 2018 و2020 و2022.
وأعلن ان الحكومة وضعت استراتيجية تنص على عدم الاعتماد على النوع ده من الأموال مرة تانية.. وقال ان الاموال الساخنة لو موجودة مش مشكلة لكن الدولة مش هتعتمد عليها فى اى استراتيجيات خلال السنين الجاية
معيط أكد وقتها ان مصر هتعتمد خلال الفترة الجاية على الاستثمار الأجنبي المباشر وضخ أموال فى قطاعات انتاجية تدر دخل وتوفر فرص عمل بشكل يساهم فى عمليات التنمية.
تانية حاجة الحكومة اشتغلت على حوافز لمنع خروج مزيد من الأموال وكمان فى الوقت نفسه جذب استثمارات جديدة وفى الاطار ده تم الاعلان عن خطة لتخارج الدولة من العديد من القطاعات واتاحة الفرصة بشكل اكبر للقطاع الخاص لزيادة مساهمته فى الناتج المحلى وبالفعل تم بيع أكتر من شركة حكومية لمستثمرين عرب وأجانب وكمان مصريين وفى الفترة الجاية هيتم طرح مزيد من الشركات امام المستثمرين.
والحكومة كمان شغالة على تأمين تدفقات دولارية لسد العجز اللى حصل بسبب خروج الاموال الساخنة واستفادت من النمو الكبير اللى حصل فى واردات السياحة وعوايد قناة السويس اللى سجلت ارقام كبيرة جدا وخلال اول 7 شهور من 2023 حققت القناة رسوم بحوالى 9 مليار دولار وكل يوم العوايد بتزيد لدرجة ان القناة حاليا بتحقق مليون دولار فى الساعة الواحدة.