ما خفي كان أعظم.. الأسباب الحقيقية وراء زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية للصين
تزور جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية بكين أواخر الأسبوع الحالي، في ثاني زيارة الى الصين يجريها مسؤول في الإدارة الأمريكية في الفترة الأخيرة وسيتخللها بحث في إدارة "مسؤولة" للعلاقات بين القوتين المتنافستين.
وبحسب "الفرنسية" شهدت الأعوام الماضية ارتفاعا في حدة التوتر بين واشنطن وبكين، مع اعتبار كل من الرئيسين السابق دونالد ترمب والحالي جو بايدن، أن الصين تشكل التهديد الأبرز على المدى الطويل لتفوق الولايات المتحدة عالميا.
الا أن إدارة بايدن سعت في الآونة الأخيرة لتخفيف حدة التوتر مع الصين وإدارة التنافس بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وأعلنت وزارة الخزانة أن يلين ستزور الصين بين السادس من يوليو والتاسع منه، لتبحث مع أعضاء في الحكومة في أهمية "أن يدير البلدان علاقتهما بطريقة مسؤولة، بوصفهما الاقتصادين الرائدين في العالم".
كذلك، تعتزم التشديد على ضرورة "التواصل مباشرة بشأن مجالات الاهتمام والعمل على مواجهة التحديات العالمية".
وكان أنتوني بلينكن أجرى في مطلع يونيو أول زيارة لوزير خارجية أمريكي إلى بكين منذ خمسة أعوام.
واستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ بلينكن، وأكد بعد اللقاء "إحراز تقدم" والتوصل إلى "أرضيات تفاهم".
لكن هذه الأجواء عكرتها في ما بعد تصريحات لبايدن شبه فيها نظيره الصيني بالطغاة، ما أغضب بكين التي اعتبرت موقفه "غير مسؤول".
وقال مسؤول بوزارة الخزانة اليوم "لا نتوقع أي اختراق مهم (في العلاقات بين البلدين) خلال هذه الرحلة".
أضاف "ومع ذلك، نأمل في إجراء مناقشات بنّاءة وإنشاء قنوات اتصال على المدى الطويل" مع الصين، في زيارة يتخللها عرض نظرة الولايات المتحدة للعلاقة الاقتصادية مع الصين.
وفي أبريل، قدمت وزيرة الخزانة تفاصيل المبادئ التي تُوجه العلاقات الاقتصادية الأمريكية مع الصين.
وتسعى حكومة بلادها أولا إلى "الحفاظ على مصالح أمنها القومي وكذلك مصالح حلفائها"، وتعتزم "الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال إجراءات هادفة لا تهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية".
كذلك، تريد الولايات المتحدة إقامة "علاقات اقتصادية سليمة مع الصين تعزز النمو والابتكار" في كلا البلدين.
وتريد إدارة بايدن "التعاون بشأن قضايا عالمية ملحة مثل تغير المناخ وتخفيف عبء الديون" عن البلدان النامية.
- "خفض المخاطر"
وكان بايدن التقى نظيره الصيني في نوفمبر الماضي للمرة الأولى في محاولة لتخفيف التوتر.
ورأى إدوارد آلدن الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، أن واشنطن "تحاول بوضوح إرساء أرضية" لضبط "تدهور" العلاقة الاقتصادية مع بكين.
واعتبر أن زيارة يلين قد "تعيد إطلاق نمط ثابت من التفاعل على مستويات (مسؤولية) أدنى"، مشيرا الى أن الولايات المتحدة تمضي نحو استراتيجية "خفض المخاطر" مع بكين.
وأوضح أن ذلك "يعني التركيز على مدى أضيق من الأمور ذات الأهمية الاستراتيجية، محاولة تسييج هذه الأمور (لحمايتها)، لكن مع ذلك محاولة الاستمرار في تغذية علاقة اقتصادية أمريكية-صينية قوية بشكل معقول".
إلا أن المراقبين لا يتوقعون خفضا سريعا للتوترات خصوصا وأن البلدين يتنافسان في مجال التقنيات الدقيقة.
وفرضت إدارة بايدن العام الماضي قيودا على تصدير أشباه الموصلات ومكونات التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين. وقبل ذلك، كانت قد أبقت على رسوم جمركية فرضها ترمب على منتجات تصدّرها الصين إلى الولايات المتحدة.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة "في هذه الزيارة، نريد تعميق وتيرة الاتصالات بين بلدينا وتعزيزها، وتحقيق استقرار في العلاقات لتجنب سوء التفاهم، وتوسيع تعاوننا حيثما أمكن ذلك".
كذلك، تعتزم يلين إبلاغ السلطات الصينية بـ"المخاوف" التي يثيرها قانون مكافحة التجسس الجديد الذي دخل حيز التنفيذ السبت في الصين، وفق ما ذكر المسؤول.
ويمنح هذا النص الحكومة الصينية مزيدا من الحرية لمحاربة أي تهديدات للأمن القومي، ما يثير مخاوف لدى الشركات الأجنبية العاملة في الصين.
وتريد وزيرة الخزانة وفِرَقها "تكوين فهم أفضل للطريقة التي تعتزم فيها (الصين) تطبيق هذا القانون".
ورأت الباحثة في معهد "آسيا سوسايتي بوليسي" وندي كاتلر أن النقاشات مع الصين تهم الولايات المتحدة "لمحاولة تحفيز نمو اقتصادي عالمي أكبر ومواجهة أزمة تزايد دين دول الجنوب".
وفي الصين، يسعى المسؤولون الصينيون إلى البحث عن "خطوات ملموسة تتخذها الولايات المتحدة" تظهر أن احتواء بكين "ليس الهدف النهائي" لواشنطن.