شركات أمريكية تلجأ إلى تبادل الديون لتفادي الإفلاس
تلجأ الشركات الأمريكية المتعثرة بشكل متزايد إلى إعادة هيكلة الديون لتجنب إجراءات الإفلاس الباهظة، لكن الأمر ينتهي بكثير من المقترضين في المحكمة على أي حال -مع صفقاتهم التي ترقى إلى ما هو أكثر بقليل من ترك المشكلة إلى الزمن ليحلها.
فما يقارب ثلاثة أرباع حالات التخلف عن سداد الديون في الشركات الأمريكية في العام الماضي كانت "تبادلات متعثرة" خارج المحكمة، حيث تعرض شركة ما أصولا للدائنين بقيمة أقل من سنداتها أو قروضها الأصلية، وفقا لتقرير صادر عن موديز هذا الشهر، قالت وكالة التصنيف إن هذا يمثل ارتفاعا عن النصف تقريبا في 2020.
تتوقع وكالة موديز أن ملكية الأسهم الخاصة بعيدة المدى للشركات ذات التصنيفات الضعيفة للغاية ستدعم نمو التبادلات المتعثرة، لأن هذا النوع من إعادة الهيكلة يمكن أن يحمي استثمارات هؤلاء الداعمين.
قالت الوكالة: "يفضل رعاة الأسهم الخاصة بشدة تبادلات الديون المتعثرة كأداة مفضلة لإعادة هيكلة الديون لأنها تساعدهم على تجنب الإفلاس والحفاظ على أصولهم".
مع ذلك، عديد من الشركات تتخلف عن السداد مرة أخرى بعد إعادة الهيكلة هذه، ويبلغ معدل التخلف للمرة الثانية ـالذي تراقبه وكالة موديزـ حاليا 47 في المائة.
قال سينجن بورون، رئيس قسم القروض ذات العائد المرتفع والمديونية في شركة بيتش بوينت كابيتال مانجمنت الاستثمارية، إن بعض الشركات "تؤجل ما لا مناص منه" عبر التبادلات المتعثرة، وتقوم فقط بتأخير الإفلاس المحتوم.
أضاف: "في حالة وجود عملية تبادل متعثرة في شركة ما، ليس فقط من المحتمل أن تخسر قيمة الأصول كمقرض"، بل أيضا قدرة الشركة على حل تلك المشكلات في حال كانت تواجه صعوبات تشغيلية.
ومن بين الشركات التي تخلفت عن السداد للمرة الثانية، التي تتتبعها موديز، انتهى الأمر بالأغلبية إلى الإفلاس. فقد دخلت شركة سيرتا سيمونز لإنتاج فرشات الأسرة في إجراءات الإفلاس في كانون الثاني (يناير). كما ورد أن شركة إنفجن هيلث كير المدعومة من صندوق كيه كيه آر الاستثماري تفكر أيضا في تقديم طلب للإفلاس، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، بينما تقدمت متاجر بيد باث آند بيوند للبيع بالتجزئة -غير المدعومة من قبل الأسهم الخاصة– بطلب للإفلاس بموجب الفصل 11 يوم الأحد بعد عملية تبادل متعثرة في 2022.
لم تستجب شركة إنفجن لطلب التعليق
الاتجاه المتسارع يؤكد التحديات، التي تواجهها الشركات المتعثرة والتي تواجه مزيجا من ارتفاع تكاليف الاقتراض وتباطؤ الاقتصاد. ومن المرجح أن تتكثف هذه الصعوبات، وأن يزيد تدقيق المستثمرين على هذه الشركات، هذا العام على خلفية مخاوف الركود المتزايدة.
تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن تصل نسبة الشركات التي تتخلف عن السداد في الولايات المتحدة إلى 4 في المائة بحلول كانون الأول (ديسمبر)، من نسبة قدرها 2.5 في المائة في الـ 12 شهرا حتى آذار (مارس). وتتوقع وكالة موديز أن يبلغ المعدل في الولايات المتحدة 5.6 في المائة بحلول آذار (مارس) المقبل، بارتفاع حاد عن رقمها البالغ 2.7 في المائة في 31 آذار (مارس) من هذا العام.
ونظرا إلى أن مزيدا من الشركات مضطرة إلى التخلف عن سداد قروضها، فمن المحتمل أن يختار بعضها التبادلات، لأنها تعتقد أن "الشركة بشكل عام مستدامة" مع عبء دين أقل، كما قال مات ميش، رئيس استراتيجية الائتمان في بنك يو بي إس. أضاف: "بتوجيههم إلى بيئة مالية أكثر صعوبة، فإنهم يريدون تغيير حجم هيكل رأس المال".
وقد جاء انتشار التبادلات المتعثرة بعد جنون إبرام الصفقات عندما استفادت مجموعات الشراء الشامل من تكاليف الاقتراض الرخيصة لتكثيف المديونية على الشركات ذات التصنيف المنخفض ذات الميزانيات المتدهورة بالأصل، وتمويل عمليات الاندماج والاستحواذ بمليارات الدولارات.
في الأعوام الأخيرة، تألف جزء كبير من هذا الدين من قروض عالية المديونية، وهي أدوات تم بيعها من قبل شركات ذات تصنيف "غير مرغوب فيه"، تتحرك فوائدها مع أسعار الفائدة السائدة. وعدت هذه الشركات جذابة عندما كانت السياسة النقدية فضفاضة للغاية -حيث تضاعفت الإصدارات تقريبا إلى 615 مليار دولار بين عامي 2019 و2021 مع انخفاض أسعار الفائدة في وقت مبكر من جائحة كوفيد، وفقا لشركة إل سي دي لتزويد البيانات -لكنها فقدت جاذبيتها مع بدء الاحتياطي الفيدرالي حملته الأكثر تشديدا منذ عقود لرفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم.
كذلك ارتفع إصدار سندات الشركات ذات العائد المرتفع، أو دون الدرجة الاستثمارية مع انخفاض أسعار الفائدة بعد تفشي كوفيد، لتصل إلى 465 مليار دولار، مقارنة بـ 263 مليار دولار في 2019، وفقا لبيانات شركة رفينيتيف.
تاريخيا، كانت السندات غير المضمونة -الديون غير المدعومة بأصول الشركة- تعاد هيكلتها عادة في التبادلات المتعثرة، لكن منذ بداية الجائحة أدى العدد المتزايد من المقترضين المتخلفين عن السداد "للقروض فقط" دون سندات إلى تغيير هذه الديناميكية.
فللوهلة الأولى، يمكن أن تكون التبادلات المتعثرة جذابة للمقرضين الذين عادة ما يستردون نسبة أكبر من نفقاتهم مما كانت ستحصل عليه في حالة الإفلاس، وفقا لجوليا تشورسين، كبيرة المحللين في وكالة موديز.
لكن معدل التكرار الحالي لحالات التخلف عن السداد يعني أنه في كثير من الأحيان "تتعرض لضربة مرة واحدة، ثم مرة أخرى -تتدهور نسبة الاسترداد الخاصة بك".
البيانات التاريخية للسندات غير المضمونة تشير إلى أنه إذا مرت الشركة بعملية تبادل متعثرة، فعندئذ تقدم طلبا للإفلاس "ويمكن أن تتراكم خسائر (الدائنين) ويمكن أن تكون أسوأ من مجرد تقديم طلب للإفلاس".