الإثنين 20 مايو 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

الوقت قد حان للذعر .. أزمة البنوك الأخيرة أكبر من سابقتها والسبب التشديد النقدي

الثلاثاء 28/مارس/2023 - 01:32 ص
ارشيفيه
ارشيفيه

قدم جورج جاتش، رئيس "جيه بي مورجان أسيت مانجمنت" التنفيذي، تقييما مشجعا الأسبوع الماضي لنهجه في الأسواق العالمية.

صدمة الإنقاذ 

كان المستثمرون تحت صدمة الإنقاذ الطارئ لبنك كريدي سويس. تم الإعلان عن اندماج البنك القسري مع منافسه التاريخي "يو بي إس" على التلفزيون السويسري مساء الأحد بكل الفرح والضجة.

قبل أسبوع فقط تقريبا، كانت الأسواق قد ألقيت في دوامة بفعل سلسلة من الإفلاسات في القطاع المصرفي الإقليمي في الولايات المتحدة، صدمة أثارت اندفاعا رهيبا نحو الأمان في السندات الحكومية.

الذعر 

لم يقل جاتش إن الوقت قد حان للذعر. لكن من المنطلق ذاته، لم يجازف بقولها صراحة. أخبر مجموعة من الصحافيين بأن شركة إدارة الأصول قد فعلت "بروتوكول ضغوط السوق". هذا ليس أمرا تقدم عليه شركة الاستثمار باستخفاف. شملت التفعيلات السابقة آذار (مارس) 2020، عندما ضرب التسارع العالمي لجائحة كورونا الأسهم أولا وبعدها، على نحو أشد إثارة للقلق، السندات أيضا. أقدمت الشركة أيضا على هذه الخطوة عند الحرب الروسية - الأوكرانية العام الماضي.

الآن يرى جاتش دلائل كافية على هشاشة نجمت عن التشديد النقدي القوي الذي بدأ في 2022 لتمر بالعملية نفسها مرة أخرى. يتضمن ذلك وضع نحو 22 مليون مركز تحت ما سماه جاتش محلل ضغوط. يجتمع مديرو المحافظ والتجار وغيرهم في الشركة يوميا، بدلا من اللقاءات الأسبوعية المعتادة، وينظرون في التدفقات وما يسمى بظروف السيولة -السهولة التي تتم بها الصفقات دون التأثير في أسعار السوق- لمناقشة أين قد تكمن نقاط الضعف. قال "هذا يتيح لنا تحديد المكان الذي نحتاج فيه إلى التراجع. إن الأمر يتعلق بتجنب الأخطاء بقدر ما يتعلق بتحديد الفرص".


هذا يلخص الحالة المزاجية بين مديري الصناديق في الوقت الحالي تلخيصا وافيا جدا. المستثمرون لا يشعرون بالذعر. لكن من المقبول مرة أخرى أن نسأل في أوساط رفيعة إذا ما كنا نشهد عام 2008 مجددا. كل مستثمر محترف تحدثت إليه خلال الأسبوعين الماضيين قال "لا"، وأتفق معهم، إن كان رأيي مهما. بيد أن كثيرين يعترفون بأن الأصداء قوية.

أزمة عقارية طاحنة 

يمكن لأي أحد منخرط في الأسواق منذ أكثر من 15 عاما أن يتذكر تلك الفترة حين بدأ مقرضو الرهن العقاري الصغار والمتواضعون الذين لم يسمع بهم من قبل في السقوط واحدا تلو الآخر. ازداد المستثمرون توترا، لكن معظمهم عجز عن ربط النقاط ببعضها بعضا. لا تبدو البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة الآن مختلفة تماما.
بالمثل، عد بذاكرتك إلى آذار (مارس) 2008، عندما وصلت أزمة الائتمان المتضخمة إلى النقطة التي اشترى فيها بنك جيه بي مورجان "بير ستيرنز" في اندماج سريع الترتيب مع أوجه تشابه عابرة مع الاتحاد السويسري الأخير. وكما ذكرت "فاينانشيال تايمز" آنذاك، ضغطت السلطات من أجل إتمام صفقة "بير ستيرنز" قبل فتح الأسواق صباح الإثنين "لدرء التهافت على سحب الودائع من البنوك الأمريكية والأوروبية الأخرى". كان ذلك مجديا. كان مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أعلى 4 في المائة تقريبا بحلول نهاية ذلك الشهر، وأعلى 12 في المائة بحلول منتصف أيار (مايو). كلنا نعرف ما حدث بعد ذلك.

الهيمنة 

هذه المرة تبدو مختلفة حقا. البنوك بأكملها مهيمنة وأفضل تنظيما وأكثر أمانا مما كانت قبل 15 عاما، ولا سيما في أوروبا. مع ذلك، شهدت أسهم بنوك القارة يوم الجمعة هبوطا غير مبرر فيما يبدو، ما أدى إلى تراجع "دويتشه بنك" بما يصل إلى 14 في المائة في وقت ما من ذلك اليوم، ورفع تكلفة التأمين على ديونه من مخاطر التخلف عن السداد.
أحد الأمور المهمة حقا التي يجب أخذها في الحسبان هنا هو أن أسهم البنوك الأوروبية قد حققت للتو ارتفاعا هائلا، نحو 50 في المائة من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي إلى بداية آذار (مارس). هذا يكفي لجذب ما يسميه مديرو صناديق كثيرون باستخفاف إلى حد ما "السياح"، مستثمرون على المدى القصير غير متخصصين يسارعون إلى الخروج مثلما سارعوا إلى الدخول.

قال كاسبر إلمجرين، رئيس الأسهم في شركة أموندي لإدارة الأصول في دبلن "المستثمرون الذين لم يشاركوا منذ فترة" دخلوا ذلك المجال. وأضاف أن "الارتفاع كان قبل أوانه". هذا يعني أن دفع الأسهم في الاتجاه الآخر لا يتطلب جهدا كبيرا. غير أن المزاج أصبح قاتما بوضوح والثقة بالقطاع المصرفي كاملا تتأرجح.

حالة توتر


"الجميع في حالة توتر بعض الشيء، وهناك بعض الذكريات التلقائية. إذا نظرت إلى حالة سيليكون فالي بنك، فقد كانت غريبة، وحالة بنكي سجنتشر وكريدي سويس غريبة أيضا. لكن السوق تحاول فهم إذا ما كانت توجد مشكلة نظامية هنا"، كما يقول إلمجرين. كما لا يرى إلمجرين وجود مشكلة. يقول إن "أموندي" لا تزال "إيجابية" تجاه بنوك خدمات الأفراد الأوروبية الأساسية، ولا ترى أي تحول جوهري في الأداء.

سيكون من الصعب جدا على صانعي السياسات إنكار هذا. إذا اعتلوا المنابر في محاولة لطمأنة المستثمرين والمودعين بأن كل شيء على ما يرام، سيخاطرون بأن يعتقد الجميع أن الموقف أخطر مما كانوا يعتقدون سابقا. إذا لم يقولوا شيئا، فسيخاطرون بحدوث تأثير كرة الثلج "تزاخم الأحداث وتتابعها" مع نوبات ذاتية التعزيز من التوتر. هذه أيام ذهبية للمحاربين الذين يحاولون إثارة أزمة مصرفية عالمية عبر الإنترنت، ومن الأفضل للقراء الحكماء تجاهلها. غير أن هذا يبدو وقتا مناسبا لتفعيل "بروتوكولات ضغوط السوق" والانضمام إلى مؤيدي نظرية المؤامرة.