ذعر الأسواق .. هل البنوك على حافة هاوية 2008 ؟
سابقا في 2007 وأوائل 2008، عندما فشل "نورثرن روك" و"بير ستيرنز" و"كانتري وايد فاينانشيال" و"ألاينس آند ليستر"، لم يكن أي من هذه البنوك ذا أهمية نظامية. لم يتوقع إلا قليل من المراقبين هذه الكارثة المرعبة، ما أدى إلى إسقاط بنوك عملاقة من ليمان براذرز في وول ستريت إلى رويال بنك أوف سكوتلاند، الذي كان أكبر بنك في العالم آنذاك.
بعد 15 عاما، وبعد أسبوع من ترنح "سليكون فالي بانك" و"سجنتشر" و"فيرست ريبابليك" في الولايات المتحدة، و"كريدي سويس" في أوروبا ودعمها بطريقة ما، فليس من العجيب أن يتساءل المستثمرون عما إذا كنا نواجه مشكلات على غرار 2007 قد تتحول إلى كارثة شاملة قريبا على غرار 2008.
توجد أسباب وجيهة للأمل بألا يحدث ذلك. الأسباب الرئيسة لأزمة 2008 - وفرة من الرهون العقارية منخفضة الجودة التي انتشرت حول العالم من خلال المشتقات على الميزانيات العمومية للبنوك ضعيفة رأس المال - لا تنطبق على 2023. لا تزال جودة الائتمان جيدة. ورأس مال البنوك أقوى بمرتين إلى ثلاث مرات مما كان عليه قبل عقد ونصف.
لكن هذه الضمانات بدت فارغة أمام ذعر السوق الذي أثر في أسهم البنوك. انخفضت أسهم البنوك الأوروبية بمتوسط 19 في المائة في أسبوعين، والبنوك الأمريكية 17 في المائة. كما انخفضت أسهم "كريدي سويس" الأربعاء 30 في المائة خلال اليوم، ولم تنتعش إلا بعد تدخل البنك المركزي.
لم تكن الأسواق هادئة تماما بحلول نهاية الأسبوع، لكنها استقرت بعض الشيء. أتى هذا بعدما استفاد "كريدي سويس" من تدخل من البنك الوطني السويسري بسيولة قدرها 54 مليار دولار، بينما عوضت ضمانات الودائع، وتسهيلات السيولة الجديدة من الاحتياطي الفيدرالي، وجولات جمع المال من وول ستريت خطر سحب الودائع المصرفية من البنوك الأمريكية.
لم يكن من المفترض أن تكون مثل هذه التدخلات ضرورية بعد أحداث 2008 الدرامية بالتأكيد. صممت الحزمة الواسعة من الإصلاحات التنظيمية بعد الأزمة لضمان عدم تكرار الانهيار المتتابع للبنوك على جانبي المحيط الأطلسي. وضعت مستويات دنيا جديدة لرأس المال السهمي، وأدخلت اختبارات إجهاد تنظيمية، وشددت نسب السيولة، ما يفرض توافر مزيد من الأموال الجاهزة لتلبية طلبات السحب للعملاء.
كان سبب المشكلات في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بشكل واضح هو فشل تطبيق هذه القواعد على أي بنك آخر غير البنوك الثمانية الأكبر. تهاوى "سيليكون فالي بنك" بسبب مزيج من ضعف إدارة مخاطر أسعار الفائدة والرقابة التنظيمية المتساهلة، ما جعله عرضة لعمليات سحب الودائع.
اجتاحت ظاهرة مماثلة "سجنتشر"، بنك يركز على العملات المشفرة، بعد ساعات. وأصبح "فيرست ريبابليك"، بنك إقليمي آخر، هدفا خاصا بعد أن أدرك المستثمرون المذعورون أنه لن يستفيد من أداة تمويل الاحتياطي الفيدرالي الخاصة التي أطلقت في أعقاب فشل "سيليكون فالي بنك"، لأنه يفتقر إلى الضمانات اللازمة للاستفادة من المخطط.
بينما كان المستثمرون يبحثون عن ضحايا في أوروبا، استقر الاهتمام على "كريدي سويس"، الذي ينظر إليه منذ فترة طويلة على أنه أضعف بنك كبير في المنطقة. ليست للبنك قواسم مشتركة كثيرة مع "سيليكون فالي بنك"- رقابته التنظيمية قوية، ومخاطر أسعار الفائدة فيه محوطة. لكنه كان عرضة للحوادث وبطيئا في إعادة الهيكلة. لقد أدى عقد أو أكثر من سوء الإدارة والفضائح إلى تشويه سمعة المجموعة بشدة - أمر سيئ بشكل خاص عندما يعتمد جزء كبير من نموذج عملك على إقناع أصحاب المليارات بأن يعهدوا بثرواتهم إليك. في الوقت نفسه، تخلى المساهمون القدامى عن البنك ليحل محلهم آخرون غير مفيدين.
لا توجد أسباب أساسية كثيرة لعدم الثقة بجدوى البنوك الأوروبية على نطاق أوسع. خسائر الائتمان منخفضة ومستويات رأس المال قوية وقد اجتازت اختبارات الإجهاد.
لكن لا تزال الأعصاب الهبوطية تفوق هذا التقييم الصعودي - وبعض المنطق. ستؤدي جهود البنك المركزي لتخفيف التضخم إلى ضغوط ركودية، ما ينتج عنه ارتفاع خسائر قروض البنوك، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى التأثير في احتياطات رأس المال. في الوقت نفسه، قد يلحق ضرر غير متوقع بأجزاء أقل تنظيما، لكنها بمثل الأهمية، من النظام المالي التي اعتادت على أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، بما في ذلك ربما المعاشات التقاعدية والأسهم الخاصة وصناديق التحوط. كانت أزمة السندات الحكومية في سوق المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة الخريف الماضي علامة تحذيرية لمثل هذه المخاطر.
حتى لو كانت فرص حدوث انهيار مالي شامل آخر منخفضة، فقد تكون قدرتنا على التعامل معه أقل من قبل. بالعودة إلى 2008، كان صانعو السياسة قادرين على خفض أسعار الفائدة، وإطلاق التسهيل الكمي، وإغراق البنوك برأس المال المنقذ والسيولة. مع تمدد الميزانيات الحكومية اليوم بشكل أكبر، والحاجة إلى رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، تتقلص الأسلحة التي بحوزتهم بشكل خطير.