الشهادات الادخارية المرتقبة.. جدل حول جدواها وقيمتها وتوقيتها.. لماذا الخلاف ؟
في الوقت الذي يترقّب فيه القطاع المصرفي استحقاق شهادات الـ 18% بعد عام من طرحها بقيمة 750 مليار جنيه، ومع توقعات بارتفاع أسعار الفائدة لدى المركزي الأمريكي، يظل السؤال المطروح هنا: هل تطرح البنوك شهادات ادخارية لمدة عام أو أكثر بعائد مرتفع يصل إلى 30%، خاصة بعد إعلان البنك المركزي المصري ارتفاع معدلات التضخم الأساسي لتتجاوز مستوى الـ 40% خلال فبراير الماضي؟
في الوقت الذي توقع فيه خبراء اقتصاديون طرح شهادات بسعر عائد مرتفع يصل إلى 30% لمدة تترواح بين عام وثلاثة أعوام؛ لكن فريقا آخر شدد على عدم جدوى طرح شهادات بعائد مرتفع.
حل
من جهته، قال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن إصدار شهادات جديدة بعائد مرتفع هو حل من الحلول التي يلجأ لها البنك المركزي؛ لاحتواء معدلات التضخم المرتفعة.
وبين أن البنك المركزي المصري كشف قبل أيام عن ارتفاع معدل التضخم الأساسي السنوي إلى 40.3% خلال فبراير الماضي، وهو أعلى مستوًى سجّله المؤشر منذ إطلاقه عام 2009، حيث قفز معدل التضخم الأساسي الشهري بنسبة 8.1% خلال الشهر نفسه.
واضاف "نافع"، أن ذلك قد يدفع بنكي الأهلي ومصر لإصدار شهادات جديدة بعائد مرتفع، وتليها بعض البنوك أحيانا بإصدار شهادات مماثلة.
وأوضح أن إصدار الشهادات لم تعد تجتذب أي أموال من خارج القطاع المصرفي، وبالتالي هي إعادة تدوير، وذلك يجعل تأثيرها أقل مما كان عليه الأمر في الوقت السابق.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن البنوك تعاني من ارتفاع تكلفة الفوائد التي تدفعها للمودعين مقابل تلك الشهادات ذات العائد المرتفع، وهذا ما يدفعها إلى تعويض الخسائر من شراء أدوات الدين العام، مؤكدا أن البنوك المصرية لديها من الخبرة والعلم لإدارة المخاطر بشكل جيد.
استبعاد
في الوقت الذي ذهب فيه خبراء بتوقعاتهم إلى إمكانية طرح شهادات بسعر فائدة مرتفع؛ إلا أن سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، ونائب رئيس بنك مصر السابق، قالت: إنه لا توجد جدوى كبيرة من طرح شهادات جديدة بعائد مرتفع في الوقت الحالي.
وقالت الدماطي إنها: "شهادات مرتفعة العائد مكلفة جدا للبنوك، ولا توجد منها جدوى"، مشيرة إلى أن شهادات الـ 25% كانت أكثر من 60% منها محولة من شهادات الـ18%؛ حيث قام العملاء بكسر شهادات الـ 18% وشراء شهادات الـ 25% للاستفادة من فَرق الـ7%.
واوضحت "الدماطي"، أن الغرض من طرح الشهادات بعائد مرتفع هو سحب السيولة لدى المواطنين في المقام الأول، ثم جذب حائزي الدولارات لشراء شهادات ذات العائد المرتفع وبيع الدولارات للبنوك، ولكن حصيلة الشهادات ذات عائد الـ 25% لم تحقق سوى 460 مليار جنيه مصري.
طرح أوعية جديدة
وقال أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، إن شهادات الـ18% سيبدأ استحقاقها في 21 مارس 2023، وإن حصيلة تلك الشهادات وصلت إلى 750 مليار جنيه مصري.
وأشار إلى أن بنكي الأهلي ومصر جمعا نحو 750 مليار جنيه من المودِعين على مدار 70 يوما العام الماضي في شهادات لمدة عام بفائدة 18%.
وأوضح "شوقي"، أنه مع استحقاق تلك المبالغ الضخمة يعرّض السوق لسيولة كبيرة جدا قد تؤثر على رفع معدلات التضخم بشكل كبير؛ مما يدفع البنوك لطرح أوعية ادخارية تحتوي تلك السيولة، للسيطرة على التضخم.
وأوضح أن البنوك قد تتجه لطرح شهادات بعائد مرتفع قد يتجاوز 25% لمدة عام، مشيرا إلى أن ذلك لم يعوّض المودعين بشكل كبير عن مستويات التضخم التي وصل إليها في الفترة الحالية.
رفع الفائدة على الشهادات
محمد رشدي، الخبير الاقتصادي، قال إنه في ظل موجة التضخم العالمية والتغيرات المتسارعة يبقي الحل الأسرع أمام البنوك المركزية لاحتواء تلك الموجة هو رفع أسعار الفائدة على الودائع؛ لامتصاص السيولة من الأسواق، وبالتالي كبح جماح التضخم.
وأضاف د. "رشدي" أنه من الطبيعي أن تلجأ لجنة السياسات النقدية إلى مثل تلك الحلول، ومنها زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي إلى 18%؛ للمساهمة في امتصاص جزء أكبر من السيولة دون تحمّل المزيد من التكاليف، وذلك بهدف تقييد الإقراض، ودعم العملة المحلية؛ مما يثمر عنه كبح جماح التضخم.
وتوقع "رشدي" أن تطرح البنوك شهادات لمدة 3 سنوات بعائد مرتفع، ولم يحدد سعرا معينا، وذلك بهدف امتصاص السيولة المتوقعة في الفترة القادمة التي قد تصل إلى تريليون جنيه.
شهادة 30%
استبعد صبري البنداري، الخبير المصرفي، إصدار شهادات بعائد 30%، قائلاً: "من الصعب أن يحدث ذلك في الوقت الراهن".
وأضاف "البندراي" أن البنوك ليست لديها فوائض تمكّنها من إصدار مثل هذه الشهادات بهذا العائد في الوقت الحالي، مشيرا إلى ذلك المستوى من العائد المرتفع سيكبّد البنوك تكلفة كبيرة جدا.
وتوقع "البنداري" أن يتجه أصحاب شهادات الـ 18% بعد استردادها إلى اكتناز الدولار، أو إلى ملاذ آمن كالذهب.