بسرعة الصاروخ.. بالأرقام رحلة صعود الدولار في مصر من 2002 حتى نهاية 2022
في اللحظة التي تقرأ فيها هذا الموضوع الآن يقترب سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه من حاجز الـ 24.70 قرشا!، ناهيك عن سعره في السوق الموازية أو ما يُعرف بـ "الدولرة"، رقم لم يسجله الدولار في مصر من قبل، في وقت وقبل حوالي 77 عاما من الآن كانت قيمة الجنيه أعلى خمس مرات من الدولار، أما الآن فصرنا على النقيض بعد زيادة الطلب عليه وشح المعروض منه وانخفاض قيمة الجنيه كل يوم إلى نسب قياسية متأثرا بالأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعيشها العالم منذ عام 2020 وحتى اليوم.
كيف صعد الدولار بسرعة الصاروخ؟
والحقيقة أن هذا الارتفاع لم يكن مفاجئا أو حدث بين ليلة وضحاها، فخلال العشرين عاما الماضية، وقبلهذه الفترة بعدة سنوات قفز سعر صرف الدولار في مصر بنسبة قياسية بلغت الـ 107%، لتبدأ سلسة الانهيارت المستمرة للجنيه في ظل الاعتماد شبه الكلي على الاستيراد من الخارج بالدولار فانتعش سوق الدولار وازداد الطلب عليه، فضلا عن انفتاح السوق الأمريكي وهيمنته على الأسواق الناشئة ومنها السوق المصري بالتأكيد.
التسعينات بداية النهاية
قبل أن نقدم لكم عرضا لأسعار الدولار منذ عام 2001 حتى لحظة كتابة الموضوع وكيف صعد بسرعة جنونية في عشرين عاما، لابد من الإشارة إلى أن التسعينات وفي بداية عام 1990 بالضبط كان عام اللعنة على السوق المصري والاقتصاد من حيث ارتفاع سعر "العملة الصعبة" التي لم تكن صعبة قبل هذه الأعوام بقليل، فقد وصل إلى مستوى قياسي وارتفع حوالي 108% في وقت قصير للغاية فقد ارتفعسعر الدولار من 0.83 إلى 1.50 جنيها، وهي نسبة ارتفاع بحوالي 80% واستمرت الارتفاعات حتى سجل 3.40 في عام 2000 وارتفع بعد ذلك إلى 3.75 قرشا في عام 2001.
كم سعر الدولار قبل 20 عاما؟
قبل عشرين عاما وتحديدا في عام 2002 شهد الدولار موجة ارتفاع جديدة هبط على إثرها الجنيه، وأصبح حديث الساعة فكيف ارتفع من 3 جنيهات إلى أكثر من أربعة جنيهات مرتفعا بنسبة 6.66% ، ليقفز في العام التالي من 4 جنيهات إلى 4.60 جنيها بواقع ارتفاع 15%.
قفزة جديدة
أما عام 2004 فكان على موعد مع قفزة جديدة للدولار فبعد أن استقر عند رقم 4.60 جنيه قفز إلى نحو الخمسة جنيهات بنسبة ارتفاع 8.69%، ثم ارتفع في عام 2005 ليسجل 5.75 جنيها بارتفاع 15%.
هدنة 6 سنوات
دخل الدولار مقابل الجنيه هدنة امتدت من عام 2005 حتى يناير 2011 عام قيام الثورة، فظل محتفظا بقيمته 5.75 على مدار تلك الفترة الطويلة، حتى ظن البعض أن هذا السعر سيستمر لسنوات قادمة، ولكن بعد اندلاع الثورة وتذبذب الأوضاع ارتفاع الدولار بقيمة 13% ليسجل 6.50 جنيه، وخلال السنوات الخمسة التي تلت قيام الثورة شهد الدولار قفزات تاريجية من 6.50 نهاية 2011 إلى 13.25 في بداية 2016 قبل قرار تحرير سعر الصرف أي زيادة بنحو 103%.
قرار التعويم الأول
في الثالث من نوفبر عام 2016 خرج البنك المركزي المصري بقرار استثنائي بتحرير سعر الصرف ورفع اسعار الفائدة 3% وارتفاع سعر صرف الدولار من 8 جنيهات إلى 13 جنيه بينما سجل في السوق السوداء حينذاك 18 جنيها، ولكن بد مرور عدة أشهر استقر سعر صرف الدولار عند 15.70 قرشا، وظل هكذا حتى مارس 2022.
قرار مارس 2022
في صباح الحادي والعشرين من مارس الماضي، اتخذ البنك المركزي المصري قرار بخفض قيمة الجنيه بنحو 15% ليرتفع متوسط سعر صرف الدولار إلى 18.26 جنيها و18.17 للبيع، بعد أن تركت الحرب الروسية الأوكرانية آثارها تطال كل الاقتصاديات الناشئة فشحت العملة الصعبة في السوق وكثر الطلب عليها فكان لابد من رفع أسعار الفائدة ولكنه لم يكون الارتفاع الأخير.
قفز 46% في عام واحد
العام الحالي كان له نصيب الأسد من حيث عدد قفزات الدولار أمام الجنيه، فلم يقف عند السعر الذي أقره البنك المركزي في اجتماع مارس 2022، ولكن ظل يواصل الارتفاع وبلغ ذروته في سبتمبر الماضي مع ترقب اجتمع آخر للبنك المركزي بعد تواصل ارتفاع نسب التضخم في البلاد، حتى أنه ومع بداية شهر أكتوبر توقعت وكالة فيتش للتصنيف الإنمائي أن يتراجع الجنيه مقابل الدولار لتنتهي العملة إلى مستوى 21 جنيها، بنهاية العام ولكن المفاجأة كانت في أنه كسر حاجز الـ 24 جنيها، حتى قبل أن يرحل العام!، بعد قرار التعويم الثاني في نهاية أكتوبر الماضي.
الكل يحبس أنفاسه
في اللحظة الحالية لا صوت يعلو فوق صوت الخوف والقلق والترقب لاجتماع البنك المركزي المقبل، في وقت سيبدأ في بحسم حربه مع التضخم وسعر الصرف في أعقاب اجتماع الحكومة مع صندوق النقد الدولي يوم 16 ديسمبر الجاري ، مع وجود توقعات باجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي يوم 22 ديسمبر الجاري وما سينتج عنه من رفع لسعر الفائدة أو تثبيتها من ثم تثبيت سعر الصرف عند 24.70 جنيها للدولار!