السباحة ضد التيار.. وزيرة التخطيط تكشف مراحل الصدمات والصعود في ملف اقتصاد مصر
قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد، إنه عند الحديث عن التجربة التنموية المصرية أو النظرة المستقبلية ينبغي ألا يتم ذلك في معزل عن المتغيرات الدولية المحيطة بها.
وأضافت السعيد ، في كلمتها خلال فعاليات المؤتمر الاقتصادي مصر 2022 ، اليوم ، الأحد ، أنه عند تقييم التجربة لن نستطيع تقييمها في إطار الظروف المحلية فقط، ولكن لابد من النظر إلى ما يحيط بها من تطورات ومن متغيرات سياسية ودولية، موضحة أن مصر واصلت الإصلاح الاقتصادي رغم تبعات أزمة “كوفيد 19” وما تبع ذلك من الضغط على السياسات المالية.
وأكدت أنه مما لا شك فيه أن هذه الأزمة جعلت الحيز المالي المتاح لدى الدول يقل.. ثم بدأنا في الأزمة الجيوسياسية وانعكاساتها المستمرة مما أدى إلى نقص شديد في العرض من السلع وبالتالي اضطراب شديد في سلاسل الإمداد، وأزمة الطاقة في أوروبا وكل ذلك رفع الأسعار بشكل كبير.
وقالت إنه بعد ذلك دخلنا في موجة تضخمية وبدأت البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة للتقليل من ضغط هذا التضخم على المواطنين، ونتيجة ذلك على الاقتصاديات الناشئة أن هذه الاقتصاديات أصبحت تعاني من أنها تواجه ارتفاعا شديدا في أسعار الفائدة ورؤوس الأموال تذهب حيث هناك عائد أعلى على هذه الاستثمارات وبالتالي بدأت موجة من خروج رؤوس الأموال من الاقتصاديات الناشئة بحثا عن العوائد الأفضل على رؤوس الأموال بالإضافة إلى الأزمة العقارية في الصين.
وأشارت إلى أنه هناك 3 دول رئيسية تؤثر بشدة على معدلات النمو وعلى الضغط الشديد على تخفيض معدلات النمو في الاقتصاد العالمي وهي أمريكا والصين واليابان.
ولفتت وزيرة التخطيط إلى أن الوضع في العالم يشهد مخاطر الركود التضخمي، فهناك معدلات تضخم ترتفع ومعدلات نمو تنخفض، ومع ازدياد حالة عدم اليقين فإن هذه الموجة تستمر لفترة ممتدة .
وقالت إن آخر مرة تم المرور بمرحلة الركود التضخمي كانت في 2008 ولكن الفرق بين هذه الفترة وفترة 2008 أن المؤسسات المالية والبنوك المركزية اليوم أصبحت أقوى من البنوك المركزية في ذلك الوقت، والحاجة الثانية أننا نواجه كاقتصاديات ناشئة دولار أقوى مما كان عليه في فترة 2008، مما يضاعف التحدي الموجود على الاقتصاديات الناشئة.
وأضافت أن هذا الوضع يؤدي إلى خسائر على المستوى الدولي ، حيث قدرت زيادة حجم البطالة بـ 228 مليون مواطن بنهاية هذا العام، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي “يو أن دي بي” يقدر زيادة 75 مليون شخص سيدخلون في مستوى الفقر بنهاية هذا العام بالإضافة إلى ارتفاع شديد في نسب الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي بحوالى 350%.
وأوضحت أن النمو في مصر وصل إلى معدلات مرتفعة في بعض الأحيان إلا أنه يتسم دائما بعدم الاستدامة، على الرغم من تحقيقنا لمعدل نمو حقيقي وايجابي ومرتفع إلا أنه اتسم بقدر عالي من عدم الاستدامة ، والأساس في عمليات التنمية هو الاستمرار لعدد من السنوات المتصلة على معدلات نمو موجبة ومرتفعة حتى يتم الاحساس بثمار هذه التنمية.
وأضافت الوزيرو أن من أسباب التذبذب الشديد في معدلات النمو، هو أولا مصادره، مشيرة إلى أن هذا النمو كان من أربع أو خمس سنوات مدفوع بشكل أساسي بالاستهلاك حتى منتصف عام (2015/ 2016) وبدأ الاستثمار في السنوات الأخيرة يساعد في دفع هذا النمو.
وثان سبب من أسباب التذبذب هي الفجوة بين الواردات والصادرات والتي حدثت على مدار الـ 20 سنة الماضية وبالتالي أصبحنا نعاني من عجز في الميزان التجاري وبالتالي المصادر الأساسية التي تؤثر في هذا النمو أدت إلى عدم استدامته، كما أن مساهمات القطاعات الإنتاجية (كالزراعة والصناعة وغيرها) كانت متدنية.
وأكدت الوزيرة أن الهدف من النمو هو توفير فرص عمل، لافتة إلى أن معدلات البطالة وصلت إلى أدنى مستويات إلى 7.2% على مدار الـ 20 سنة الماضية والتحدي في معدلات البطالة أنه على الرغم من أن المتوسط 7.2% إلا أن هناك معدل بطالة الحاصلين على مؤهلات عليا 15% ، وبطالة الإناث 3 أضعاف بطالة الشباب ، حيث أن بطالة الشباب 5% أما بطالة الاناث 17.5% ، لذلك فقد بدأت الحكومة المصرية بعد نجاح مرحلة الإصلاح الاقتصادي في عام 2016 ولأول مرة في خطة للإصلاح الهيكلي.
واسترجعت الوزيرة برامج الإصلاح الثلاثة التي تمت وهي : برنامج إصلاح عام 1991 والذي كان يتضمن سياسات تثبيت وتحرير جزئي لسعر الصرف، وإصلاح مالي ونقدي فقط ولم يتعرض إطلاقا لإصلاح تشريعي ولا أي نوع من الإصلاحات الهيكلية.
وثانيا برنامج إصلاح عام 2004 وهو كان الإصلاح الجذري الذي تم في القطاع المصرفي لذلك نحن لدينا قطاع مصرفي قوي قادر على صد أي أزمات مالية تمت في الفترات الماضية.. مشيرة إلى أن الدولة اهتمت بوضع خطط إصلاحية شاملة لدعم القطاعات المهمة في البلاد.
وأضافت أن من بين هذه القطاعات كان القطاع المصرفي الذي بدأ الإصلاح فيه منذ عام 2016 بضبط سعر الصرف ما جعله أكثر مرونة مع توفير حماية اجتماعية شاملة للطبقات الأكثر احتياجات امتصاص تداعيات تحريك سعر الصرف.
وأوضحت أنه من ضمن القطاعات التي حصلت على نسبة كبيرة من الإصلاح كان قطاع الطاقة، مشيرة إلى أن 70% من دعم الطاقة كان يصل لأغنى 30% من المجتمع ما دفع الدولة للتحرك لضبط هذا الخلل والاستفادة من هذه الفروقات لصالح الطبقات الأكثر احتياجا.
وأشارت إلى أن الدولة استهدفت وضع برنامج إصلاح هيكلي في الجزء الإنتاجي عن طريق إطلاق برنامج الوطني للإصلاح الهيكلي وهو ما جعل الاقتصاد المصري أكثر مرونة وقادر على امتصاص الصدمات.