سليمان الراجحي.. رحلة كفاح "الملياردير الزاهد"
إن كان ثمة عبرة من قصص الناجحين فهي أن العمل عبادة وليس من قبيل جمع المال وتكوين ثروة طائلة فما أحلى التجارة مع الله والاجتهاد في خلق فرص رزق للأخرين والأجمل من كل ذلك التواضع الجم والأخلاق النادرة، وكل ما تقدم تجسد في شخصية الشيخ سليمان الراجحي رجل الأعمال السعودي الشهير الذي قدم نموذجا نادرا لكل رجال المال والأعمال العرب، في الإيثار وخدمة بلاده وشعب مملكته، فملك القلوب قبل المال.. فمن هو الشيخ سليمان الراجحي؟.
الشيخ سليمان الراجحي
ولد الشيخ سليمان الراجحي عام 1340هـ في البكيرية وهي إحدى مدن منطقة القصيم، وتعود أصوله إلى قبيلة بني زيد في نجد، وقد انتقل مع أسرته إلى الرياض بحثا عن الرزق، ولم يكمل الشيخ تعليمه مثل بقية إخوته فقد كان دائم التغيب عن المدرسة، ولم تكن له رغبة في استكمال التعليم، حيث كان مشدوداً لعالم التجارة لذلك اكتفى بما تعلمه حتى السنة الثانية الابتدائية.
استهل الراجحي حياته العملية في العاشرة من عمره بتجارة الكيروسين، حيث لم تكن الكهرباء معروفة في ذلك الوقت، وكان الكيروسين، يأتي من خارج المملكة في "تنكات" ثم تعبأ في قوارير، وكان يربح من هذه التجارة قرشا أو قرشا ونصف خلال اليومين، وعمل بعد ذلك حمّالاً مقابل نصف قرش في اليوم، وكان الريال في ذلك الوقت يساوي حوالي 22 قرشا، ثم انتقل ليعمل طباخا بإحدى الشركات التي كانت تعمل في مشاريع الدولة، لكنه لم يستمر طويلا، بسبب رفض الشركة زيادة راتبه أسوة بزملائه في العمل.
ثم عمل الشيخ سليمان حمالاً للبضائع، واجتهد في المهنتين ولم يعتريه الخجل، ثم اقتحم مجال جمع البلح وهو في عمر 12 من عمره، ولم يتوقف على هذه المهن فقط بل عمل في الكثير منها مثل الكنس والطبخ وفي الحراسة وكذلك أعمال البناء.
ملك فوربس
احتل الملياردير السعودي الشهير الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي، المرتبة الـ107 عالميا في قائمة "فوربس" لأثرياء العالم، والمرتبة السابعة عربيا بثروة بلغت 8.4 مليارات دولار، واستطاع أن يبني إمبراطورية اقتصادية من خلال المشاريع التي طورها وجعلها من أفضل وأنجح المشاريع المتخصصة في نشاطها، ومنها مصرف الراجحي، الذي يعد من أكبر الشركات المصرفية عربيا وعالميا، والشركة الوطنية للدواجن وإنتاج البيض، التي تعتبر من أكبر مزارع الدواجن في العال.
وكذلك مشروع تربية الأغنام في الجوف, ومشروع شركة الروبيان الوطنية في الليث، وغيرها من المشروعات الكبرى.
قصة كفاح في بلاد العرب
قصة نجاح سليمان الراجحي مختصرة كان الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي منذ صغره يحب العمل، وعندما وصل لسن الزواج كان قد جمع ما يقرب من 1500 ريال وتزوج 4 سيدات وأنجب أبناء كثيرون ترك لهم ثروت، وكان يشارك أخواته في مشاريع كثيرة.
وفي عام 1987 وصلت فروع بنك الراجحي الذي أسسه رجل الأعمال السعودي سليمان بن عبد العزيز الراجحي لـ 500 فرع، في المملكة والعالم، كما امتلك سليمان الراجحي أكبر شبكة الصراف الآلي بما يزيد على 2750 صرافا مختلفًا في مناطق السعودية، بالإضافة إلى 19 فرع في دولة ماليزيا، و حوالي 6 فروع في دولة الأردن.
تطوير المشروعات
قام الشيخ سليمان بالتفكير بتنظيم أعماله على عدة مراحل بدأ أولها وأطلق مشروع أولي لإعادة هيكلة وتنظيم أعماله.
وقام بعمل نظام مركزي جديد لتقنية المعلومات واختبارها، وقام بالبحث والتطوير ليصل إلى كيان" وقف سليمان عبد العزيز الراجحي"، ، كما أنشأ مجلس للنظارة وقام بتوسيع مهامه وصلاحياته.
كما أنشأ شركات كثيرة لتكون بمثابة الذراع الأيمن الذي يمد القطاع الخيري الذي أسسه بالموارد المالية اللازمة لممارسة أعماله. وقام الشيخ سليمان الراجحي بمشاريع التنمية الصناعية والأمن الغذائي توازن النهضة ويواكب العصر، لم ينس الراجحي إنشاء المشاريع التعليمية والجامعات، بالإضافة لمشروعات الصناعة التي تواكب التكنولوجيا.
أقوال مأثورة
كان لرجل الأعمال سليمان الراجحي أقوالا مهمة جدا تستحق أن تذكر حيث قال: "بعد أن كنت صاحب العمل صرت دلالا أجلب لأولادي الزبائن، لكني أشارك بفكري في كل صغيرة وكبيرة".
لأن سليمان الراجحي كان شعلة نشاط وكان يحب العمل ويعمل بجد وتعب وكان زاهد إلى حد ما يحب المشاركة في الأعمال الخيرية.
ومن التجارب الرائدة في مجال الأمن الغذائي تجربته في شركة دواجن الوطنية، حيث تعتبر هذه التجربة حيث كان مشروع الدواجن في بدايته يتحمل الكثير من الخسائر غير المحتملة في هذا المجال.
وعلى الرغم من هذه الخسائر أصر على إنجاح التجربة على الرغم من أن الخسائر وصلت إلى ما يقرب مليون ريال، حيث باشر بتنظيم الموارد البشرية والأجهزة المستخدمة ودمج هذا مع استخدام حظائر محلية الصنع قليلة التكلفة إلى أن يكون انتاجه يفوق النصف مليون دجاجة وأكثر من مليون بيضة في اليوم الواحد، بالإضافة إلى إنشاء شركات دواجن في مصر شبيهة لهذا بحيث أصبحت دواجن الوطنية توزع في العديد من البلدان.
رحيل سليمان الراجحي
بعدد مسيرة نجاح وكفاح وعطاء توفي رجل الأعمال السعودي سليمان بن عبد العزيز الراجحي عن عمر 97 عامًان يوم الأربعاء 4 شوال 1438، وصلي عليه في مسجد الراجحي في منطقة الرياض.
بعد أن عاد سليمان الراجحي بدون ثروة حيث وزعها على أولاده وعلى الأعمال الخيرية، حيث كان زاهدا في الحياة على الرغم من الثروة الطائلة التي جمعها حتى أواخر أيامه، ولم يكن لديه رغبة في جمع أموال أكثر مما جمع، فقد مات فقيراً بعد غنى وصل إلى 80 عام وبعدما نال ألقاب عديدة أغنى رجال العالم، ووصى سليمان الراجحي أولاده بعدم إقامة عزاء له.
وقامت موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتسجيل أرقام هذا الرجل العظيم باعتباره صاحب أكبر وقف خيري في العالم، وهو أكبر مزرعة نخيل في العالم، وبلغ عدد النخيل في المزرعة حوالي 200 ألف نخلة. واطلق عليها اسم مزرعة الراجحي نسبة إلى سليمان الراجحي، وكانت المزرعة بمنطقة القصيم وهي من أعظم الأعمال الخيرية التي تركها وراءه هذا الرجل العظيم.
الدروس المستفادة من حياة الراجحي
يقول الراجحي: إن رأس الإنسان هو كمبيوتر إذا ما استُخدم في التفكير الجاد والعمل الدؤوب، وقنوات العمل مفتوحة أمام الجميع تنتظر دخولها".
ومن هذا المنطق استطاع الملياردير الشهير أن يبني ويدير صروحه الاقتصادية، ورغم أن الرجل لم يكمل تعليمه إلا أنه نجح في إدارة موظفيه، والذين يحمل معظمهم شهادات وخبرات اقتصادية كبيرة.
ويعد مصرف الراجحي من أهم المؤسسات التي أدارها الشيخ سليمان وقد تأسس عام 1957م، ويعتبر اليوم أحد أكبر المصارف الإسلامية في العالم، فهو يدير أصولاً بقيمة 124 مليار ريال سعودي (33 مليار دولار أمريكي)، ويبلغ رأس ماله 15 مليار ريال سعودي (4 مليارات دولار)، ويعمل فيه أكثر من 8 آلاف موظف.