عمرو عامر يكتب..ثنائية حسن عبد الله وهشام عز العرب وفن «الاختيار»
23 أكتوبر 2020 ليلة لن ينساها هشام عز العرب .. فقد غادر الرجل للتو مبني البنك التجاري الدوليcib أكبر البنوك الخاصة في مصر، ونفسه تكابد ليخفي حزنه من ظلم ألم به.. لملم نفسه وأوراقه وألقى نظرة الوداع الأخيرة على مبني البنك وغادر في هدوء تشيعه دموع العاملين في البنك..
سببّت تفاصيل الخروج شرخا في جدار النفس عند الرجل ونكرانا للجميل إذ استلم «التجاري الدولي» خرابة إن جاز التعبير، تفتقد للحياة فبعث فيها الروح وواصل الليل بالنهار وكان يغادر منزله في منتصف الليل.. رويدا رويدا أثمرت جهوده وأعطت أكلها وعرف البنك الطريق للأرباح والحداثة والتطوير والرقمنة وقفز عدد العملاء وذكرت في عهده مصطلح «مليارات الأرباح» فكان الجزاء خروج «غير لائق»، لا لشيء سوى الغيرة والحقد من هنا وهناك ومؤامرات حيكت بالليل يعرفها كل من له إطلاع على بواطن الأمور.
وفي بيان عبر حسابه الرسمي على فيس بوك وثق عز العرب إنجازاته حتى لا يسرقها أخرون واحتراما لعملاء البنك وحقهم في المعرفة وقال «خلال 21 عامًا من خدمتي للبنك التجاري الدولي، قمنا ببناء مؤسسة وزادت قيمتها السوقية إلى أكثر من 6 مليارات دولار من 150 مليون دولار، وتم الاعتراف بنا في هذه العملية كأفضل بنك في الأسواق الناشئة العالمية على مدار 3 سنوات".
وأضاف في منشوره: «خلال تلك المهمة الطويلة، كنت قد خططت للتنحي عن منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب العام الماضي، ولكن في ذلك الوقت طلب مني عدد من المساهمين الاستمرار لمدة 12 شهرًا أخرى»".
عز العرب تابع: "في ظل الموقف الحالي مع البنك المركزي المصري، فقد قررت أن الوقت قد حان لإنهاء رحلتي مع البنك التجاري الدولي، لقد كونت صداقات رائعة على مدار هذه السنوات - وسأعتز بهم، واليوم، أغادر منصبي مؤمنا بأنني عشت دائمًا وفقًا للقيم التي من بينها الصدق واللياقة".
انتهت رسالة هشام عز العرب «الجنتل» لجمهور وموظفي البنك ومن المنشور يتضح مع من كانت معركة عز العرب ومن كان على رأس المركزي حينها.. لا وقت للدخول في تفاصيل عفى عنها الزمن، لكن بقت حكاية يصعب نسيانها في الأروقة والدهاليز.
غادر عز العرب التجاري الدولي وتلقفته مؤسسات أخرى لخبرته العريضة وتمر الأيام ويضرب كورونا العالم وترتبك حركة المال في كل الدنيا وكانت تبعاتها قاسية، وما كاد كوفيد 19 أن يهدأ حتى اجتاح بوتين أراضي أوكرانيا في صراع هز أسواق العالم وقطع تجارته وانسدت شرايينه وبلغت الدول الحلقوم، وانكفأت كل دولة مع نفسها في محاولة لإنقاذ مايمكن إنقاذه.
مع الأزمات المتتالية في العالم ارتفع الدولار وتقهقر الجنيه المصري وقفزت أرقام التضخم وخرجت أموال ساخنة وتأثرت الاستثمارات المباشرة وعجزت جهود المركزي المصري في ظل قيادة طارق عامر على مواجهة التحديات ومبارحة الأزمة لآفاق الحلول.. هنا كان لابد من تغيير الاتجاه ناحية متسع جديد للخروج من عنق الزجاجة.
هبت مصر واستدعت أفضل رجالاتها في الساحة المصرفية وقع الاختيار مباشرة على حسن عبد الله ليقود مهمة إنقاذ الوضع الصعب ويقوّم إعوجاج السياسة النقدية.. كان الرجل على قدر الحدث وبدأ من الدقيقة الأولى ترتيب الأوراق والبحث عن حلول غير تقليدية.
بذكائه أيقن «عبد الله» أنه لا يملك مال قارون و لاعصا موسي ولا كيد السحرة، ليتخذ أهم قرارته وأشجعها وهو الاستعانة بالمحاربين القدامى والعارفين بدروب المال والسياسة النقدية، أسماء محترفة ولها تجارب عريضة من النجاحات.. وهنا برز بشكل تلقائي اسم هشام عز العرب صاحب ملحمة التجاري الدولي وحديث البنوك في مصر والشرق الأوسط والاسم المرموق في عالم البنوك والذي يحظى بتقدير كبرى المؤسسات المالية الدولية وعرفوه نابغة مصرفية في مجاله.
كعادة الفرسان لبى عز العرب نداء الواجب واجتمع مع محافظ البنك المركزي الجديد وباقي قادة البنوك للبحث عن حلول قبل أن يعلن حسن عبد الله الاستعانة بهشام عز العرب ليكون مستشارا له في البنك المركزي.. لم يملك عز العرب رفاهية التفكير في العرض لأنه لم يكن يستدعى لمهمة شخصية أو صفقة تجارية بكل كان استدعاء وطنيا بحتا لم يكن ليرفضه.