للحفاظ على نجاحات برنامج الإصلاح الاقتصادي.. خطوات جريئة من البنك المركزي في ظل أزمة كورونا
شهدت مصر في السنوات الأخيرة تحسنًا هائلاً في موازينها الخارجية بالإضافة إلى تحول حقيقي في ملف المخاطر في البلاد وذلك على خلفية برنامج الإصلاح الاقتصادي المحلي الذي تم تنفيذه بنجاح وكان اللاعب الأكبر في ذلك هو البنك المركزي المصري.
والمكاسب التي تحققت في الاقتصاد المصري على مدار السنوات الماضية كانت غاية في الصعوبة ولكنها تجلت في حسن إدارة البنك المركزي المصري بقيادة طارق عامر لدفة الأمور ما ساعد على توفير المرونة الكامية وتمكن البنك المركزي من الحفاظ على الاستقرار المالي مع دعم النشاط الاقتصادي في مواجهة التحديات.
وبفضل مجهودات البنك المركزي فإن وضع صافي الاحتياطيات الدولية الحالي لا يزال قويا ويغطي 8 أشهر من واردات مصر ويمكن للبنك المركزي الوفاء بجميع التزاماته المالية الخارجية، وبفضل مجهودات البنك المركزي المصري أيضا قفزت الاحتياطيات الأجنبية في مصر بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لمدة ثلاث سنوات ابتداء من عام 2016 ، بدعم من صندوق النقد الدولي.
ونتيجة لقوة الاقتصاد المصري وصلابة بنيته فأكد البنك المركزي المصري استعداده لاتخاذ كافة الإجراءات الضرورية للحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري في ظل الظروف الاستثنائية الحالية وغير المسبوقة تزامنا مع وباء فيروس كورونا.
واستخدم البنك المركزي المصري 5.4 مليار دولار من احتياطياته من العملات الأجنبية خلال شهر مارس الماضي بسبب أزمة فيروس كورونا وخصصت الأموال جزئياً لتدفقات استثمارات الحافظة الأجنبية من خلال آلية البنك المركزي لإعادة العملات الأجنبية لتلبية احتياجات السوق المحلية من العملات الأجنبية لاستيراد السلع الاستراتيجية ولسداد التزامات خدمة الديون الخارجية.
جاء ذلك بسبب التضييق الشديد في الأوضاع المالية العالمية والتدابير التي اتخذها البنك المركزي المصري بما يتفق مع تفويضه في الحفاظ على الاستقرار المالي حيث سجل صافي الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي 40.11 مليار دولار حتى نهاية مارس 2020 انخفاضا من 45.51 مليار دولار في نهاية فبراير 2020.
وأشادت وكالة فيتش بقرارات البنك المركزي المصري للمساعدة في تعويض الآثار المحتملة لوباء فيروس كورونا على الاقتصاد.
ويرصد "بانكير " المبادرات والإجراءات السريعة التي اتخذها البنك المركزي المصري للتعامل مع أزمة كورونا وللحفاظ على مكتسبات ونجاحات برنامج الإصلاح الاقتصادي ولتخفيف حدة الضربة الكبيرة للأسواق المالية العالمية الناشئة بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأطلق البنك المركزي المصري عدة إجراءات جديدة بشأن تفشي فيروس كورونا مما يسهل العمليات المصرفية والنقدية وتشمل الإجراءات رفع القيود على المعاملات اليومية بما في ذلك أجهزة الصراف الآلي وتشجيع استخدام بطاقات الائتمان على النقد.
كما أصدر البنك المركزي المصري تعليمات للبنوك المحلية برفع حدود المعاملات اليومية على بطاقات الائتمان إلى جانب إلغاء الرسوم والعمولات المطبقة في نقاط البيع وعلى عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي لمدة ستة أشهر.
وتشمل الإجراءات أيضًا الاحتفاظ بالودائع المصرفية محليًا في الفروع كاحتياطات وكذلك حث العملاء على استخدام بطاقات الائتمان والديون بدلاً من النقد. ورفع البنك المركزي المصري الحد الأقصى للمدفوعات الإلكترونية عبر الهواتف المحمولة إلى 30 ألف جنيه في اليوم و10 آلاف جنيه في الشهر للأفراد و40 ألف جنيه في اليوم 200 ألف جنيه في الأسبوع للشركات.
كما أرسل البنك المركزي المصري توجيهات للبنوك يأمرهم فيها بإتاحة حسابات عملائهم عبر الإنترنت والتي يمكن الوصول إليها من خلال الهواتف المحمولة باستخدام بيانات العملاء المسجلة بالفعل.
ورفع البنك المركزي عدد الوحدات النقدية الإلكترونية لكل بنك إلى 500 ألف جنيه مما سمح بمعاملات الحساب من داخل نفس البنك أو من بنك إلى آخر.
كما أمر البنوك بإصدار المحافظ الإلكترونية لمدة ستة أشهر وإصدار بطاقات مصرفية مجانية للمواطنين لمدة ستة أشهر ورفع حدودها من 300 جنيه إلى 600 جنيه دون الحاجة إلى إدخال كلمة مرور.
وأعفت الإجراءات الجديدة للبنك المركزي المصري منافذ الدفع من جميع الرسوم والعمولات على العمليات التي تتم من خلال البطاقات المصرفية أو محافظ الهاتف المحمول.
وبالنسبة لعمليات الصراف الآلي ستتحمل جهة إصدار البطاقة جميع الرسوم على السحوبات النقدية خلال فترة إلغاء الرسوم.
وتأتي الخطوة الأبرز من البنك المركزي المصري بتخفض أسعار الفائدة الرئيسية بنسبة 3٪ ، أو 300 نقطة أساس ، مع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة عند 10.25٪ ومعدل الودائع لليلة واحدة عند 9.25٪ وهذه المعدلات هي الأدنى منذ أوائل عام 2016.
كما أصدر البنك المركزي قرارا بتأخير ستة أشهر من المواعيد المستحقة لجميع أنواع القروض الاستهلاكية والشركات الصغيرة بما في ذلك القروض العقارية وقروض السيارات.
- الإجراءات الحكومية وجدير بالذكر أن البنك المركزي المصري دعم أيضا إجراءات الحكومة في عدد من الخطوات التي اتخذتها لدعم القطاع الصناعي والتعامل مع التداعيات الاقتصادية المتوقعة لانتشار فيروس كورونا حيث قررت الحكومة تخفيض سعر الغاز الطبيعي المقدم للصناعات إلى 4.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (Btu) ، منخفضة من 5.50 دولار كما انخفضت أسعار الكهرباء للصناعات الثقيلة بمقدار 0.10 جنيه مصري (0.0064 دولار) لكل كيلوواط / ساعة.
وبالنسبة للمصدرين قدمت الحكومة مليار جنيه مصري في مارس وأبريل للمساعدة في تغطية بعض المستحقات التي يدفعونها في صندوق حكومي لصالحهم وستدفع الحكومة أيضاً 10٪ من تلك المستحقات نقداً للمصدرين في يونيو كما تم تأجيل مواعيد استحقاق الضرائب العقارية على المصانع والمنشآت السياحية لمدة ثلاثة أشهر.
وفي محاولة لتعزيز سوق الأوراق المالية خفضت الحكومة أيضًا ضريبة الدمغة على استثمارات الأسهم إلى 1.25 جنيهًا لكل ألف جنيه لغير المقيمين و 0.5 جنيهًا لكل ألف جنيه للمقيمين ، بدلاً من 1.5 كما خفضت معدل ضريبة الأرباح الموزعة للشركات المدرجة في البورصة إلى 5٪.
ورحب خبراء الاقتصاد بإجراءات الحكومة والبنك المركزي المصري للحفاظ على دورة الأعمال ومنع حدوث أزمة اقتصادية مؤكدين أنها تساهم بشكل كبير في تطوير القطاع الصناعي وتعكس الدور الرئيسي للدولة في تحفيز الاقتصاد الوطني في أوقات الأزمات.
- نتائج مبشرة أدى خفض سعر الفائدة بنسبة 3٪ من قبل البنك المركزي المصري إلى ضخ مالي بالسوق المصرية بقيمة بقيمة 20 مليار جنيه مصري "1.27 مليار دولار" ورفع الأسهم المصرية ما أدى ذلك إلى خطوة إيجابية لتعزيز الاقتصاد بشكل عام وصفها الخبراء بأنها "خطوة ضد الركود ".
وساعد خفض سعر الفائدة في تخفيف وطأة تباطؤ النمو كما أن انخفاض معدل التضخم هو عامل رئيسي آخر وراء هذه الخطوة والهدف هو التسهيل على مجتمع الأعمال من خلال تخفيض معدل الإقراض فضلا عن جذب المستثمرين ومجتمع الأعمال بشكل عام إلى الأسهم.
- إجراء احترازي ووصف طارق عامر محافظ البنك المركزي خفض الفائدة بأنه إجراء احترازي تم تنفيذه بسبب الضرر المحتمل الذي يشكله فيروس كورونا على الاقتصاد المصري مؤكدا أننا لا نريد الانتظار حتى يحدث تأثير سلبي وظروفنا الاقتصادية والمالية القوية جعلت التضحيات ممكنة لمساعدة الاقتصاد.
وجدير بالذكر أن البنك المركزي المصري يلجأ لتخفيض أسعار الفائدة لتخفيف الضغوط التضخمية ويعتمد صانعو السياسة النقدية على أسعار الفائدة المرتفعة منذ تعويم الجنيه في عام 2016 لجذب تدفقات الدولار إلى الاستثمارات غير المباشرة على سبيل المثال أذون الخزانة وأدوات الدين السيادي.
- التمويل الطارئ من صندوق النقد الدولي ونجح البنك المركزي المصري في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 2.8 مليار دولار لمعالجة الاقتصاد المصري والتعامل مع أزمة فيروس كورونا.
ووافق صندوق النقد الدولي على تمويل طارئ لمصر للمساعدة على التغلب على الأزمة المالية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا وهذه المساعدة الطارئة التي قدمها الصندوق تأتي في إطار أداة التمويل السريع وتم تخصيصها لاحتياجات ميزان المدفوعات العاجلة كما يساعد هذ التمويل في التخفيف من تداعيات كورونا على الوضع المالي المصري وحماية برنامج الإصلاح الناجح للبلاد الذي حافظ على نمو إيجابي للناتج المحلي الإجمالي فوق 2٪.
ويأتي دعم الطوارئ من صندوق النقد الدولي لمصر للحد من انخفاض احتياطيات مصر الدولية وتوفير التمويل للميزانية للإنفاق المستهدف والمؤقت واحتواء وتخفيف الأثر الاقتصادي لوباء فيروس كورونا.