رسوم ترامب الجديدة على الصين.. لماذا تثير قلق العالم؟

في خطوة جديدة تزيد من حدة التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة تستهدف الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية.
تأتي هذه القرارات في سياق تصاعد المواجهة التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يثير مخاوف واسعة بشأن تداعياتها على الاقتصاد العالمي، والاستثمارات الدولية، وأسواق المال.
قيود مشددة على الاستثمارات الصينية
ووفقًا لمذكرة رئاسية وقعها ترامب، ستقوم لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بتشديد القيود على الاستثمارات الصينية في مجالات حيوية تشمل التكنولوجيا، البنية التحتية، الرعاية الصحية، الزراعة، الطاقة، والمواد الخام.
وتشير الوثيقة إلى أن الإدارة الأمريكية تعتزم وضع قواعد جديدة تحد من استغلال الصين لرأس المال والتكنولوجيا الأمريكية، كما تخطط للنظر في فرض قيود إضافية على الاستثمارات الأمريكية المتجهة إلى بكين، لا سيما في القطاعات المتقدمة مثل أشباه الموصلات، الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمية، التكنولوجيا الحيوية، وقطاع الفضاء.
حماية الأسواق الأمريكية وتشديد الرقابة على الشركات الأجنبية
وإلى جانب القيود الاستثمارية، يسعى البيت الأبيض لحماية المستثمرين الأمريكيين عبر فرض تدقيق أكثر صرامة على الشركات الأجنبية المدرجة في البورصات الأمريكية.
كما تشمل الإجراءات الجديدة منع الشركات الصينية من الاستفادة من برامج التقاعد الأمريكية، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص تمويل بعض الشركات الكبرى في الصين.
تشجيع الاستثمارات الحليفة
ورغم التصعيد ضد الصين، تتضمن المذكرة الرئاسية بنودًا تهدف إلى تسهيل الاستثمارات القادمة من الحلفاء التجاريين للولايات المتحدة، عبر آلية "سريعة المسار" لإنجاز المشاريع، إلى جانب تسريع المراجعات البيئية لأي استثمار تتجاوز قيمته مليار دولار.
حماية الأراضي الزراعية والتكنولوجيا الأمريكية
وتضمنت القرارات الجديدة تعزيز سلطة لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة لحماية الأراضي الزراعية الأمريكية والعقارات القريبة من المنشآت الحساسة.
كما تسعى إلى تقليل وصول الصين إلى المواهب والعمليات الأمريكية في التقنيات الحساسة.

التداعيات الاقتصادية العالمية
وتثير هذه القرارات مخاوف كبيرة في الأوساط الاقتصادية العالمية، حيث من المتوقع أن يكون لها تأثيرات مباشرة على سلاسل التوريد، والنمو الاقتصادي، واستقرار الأسواق المالية.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في الولايات المتحدة بسبب التعريفات الإضافية المفروضة على المنتجات الصينية، كما قد تؤدي إلى تراجع تدفقات الاستثمارات بين البلدين، مما يؤثر سلبًا على الشركات متعددة الجنسيات التي تعتمد على الأسواق الصينية والأمريكية.
ردود الفعل الدولية
وأثارت الخطوة الأمريكية ردود فعل متباينة على المستوى الدولي. فقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من تصاعد التوترات التجارية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
كما حذرت الصين من تداعيات "مدمرة" لهذه الإجراءات، متوعدة باتخاذ إجراءات انتقامية قد تشمل فرض تعريفات مضادة على المنتجات الأمريكية أو تقييد تصدير المعادن النادرة التي تحتاجها الصناعات التكنولوجية الأمريكية.
تأثير الرسوم على الأسواق المالية
وشهدت الأسواق المالية العالمية تقلبات حادة بعد إعلان ترامب عن الإجراءات الجديدة، حيث سجلت مؤشرات البورصة الأمريكية تراجعًا طفيفًا وسط مخاوف المستثمرين من تأثير الحرب التجارية الممتدة على أرباح الشركات.
كما تأثرت الأسواق الآسيوية سلبًا مع تراجع قيمة اليوان الصيني أمام الدولار الأمريكي.
هل ستؤدي الحرب التجارية إلى ركود عالمي؟
وحذر بعض الخبراء الاقتصاديين من أن استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي، خاصة إذا تصاعدت الإجراءات الانتقامية بين البلدين، إذ تعد الصين أحد أكبر المستوردين للمواد الأولية، وأي تراجع في اقتصادها قد يؤثر سلبًا على اقتصادات الدول النامية التي تعتمد على الصادرات إلى السوق الصينية.
وتعتبر الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الصين تصعيدًا جديدًا في المواجهة الاقتصادية بين البلدين، وقد تكون لها تداعيات عميقة على الاقتصاد العالمي، وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تقليص النفوذ الاقتصادي الصيني، فإن هذه السياسات قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق العالمية وتغييرات كبيرة في خارطة التجارة الدولية.
ومع استمرار التوترات، يبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام مرحلة جديدة من الحروب التجارية طويلة الأمد، أم أن المفاوضات ستتمكن من تهدئة الأوضاع قبل حدوث أزمة اقتصادية عالمية؟.