الثلاثاء 11 فبراير 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
اقتصاد مصر

لا يعني تحسن المعيشة.. هل انخفاض التضخم يعني تراجع الأسعار؟

الإثنين 10/فبراير/2025 - 12:32 م
لا يعني تحسن المعيشة..
لا يعني تحسن المعيشة.. هل انخفاض التضخم يعني تراجع الأسعار؟

يظل التضخم واحدًا من أكثر المصطلحات الاقتصادية التي تُثير الجدل بين الخبراء والمواطنين على حد سواء، فهو المؤشر الذي تعتمد عليه الحكومات والبنوك المركزية في تقييم استقرار الأسواق، بينما يعكس للمستهلكين مدى قدرتهم على مواجهة تكاليف المعيشة. 

لكن المعضلة الكبرى تكمن في الاعتقاد السائد بأن تراجع معدلات التضخم يعني بالضرورة انخفاض الأسعار، وهو ما يتناقض مع الواقع الاقتصادي، حيث يمكن أن تنخفض نسب التضخم، بينما تستمر الأسعار في الصعود أو تظل عند مستوياتها المرتفعة.

العلاقة بين التضخم والأسعار

تُظهر التجارب الاقتصادية العالمية أن التضخم لا يقيس الأسعار المطلقة، بل يقيس معدل التغير في الأسعار على مدار فترة زمنية محددة، ما يعني أن انخفاضه لا يعني عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة، وإنما تباطؤ وتيرة ارتفاعها فقط.

ففي العديد من الدول، شهدت الأسواق انخفاضًا في معدلات التضخم بعد فترات من التضخم الحاد، لكن الأسعار لم تتراجع، بل استمرت في النمو بوتيرة أبطأ، ما يُبقي الأعباء المعيشية على المواطن دون تغيير جوهري.

خبير اقتصادي: انخفاض التضخم لا يعني انخفاض الأسعار

وفي السياق المصري، يُعد هذا السؤال أكثر إلحاحًا، خاصة بعد تراجع معدل التضخم في بعض الفترات، رغم أن الأسعار لم تنخفض بل واصلت الارتفاع، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها تكلفة الإنتاج والتسعير، وضعف القوة الشرائية للجنيه، إلى جانب استهداف التضخم وفق سنة الأساس دون معالجة الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار.

هذا الوضع يفرض ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية، بحيث يكون التركيز على ضبط تكاليف السلع والخدمات، وليس فقط تحسين الأرقام الرسمية للتضخم، وهذا ما أكده الخبير الاقتصادي وائل النحاس قائلا: “انخفاض التضخم لا يعني بالضرورة تراجع الأسعار، والحكومة مطالبة باستهداف تكلفة التسعير لا معدلات التضخم من أجل الوصول إلى حل جذري في مشكلة ارتفاع الأسعار".

التضخم كمؤشر اقتصادي لا يعكس تحسن المعيشية 

وقال “النحاس”، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إن التضخم كمؤشر اقتصادي لا يعكس بالضرورة تحسن الأوضاع المعيشية أو انخفاض الأسعار، موضحًا أن المشكلة الحقيقية التي تواجه الأسواق ليست في تراجع معدلات التضخم، بل في استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج والتسعير، مما يؤدي إلى ضغط مباشر على القوة الشرائية للمواطنين.

وأوضح النحاس أن التجربة الاقتصادية لمصر في عام 2016، عند تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه، كانت مثالًا واضحًا على ذلك، حيث قفز معدل التضخم إلى 38%، ومع مرور الوقت، تراجعت معدلاته تدريجيًا حتى وصلت إلى 6% في عام 2022، لكن دون أن يصاحب هذا الانخفاض أي تراجع في أسعار السلع، بل استمرت في الارتفاع.

 انخفاض التضخم رقمًا نظريًا

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن هذا الأمر يعكس خللًا جوهريًا في آلية التعامل مع التضخم، حيث يتم التركيز على مقارنات سنوية تستند إلى "سنة الأساس"، دون أن يتم استهداف التكاليف الفعلية للمنتجات والخدمات، مما يجعل انخفاض التضخم رقمًا نظريًا لا ينعكس على الأسواق، إذ تبقى الأسعار في اتجاه تصاعدي مستمر، حتى في ظل انخفاض المؤشر الرسمي للتضخم.

وأضاف النحاس أن استراتيجية استهداف التضخم وفق سنة الأساس أصبحت غير ملائمة للواقع الاقتصادي الحالي، خاصة في ظل التغيرات الحادة التي شهدها سعر الصرف، حيث فقد الجنيه المصري نحو 67% من قيمته خلال عام 2024، ورغم انخفاض معدلات التضخم، لم تنخفض الأسعار، بل استمرت في الصعود، وهو ما يكشف عن التناقض بين تراجع معدلات التضخم وبين ارتفاع تكلفة المعيشة.

وأكد أن الانخفاض الحقيقي في التضخم لا يُقاس فقط بتراجع النسب المعلنة، وإنما بانعكاسه المباشر على قدرة المواطن الشرائية، متسائلًا: "إذا كنت أشتري خمس سلع بـ10 آلاف جنيه سابقًا، فهل يمكنني الآن شراء سبع سلع بنفس المبلغ؟"، مشددًا على أن هذا لم يحدث، وهو ما يثبت أن التضخم في شكله التقليدي لم ينخفض فعليًا، بل تحوّل إلى حالة من التضخم المزمن الذي يستمر في تقليص القوة الشرائية، حتى مع استقرار أو تراجع مؤشراته الحسابية.