الأربعاء 22 يناير 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
اقتصاد مصر

الاقتصاد المصري في عهد ترامب.. هل يستمر سعر الدولار في الانخفاض أمام الجنيه في 2025؟

الثلاثاء 21/يناير/2025 - 03:48 م
الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري

يشهد سعر الدولار في السوق المصرية موجة من التراجع التدريجي، تعكس التحسن الملحوظ في أداء الاقتصاد المحلي واستقرار الأوضاع المالية، ويرى المتخصصون أن هذا التراجع لم يكن عشوائيًا، بل جاء نتيجة واضحة لتفعيل آليات السوق الحر، حيث أدى تزايد المعروض الدولاري داخل البنوك إلى انخفاض قيمته أمام الجنيه. 

ويرتبط استقرار اسعار العملة المحلية بسياسات الإصلاح الاقتصادي التي ساهمت في استيعاب الصدمات الخارجية، مثل الأزمات العالمية التي أثرت على الدولار سابقًا، ومع توقعات بزيادة تدفقات الدولار نتيجة تحسن الأنشطة الاقتصادية على المستويين المحلي والدولي، يُرجح أن تشهد الفترة المقبلة استمرارًا في هذا المنحى الإيجابي، ليُرسخ ذلك من قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق الاستقرار النقدي، ويدفع باتجاه انخفاض تدريجي ومستدام لسعر الدولار في السوق المحلية.

البهواشي: انخفاض الدولار تدريجيًا

سعر الدولار أمام الجنيه 

وفي هذا السياق، صرّح الخبير الاقتصادي محمد البهواشي بأن الارتفاع السابق في سعر الدولار لم يكن نتيجة أزمات داخلية، بل تأثر بشكل رئيسي بالأزمات الاقتصادية العالمية، إذ ارتبط ذلك الارتفاع بالمؤشر العالمي لقيمة الدولار.

وأضاف "البهواشي"، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن ما نشهده حاليًا في سوق الصرف يأتي وفقًا لآليات العرض والطلب، حيث يؤدي تراجع الطلب على الدولار، مع وفرة المعروض منه داخل البنوك، إلى انخفاض قيمته تدريجيًا، مؤكدا أن هذا الوضع يُعد إحدى المزايا الإيجابية لتطبيق سياسة تحرير سعر الصرف.

وتابع البهواشي: "أتوقع خلال الفترة المقبلة زيادة كبيرة في المعروض الدولاري، مدفوعة بتحسن المؤشرات الاقتصادية، واستعادة الاستقرار الملاحي في البحر الأحمر عقب انتهاء الصراع في غزة، بالإضافة إلى انتعاش حركة السفن عبر قناة السويس، وعودة النشاط القوي للقطاع السياحي، حيث أن جميع هذه العوامل ستسهم بشكل مباشر في رفع الاحتياطي النقدي الأجنبي بالبنوك".

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن المؤشرات الاقتصادية لمصر لعام 2025 تؤكد أن الحصيلة الدولارية مرشحة للنمو بشكل ملحوظ، مما سيمهد الطريق نحو استقرار سعر الصرف وانخفاض الدولار تدريجيًا. 

واختتم “البهواشي” تصريحه قائلًا: "لا يمكننا الحديث عن انخفاض حاد في سعر الدولار، ولكن الأوضاع الاقتصادية المستقرة ستدعم بشكل واضح هذا التراجع التدريجي خلال الفترة المقبلة، وتساهم في استعادة الجنيه المصري قيمته خلال هذا العام".

النحاس: انخفاض الدولار “مؤقت” وسيرتفع خلال أيام

سعر الدولار أمام الجنيه 

ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس أن التراجع الحالي في سعر الدولار يعود إلى غياب الالتزامات المالية العاجلة على الدولة المصرية خلال هذه الفترة، مشيرًا إلى أن "إجازة الصين"، التي تتوقف فيها حركة التجارة العالمية، ساهمت في انخفاض الطلب على الدولار، مما أدى إلى تراجع سعره، واصفا الوضع الحالي بأنه "هدوء نسبي" قد لا يستمر طويلًا.

وأضاف النحاس، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أنه من المتوقع أن يشهد الدولار ارتفاعًا ملحوظًا في النصف الثاني من فبراير المقبل، مع ظهور التزامات مالية جديدة على الدولة تستدعي زيادة الطلب على العملة الأجنبية، مما سيؤدي إلى صعود قيمتها مجددًا.

تحديات تضع الاقتصاد المصري تحت الضغط

وحذر النحاس من حالة الضبابية التي تحيط بالاقتصاد العالمي نتيجة التوترات الجيوسياسية، موضحًا أن تركيز رؤوس الأموال حاليًا يتجه نحو إعادة إعمار سوريا وغزة، وهو ما قد يحدّ من حجم الاستثمارات الأجنبية الموجهة إلى السوق المصرية.

وأشار إلى أن هذه التحديات قد تضع الاقتصاد المصري أمام صعوبات متزايدة، خاصة في ظل تنافس عالمي على استقطاب رؤوس الأموال.

صعود ترامب.. تهديد مباشر للاستقرار الاقتصادي

وعبّر النحاس عن قلقه العميق من من عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، معتبرًا أن سياساته الاقتصادية قد تُشعل حربًا تجارية عالمية جديدة.

ولفت إلى أن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على أعضاء مجموعة "البريكس"، التي انضمت إليها مصر مؤخرًا، يمثل خطرًا مباشرًا على الاقتصاد المحلي.

وأوضح النحاس أن تهديدات ترامب لا تقتصر على دول "البريكس"، بل تشمل أوروبا والصين أيضًا، حيث لوّح بفرض تعريفات جمركية إضافية، وإجبار أوروبا على شراء النفط الأمريكي، محذرا من أن هذه السياسات التي أعلن عنها رئيس الولايات المتحدة قد تؤدي إلى تضخم عالمي جديد وارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع.

وأشار النحاس إلى أن السوق الأمريكي يمثل ما بين 30% و40% من صادرات مصر، مؤكدًا أن فرض رسوم جمركية جديدة سيؤدي إلى تراجع القدرة التنافسية للشركات المصرية، وانخفاض الصادرات، ما سينعكس سلبًا على الإنتاج المحلي، ويرفع من معدلات التضخم.

استقرار الجنيه مرهون بتغير المشهد العالمي

وفيما يتعلق بسعر الصرف، أوضح النحاس أنه من الصعب الحديث عن استعادة الجنيه المصري لقيمته أمام الدولار في الوقت الحالي، نظرًا لاستمرار حالة عدم الاستقرار العالمي، مضيفا أن تقييم قوة الجنيه أو ضعف الدولار يتطلب وضوحًا أكبر في السياسات الاقتصادية العالمية.

وفيما يخص أسعار الفائدة، رجح النحاس أن يبقي البنك المركزي عليها دون تغيير في اجتماعه المقبل، استنادًا إلى جدول الطروحات الحكومية الذي سيبدأ تأثيره في النصف الثاني من الربع الثاني للعام الجاري.

وشدد على أهمية استهداف تكاليف الإنتاج بدلًا من معدلات التضخم للسيطرة على الأسعار، مشيرًا إلى أن انخفاض التضخم في السنوات الأخيرة لم ينعكس على أسعار السلع، ما يتطلب إعادة النظر في السياسات الاقتصادية لمواجهة جذور المشكلة.

واختتم النحاس تصريحاته بالتأكيد على ضرورة تبني سياسات اقتصادية تستهدف خفض تكاليف الإنتاج بشكل مباشر، مؤكدًا أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار حقيقي في الأسعار.

تقارير: الاستثمارات تتجه للسندات والأسهم مع توقعات خفض الفائدة

مؤشرات أسعار الدولار أمام الجنيه 2025

وكشف تقرير اقتصادي أن استثمارات الأجانب في السوق المصرية تشهد تحولاً ملحوظاً نحو السندات وسوق الأسهم بدلاً من أذون الخزانة، مدفوعة بتوقعات خفض البنك المركزي أسعار الفائدة تدريجياً خلال العام الحالي، وذلك بعد وصولها إلى مستويات تاريخية مرتفعة.

وأشار التقرير - الذي نشره الشرق بلومبرج - أن هذا التوجه الجديد بدأ يبرز مع انتهاء آجال استحقاق أذون الخزانة لأجل 12 شهرًا مع نهاية عام 2024، مشيرين إلى أن المستثمرين الأجانب باتوا يفضلون السندات طويلة الأجل والأسهم للاستفادة من العوائد المرتفعة المتوقعة في ظل احتمالات التيسير النقدي.

تراجع التضخم ودعم قرار خفض الفائدة

وتستعد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي لعقد اجتماعها الأول لعام 2025 في 20 فبراير، وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة، مدعومة بالتراجع الملحوظ في معدلات التضخم منذ الربع الأول من العام الجاري، وفق بيانات البنك المركزي المصري.

وأكد مصرفيون أن عودة الاستثمارات الأجنبية إلى شراء السندات وأذون الخزانة منذ بداية العام ساعدت في تخفيف الضغط على الدولار، ما أدى إلى استقرار نسبي في سعر صرفه مقابل الجنيه، مشيرين إلى انخفاض حجم معاملات الإنتربنك خلال يناير الجاري إلى 900 مليون دولار مقارنة بأكثر من مليار دولار أسبوعيًا في ديسمبر الماضي، مما يعكس تحسن وفرة الدولار في السوق.

وقال المصرفيون إن توقعات خفض الفائدة دفعت المستثمرين إلى تحويل استثماراتهم من الأذون قصيرة الأجل إلى السندات متوسطة الأجل، مضيفين أن قرب حصول مصر على شريحة جديدة من صندوق النقد الدولي عزز من شهية المستثمرين لضخ استثمارات جديدة في السندات.

وأوضحوا أن الأجانب أبدوا اهتمامًا كبيرًا بالسندات المحلية ذات الآجال المتوسطة والطويلة لتحقيق عوائد أعلى لفترات زمنية أطول، في ظل توقعات استمرار سياسة التيسير النقدي.

ويبدو أن التغيرات الحالية في استراتيجيات الأجانب تعكس ثقة متزايدة في استقرار الاقتصاد المصري وإدارة أدواته النقدية، وسط توقعات بتحقيق مكاسب أكبر في ظل سياسات نقدية أكثر مرونة خلال الفترة المقبلة.