تقرير: قوة الجنيه المصري مستمرة

في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي يشهدها العالم وتأثيراتها المباشرة على الاقتصاد المصري، يبرز تساؤل جوهري حول مستقبل سعر الدولار أمام الجنيه المصري والذي يربطه الشارع المصري بالتعويم وارتفاع الأسعار ما نتج عنه تخوف مستمر فهل يستمر سعر الدولار في التراجع أمام الجنيه؟ 

قال الخبير الاقتصادي د. محمد البهواشي لـ "بانكير"  إن استمرار اعتماد الاقتصاد المصري بشكل كبير على الدولار يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات السوق العالمية وسياسات الإدارة الأمريكية.

وأضاف أن تحرير سعر الصرف ساهم في زيادة مرونة السوق، لكنه في الوقت نفسه جعل الاقتصاد أكثر حساسية للتغيرات الخارجية، سواء في أسعار العملات أو تقلبات الاقتصاد العالمي.

وأكد أن أي توقعات بزيادة كبيرة في سعر الدولار تأتي غالبًا من مضاربات يقودها أفراد وكيانات لها مصلحة في رفع سعر العملة الأجنبية، مثل السوق السوداء التي تحاول بث القلق بين المواطنين عبر نشر أخبار سلبية ومضللة.

ودعا البهواشي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة من قبل الدولة لترشيد الإنفاق وتقليل الاعتماد على المكون الأجنبي في المشروعات المحلية، بما يسهم في تخفيف الضغط على العملة الصعبة كما أشار إلى أهمية الدور الرقابي للدولة في مواجهة التجار والمضاربين الكبار الذين يتلاعبون بأسعار الدولار ويؤثرون سلبًا على استقرار الاقتصاد.

تعويم جديد للجنيه ؟

وحول الاسئلة المتكررة عن هل نواجه تعويمًا جديدًا؟ استبعد البهواشي ذلك لأن الدولار أصبح بالفعل يتداول بحرية في السوق، لكن المطلوب هو تخفيف الاعتماد المفرط على العملة الأجنبية بدلاً من التوجه إلى مزيد من إجراءات التعويم.

سعر الدولار أمام الجنيه 

في الآونة الأخيرة، شهد سعر الدولار انخفاضًا ملحوظًا أمام الجنيه المصري حيث سجل الدولار في البنك المركزي المصري 50.38 جنيه للشراء و50.52 جنيه للبيع.

كما انخفض في البنك الأهلي المصري إلى 50.40 جنيه للشراء و50.50 جنيه للبيع، وفي بنك مصر إلى 50.40 جنيه للشراء و50.50 جنيه للبيع.

وهذا الانخفاض يعكس تحسنًا نسبيًا في قيمة الجنيه المصري، مما قد يشير إلى تأثير إيجابي للإجراءات الاقتصادية المتخذة ومع ذلك، يظل من الضروري متابعة التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية لضمان استدامة هذا التحسن.

واصل سعر الدولار تراجعاته أمام الجنيه المصري بنهاية تعاملات اليوم الأربعاء، وذلك في ظل تنامي الإقبال على السندات المصرية.

وفي غضون ذلك، تلقت مصر تدفقات استثمارية مباشرة صافية بقيمة 20.9 مليار دولار من الدول العربية خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

وأوضحت البيانات أن إجمالي الاستثمارات العربية في مصر خلال العام المالي الماضي بلغ 39.448 مليار دولار مقارنة بـ4.3 مليار دولار فقط في العام المالي السابق.

استحوذت الإمارات العربية المتحدة على النصيب الأكبر من هذه الاستثمارات، حيث شكّلت استثماراتها في قطاع الإنشاءات 95.3% من الإجمالي، مسجلة نحو 37.5 مليار دولار مقارنة بـ1.7 مليار دولار فقط خلال العام المالي 2023-2022.
تأتي هذه القفزة الكبيرة نتيجة توقيع مصر صفقة "رأس الحكمة" الاستثمارية العقارية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار، بهدف تطوير المنطقة وتعزيز الاستثمارات العقارية والبنية التحتية. وتشمل الصفقة تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات في مشاريع رئيسية بالبلاد.

سندات دولية

صرّحت زينة رزق، الشريكة في إدارة أصول الدخل الثابت لدى "أموال كابيتال"، بضرورة إصدار مصر سندات أو صكوك دولية في أسرع وقت ممكن للتخفيف من الضغوط على صافي الأصول الأجنبية، خاصة في ظل تنامي الإقبال على السوق المصرية مع تحسن الأسس الاقتصادية وتراجع معدلات التضخم.

وأوضحت رزق أن ديسمبر الماضي شهد استحقاقات كبيرة لأذون الخزانة المصرية، تزامنًا مع خروج بعض المستثمرين الأجانب انتظارًا للاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي، مؤكدة أن إصدارات جديدة سيتم طرحها قريبًا لسد هذه الفجوة.

كما أشارت إلى استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق، نتيجة تحسن بيانات الوظائف في الولايات المتحدة، مما أثار تكهنات بعدم خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، بل وظهور احتمالات لزيادتها.

توقعات الفائدة

من جانبه، استبعد محمد لطفي، العضو المنتدب لشركة "أسطول لتداول الأوراق المالية"، إقدام البنك المركزي المصري على خفض الفائدة خلال اجتماع فبراير المقبل.

وأضاف لطفي أن عودة الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية المصرية مع بداية العام الجديد تعادل تقريبًا معدلات التخارج التي شهدها السوق في نهاية العام الماضي، مما يجعل خفض الفائدة خطوة غير مرجحة في الفترة الحالية. وتوقع أن يتم ذلك في أبريل المقبل بواقع 2% أو أكثر.

وفيما يتعلق بسوق الأسهم المصرية، أشار لطفي إلى أن النصف الثاني من العام الجاري سيشهد عودة قوية للمستثمرين الأجانب، متوقعًا انتهاء التصحيح الحالي في السوق خلال الأسبوع المقبل.

الدولار اليوم أمام الجنيه المصري

سجل أعلى سعر رسمي للدولار اليوم في مصر لدى مصرف أبو ظبي الإسلامي، حيث وصل إلى مستوى 50.50 جنيه للشراء و50.59 جنيه للبيع.

وفي بنوك أخرى مثل البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في مصر، وصل سعر الدولار إلى 50.40 جنيهًا للشراء، وسعر البيع عند 50.50 جنيهًا.

أما أكبر بنك قطاع خاص في مصر، البنك التجاري الدولي  CIB، فقد سجل سعر الدولار 50.40 جنيهًا للشراء، وسعر البيع عند 50.50 جنيهًا.