المقرات الحكومية بوسط البلد.. كيف تضع الحكومة “القاهرة الخديوية” في مصاف الوجهات السياحية العالمية؟
في خطوة تعكس رؤية الدولة الطموحة لتعظيم الاستفادة من الأصول غير المستغلة، والتحول نحو اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، أعلنت الحكومة عن خطط جريئة لتحويل المقرات الحكومية بوسط البلد إلى مشروعات استثمارية واعدة، تلك المباني، التي تجمع بين القيمة التاريخية والطابع المعماري المميز، تستعد لتصبح واجهة اقتصادية وسياحية تُعبر عن روح القاهرة وتراثها العريق، مع تحقيق عوائد تنموية تسهم في تعزيز مكانة المنطقة محليًا ودوليًا.
وتعتبر السياحة من القطاعات الحيوية التي تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة الدولة على الساحة العالمية، وفي ظل هذه التحديات التي يواجهها القطاع، تبرز أهمة التحول في استخدام المنشآت الحكومية القديمة كحل مبتكر لمواجهة أزمة نقص الطاقة الاستيعابية الفندقية.
هذا المشروع لا يقتصر فقط على تحسين البنية الفندقية، بل يعزز أيضًا من الحفاظ على التراث المعماري الفريد للمباني التاريخية في قلب القاهرة، مما يساهم في تقديم تجربة سياحية متميزة للزوار.
حلم الـ 30 مليون سائح
ومن جانبه، أشاد الخبير السياحي رمضان طنطاوي بفكرة تحويل المنشآت الحكومية في منطقة وسط البلد إلى فنادق سياحية، مؤكداً أن هذه الفكرة تمثل خطوة هامة لإنعاش قطاع السياحة في مصر.
وأضاف "طنطاوي"، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن هذه الخطوة ستساهم في حل أزمة العجز في الطاقة الاستيعابية الفندقية، بما يتماشى مع خطة الدولة لتحقيق الاستراتيجية الوطنية للسياحة، والوصول بمعدلات التدفقات السياحية إلى 30 مليون سائح سنويًا.
حل أزمة نقص الغرف الفندقية
وأشار طنطاوي إلى أن مصر تعاني من نقص في عدد الغرف السياحية، حيث يبلغ العدد الحالي 220 ألف غرفة فقط على مستوى الجمهورية، ولتحقيق هدف الدولة في استقطاب 30 مليون سائح سنويًا، يجب على الحكومة مضاعفة عدد الغرف الفندقية ليصل إلى 500 ألف غرفة، ما يتطلب تدابير عاجلة لتوسيع الطاقة الاستيعابية.
وحول مميزات تحويل المقرات الوزارية بوسط البلد لفنادق سياحية، قال الخبير السياحي إن تكلفة تحويل المنشآت الحكومية في وسط البلد إلى فنادق سياحية أقل بكثير من بناء فنادق جديدة، بالإضافة إلى أن هذه المباني تتمتع بقيمة تراثية ومعمارية فريدة، ومعظمها يقع في مواقع جغرافية متميزة على ضفاف نهر النيل وفي قلب العاصمة.
تعزيز التجربة السياحية للزوار الأجانب
وتابع: “هذا المشروع سيضيف طاقة فندقية جديدة بتكلفة منخفضة، وفي نفس الوقت سيحافظ على قيمة المباني التاريخية العريقة في وسط البلد والقاهرة الخديوية ، كما أنه سيعزز التجربة السياحية للزوار الأجانب، لافتًا إلى أن هذه المواقع تُعد من أجمل الأماكن التي تعبر عن الهوية المصرية".
واختتم الخبير السياحي تصريحه قائلًا: "هذه الفكرة تمثل خطوة سليمة ورائعة من الحكومة المصرية، حيث ستدفع حركة السياحة بشكل كبير وتساهم في تعزيز الاقتصاد المصري".
إعادة الروح للقاهرة التراثية
خطوة تحويل المقرات الحكومية ذات الطابع المعماري المميز إلى مشروعات استثمارية رائدة، ليست مجرد تطوير عمراني، بل رؤية متكاملة لإحياء التراث، وتعزيز الجاذبية السياحية، وخلق بيئة استثمارية تُعيد رسم خريطة التنمية في قلب القاهرة.
هذا ما أكده حسام الشاعر، رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية قائلاً: “تحويل المباني الحكومية والقصور الواقعة في منطقة وسط البلد إلى فنادق سياحية وغرف فندقية فاخرة ستعيد القاهرة القديمة إلى مكانتها، باعتبارها واحدة من أجمل مدن العالم".
وحول آلية التعامل الاستثماري مع هذه المباني، توقع رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، أن يتم ذلك بنظام الشراكة، مع إمكانية تحويل بعض القصور إلى نظام حق الانتفاع، بينما قد يتم بيع بعض المباني الحديثة.
تميز موقع مربع الوزراء
وأكد الشاعر أن منطقة مربع الوزراء تتمتع بموقع متميز، خاصة الوزارات التي تحتوي على قصور، والتي يمكن تحويلها إلى فنادق فاخرة مع بناء غرف فندقية.
وأشار إلى أنه سيتم وضع آلية إدارية لحماية المنطقة من تحولها إلى مكان للباعة الجائلين، كما حدث في منطقة العتبة، مؤكداً ضرورة إدارة مربعات الوزارات بأسلوب مشابه للعاصمة الإدارية الجديدة.
واختتم تصريحاته قائلا: “المباني الحالية تتمتع بجاذبية استثمارية كبيرة، مع ضرورة الحفاظ عليها، وأفضل بيع مبنى وزارة الخارجية الحديث، باعتباره أقل قيمة من الأرض المقام عليها، مع ضرورة تحويله إلى فندق يضاهي الفنادق الراقية الموجودة في المنطقة".
خطة تحويل المقرات الحكومية بوسط البلد لواجهات سياحية عالمية
ووضعت الحكومة - قبل أيام - خطة طموحة لتحويل المباني الحكومية في وسط البلد إلى مشروعات استثمارية تهدف إلى إعادة إحياء المنطقة، مستندة إلى رؤية تسعى لتعزيز التنمية الاقتصادية واستغلال الموارد المتاحة بكفاءة.
وتشمل هذه الخطط تحويل عدد من المباني ذات القيمة التاريخية والطراز المعماري الفريد إلى واجهات اقتصادية وسياحية تساهم في تنمية مستدامة.
مخطط تطوير مربع الوزارات
من أبرز محاور الخطة إعادة توظيف "مربع الوزارات" ليصبح مركزًا استثماريًا وسياحيًا، حيث سيتم تقسيم المنطقة إلى ست مناطق تُطرح تدريجيًا للاستثمار.
وتشمل المباني المقرر تطويرها:
- مقر وزارة العدل.
- وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني.
- وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
- وزارة التموين والتجارة الداخلية.
- الهيئة العامة للتخطيط العمراني.
- وزارة الإنتاج الحربي.
وتهدف الخطة إلى تحويل هذه المباني إلى فنادق عالمية ومرافق استثمارية، مع وضع مخطط عام يحدد الاستخدامات المستقبلية للمناطق بشكل يعكس روح القاهرة التاريخية.
مشروع أبراج النيل بمثلث ماسبيرو
كجزء من رؤية التطوير، يتضمن مشروع أبراج النيل بمثلث ماسبيرو إنشاء ثلاثة أبراج سكنية بارتفاع 30 طابقًا لكل برج، توفر 774 وحدة سكنية، إلى جانب فلل بمساحات كبيرة تصل إلى 5250 مترًا مربعًا لكل وحدة.
ويهدف المشروع إلى خلق وجهة عمرانية متكاملة على كورنيش النيل، تشمل تطوير الشوارع والميادين، وزيادة المساحات الخضراء المفتوحة بمساحة تتجاوز 15 ألف متر مربع، كما سيتم تعزيز البنية السياحية بإنشاء 2600 غرفة فندقية و1200 شقة فندقية.
10 آلاف متر مربع لإنشاء وجهات ثقافية جديدة
تتضمن الرؤية المستقبلية تعزيز المعايير البيئية وتطوير الوجهات الثقافية في وسط البلد. سيتم تخصيص مساحة تصل إلى 10 آلاف متر مربع لإنشاء وجهات ثقافية جديدة، بما يسهم في جذب شرائح جديدة من السياح والمستثمرين، وسد الفجوة في عدد الغرف الفندقية.
نقلة نوعية للاقتصاد والسياحة
التحول المنتظر لمنطقة وسط البلد لا يعيد فقط القيمة التراثية للقاهرة، بل يضعها في مصاف الوجهات السياحية العالمية، من خلال مشروعات تهدف إلى تحقيق عوائد اقتصادية مستدامة وتعزيز مكانة مصر على خارطة الاستثمار الدولي.