مدبولي: الحكومة مضطرة للتعامل مع تحديات خارجة عن إرادتها
عقد اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، عقب اجتماع الحكومة بمقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
واستهله بالإشارة إلى اللقاء الذي عقده مع عدد من أصحاب القامات الفكرية، الذين يمثلون نخبة من الخبراء والمفكرين في شتى المجالات، ويمثلون مختلف أطياف المجتمع والتيارات المختلفة.
وفي هذا الإطار، عبر رئيس مجلس الوزراء عن سعادته الغامرة بهذا اللقاء الذي وصفه بأنه كان ثريا، وشهد عرضا لمجموعة من الآراء والمداخلات، لافتا إلى أن اللقاء لم يشهد أي نوع من القيود في تناول مختلف الآراء، بل على العكس تماما؛ حيث عرض الخبراء والمفكرون آراءهم بمنتهى حرية التعبير عن الرأي ووجهات النظر، بما تتضمنه من معارضات للحكومة، وهو ما نحرص عليه من خلال هذه اللقاءات، حيث يتم تداول الآراء في اتجاهين، ولا نكتفي بعرض توجهات الدولة والحكومة فقط، بل نستمع لكل وجهات النظر؛ لنتعرف على كل شواغل الرأي العام، وتوجهاته وأفكاره، التي من الطبيعي أن تحمل بعض الاختلافات مع اتجاهات الحكومة، ويتم الرد على ما يدور من مناقشات وتساؤلات يتم طرحها خلال اللقاء.
وفي سياق الحديث عن هذا اللقاء، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن صدى هذا اللقاء كان جيدا للغاية، وهو ما يشجعنا على التوسع في مثل هذه النوعية من اللقاءات، بحيث يركز كل لقاء على قضية أو أحد شواغل الرأي العام، لتكون هناك فرصة كبيرة للتركيز على مناقشة القضية من جميع جوانبها، ونستمع لحجم من الأفكار والأطروحات في هذا الشأن.
وقال رئيس الوزراء: أطمئن جميع القامات الفكرية التي شرفنا بها في هذا اللقاء، فما تم طرحه من مناقشات وآراء وملاحظات تم تدوينها جميعا، وسيتم العمل على ترجمتها خلال الفترة المقبلة إلى خطوات تنفيذية.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: الأمر الذي تم ملاحظته بعد هذا اللقاء، هو ضرورة الاستمرار في تنويع قنوات التواصل مع مختلف أطياف المجتمع، وعدم الاقتصار على عقد المؤتمر الصحفي الأسبوعي، وذلك للوصول إلى مختلف فئات المجتمع، مشيرا إلى أنه وجه الوزراء بأن يتم الاتجاه أكثر نحو العمل على عرض وجهات النظر، ومواصلة الاهتمام بفتح قنوات التواصل بين الدولة والمواطنين؛ حتى يكون المواطن على دراية كاملة بكل ما يحدث وما يتم اتخاذه من إجراءات، مجددا التحية والاحترام لكل القامات الفكرية التي شرفنا بها في مجلس الوزراء، ومتعهدا بمواصلة الحرص على عقد مثل تلك اللقاءات.
واستكمل رئيس الوزراء حديثه بالإشارة إلى أن ما يشغلنا جميعا في الوقت الراهن هو الشأن الإقليمي، مؤكدا أن المنطقة تمر حاليا بمرحلة شديدة الاستثنائية لم تمر بها من قبل منذ عدة عقود، موضحا أنه حتى في الفترات التاريخية التي كانت فيها الدولة طرفا في حروب مباشرة كان هناك توجه واضح للأحداث، وكانت هناك إمكانية للتخطيط بناء على معطيات قائمة بالفعل على الأرض، لكن في ظل المرحلة الحالية فإن الوضع يتغير يوميا، حيث تعيش المنطقة حالة شديدة من عدم اليقين.
وفي هذا السياق، لفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة تعمل على التعامل مع هذا الوضع من خلال حزمة من الاجراءات والسياسات، والتي تمثل في جزء منها ردة فعل للتعامل مع الأحداث الحالية، وفي نفس الوقت تعمل الدولة كذلك على وضع مجموعة من السيناريوهات التي يتم تغييرها باستمرار نتيجة للتطورات والمستجدات الراهنة.
وساق رئيس مجلس الوزراء مثالا على ذلك، حيث أشار إلى زيادة سعر برميل البترول بنسبة ١٠% خلال أسبوع واحد فقط، موضحا أن سعر البرميل كان يتراوح بين ٧٢ إلى ٧٣ دولارا، لكن اليوم تجاوز سعره ٨٠ دولارا نتيجة للتطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة.
كما لفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى حجم العبء الذي تتحمله الدولة المصرية في هذا الشأن، مشيرا إلى أن الخطورة ليست فقط في زيادات الأسعار، بل إن هناك تقديرات من مؤسسات دولية تتوقع أن يتجاوز سعر برميل البترول ١٠٠ دولار، في حالة استهداف مشروعات للبنية الأساسية في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، لفت إلى أن الحكومة مضطرة للتعامل مع تحديات خارجة عن إرادتها، لما لها من تأثير مباشر على مصر، شارحا تأثير التطورات الراهنة في المنطقة على الامدادات اللوجيستية للطاقة بخلاف السعر، وتأثيراتها على انتظام وصول الشحنات، وتداعيات ذلك على تكلفة النقل، موضحا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء استثنائي طوال الفترة القريبة الماضية، على الرغم من الأحداث الأخيرة، مشيرا إلى استمرار انتظام توفير الكهرباء والغاز وتدبير الطاقة اللازمة للمصانع.
وأضاف رئيس الوزراء: إذا تعرضت المنطقة لحرب إقليمية ستكون هناك تداعيات شديدة، وستضطر الدولة بالتالي إلى التعامل مع ما يمكن وصفه بـ "اقتصاد حرب"، ولذا فمن الضروري أن تهتم الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي : مهم جدا أن نعي، مواطنون وحكومة، هذا الموضوع، موضحا أنه تم التأكيد خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم على مزيد من الحوكمة والترشيد في كل النفقات وكذا الاستهلاك، وذلك تحسبا للأوضاع القادمة والسيناريوهات الأسوأ؛ حتى يتسنى للحكومة تحديد آليات التحرك في هذا الشأن.
وأضاف رئيس الوزراء: هناك تكليفات واضحة جدا لوزراء: البترول والثروة المعدنية، والكهرباء والطاقة المتجددة، والمالية، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون مع محافظ البنك المركزي، وذلك بصدد ضمان عدم حدوث أي تأثير سلبي على الدولة المصرية بأكبر قدر ممكن، مشيرا إلى أنه قام بتوضيح تلك النقاط لشرح ما يحدث اليوم في المنطقة وتأثيره الشديد على الدولة المصرية.
وأضاف: ظهرت سيناريوهات بأن تستمر الحرب في لبنان لفترة طويلة، وبالتالي لا بد من معرفة تداعيات ذلك الأمر وتضمينه في السيناريوهات التي تضعها مصر.
وانتقل رئيس الوزراء إلى الحديث عن نقطة أخرى، وقال: شرُفنا أمس بحضور تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثاني الميداني المصري بوجود الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وقيادات القوات المسلحة وقيادات الدولة، مضيفا: الحديث الذي ألقاه الرئيس في هذه المناسبة كان في منتهى الوضوح لنا جميعا؛ فالدولة المصرية هي الدولة الوحيدة حاليا في خضم هذا المأزق الإقليمي التي تتمتع بالاستقرار والأمان، مؤكدا أن الرؤية المتوازنة والمعتدلة والسياسة الرشيدة في التعامل مع معطيات الأزمة الإقليمية والعالمية هي التي جنّبت مصر أن يتم استدراجها إلى أي شيء.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أيضا: "نحن حريصون كل الحرص على استمرار هذا التوجه كدولة"، منوها مجددا إلى قدرات قواتنا المسلحة وجيش مصر الوطني بكل ما تعنيه الكلمة؛ فهذا الجيش ينتمي للدولة المصرية والشعب المصري.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هناك اطمئنانا على قدرات قواتنا المسلحة والجيش المصري الوطني، فهذا الجيش ينتمي للدولة المصرية والشعب المصري فقط لا غير، وليس له أي حسابات أخرى، ولا انتماءات أخرى، مشيراً إلى أن رسالة أمس كانت قوية وواضحة لإطمئنان الشعب المصري، وكانت الرسالة للداخل والخارج أن مصر لديها جيش قوي قادر على حمايتها وصون مقدراتها في ظل كل هذه الأزمات والصراعات في الإقليم والدول المجاورة.
وأكد رئيس الوزراء أنه على الرغم من كل هذه الظروف المحيطة، إلا أن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على النمو الاقتصادي وجذب وتحسين مناخ الاستثمار، مشيراً إلى أن تقارير المؤسسات الدولية توكد على إيجابية الرؤية المستقبلية لمصر، وأن مصر أثبتت قدرتها على الصمود، والاستمرار في تلك الظروف شديدة الصعوبة، ورغبة القطاع الاستثماري الخارجي في الاستثمار داخل مصر خلال الفتره المقبلة، وهو ما يجعلنا اليوم نعلن عن حزمة إصلاحات هيكلية سواء كانت اصلاحات ضريبية أو إصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار.
وفي ذات السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى تدشين مشروع رأس الحكمة، الذي يتم بالشراكة بين الدولة المصرية وشقيقتها دولة الإمارات، وقال : شرفنا بتواجد سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في ضيافة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لإطلاق هذا المشروع التنموي الضخم، بحجم استثمارات ضخم للغاية يؤمن استثمارات مستدامة تكون متواجدة علي مدار فترة التنمية، وهو ما يخلق مئات الآلاف من فرص العمل للشباب المصري، وتوفير مساحة لأكثر من 2 مليون نسمة، وهو ما يعد إضافة كبيرة جداً للأقتصاد المصري، ورسالة واضحة بالثقة في الاقتصاد الوطني، وقدرات الدولة على تأمين الاستثمارات الخارجية المباشرة، وهو ما تحرص عليه الدولة بتوفير مشروعات مثيلة فى الفترة القادمة لخلق فرص عمل ونمو الإقتصاد المصري، وتوفير العملة الصعبة، وهو ما يساعد في استقرارها.
وفي الوقت نفسه، نوه رئيس الوزراء إلى أن هذا الأسبوع شهد أيضا الذكرى الـ 51 لنصر أكتوبر، مؤكدا شعورنا جميعا بالفخر والاعتزاز بذلك النصر، مضيفا في هذا السياق: ما قامت به الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية في تنمية سيناء شيء مهم لتحقيق الأمن القومي، مؤكدا أن الدولة حريصة على الاستمرار في الإسراع في خطط تنمية سيناء وتأمين كل مقدراتنا في هذه البقعة العزيزة على مصر.
وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء: كنا سعداء أول أمس بأنه لأول مرة بعد أكثر من 50 عاما تعود حركة القطارات لسيناء، حيث شهدنا تدشين خط القطارات المار بين غرب القناة وشرق القناة، والذي يمثل الجزء الأول من الخط اللوجستي الذي سيمتد إلى العريش ثم إلى طابا، وبالتالي يتم ربط جميع المناطق التنموية في سيناء بشبكة النقل السككي، مؤكدا أن هذا الأمر مهم جدا؛ سواء للبضائع أو الركاب.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: الرسالة هي أن الدولة المصرية مستمرة، وشغلنا الشاغل خلال الفترة القادمة هو تنمية سيناء بأسرع معدلات ممكنة، لأن ذلك جزء من الأمن القومي.
وأشار رئيس الوزراء في ختام كلمته إلى ما تم الإعلان عنه من خلال وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشأن توقيع رخصة الجيل الخامس لشركات الاتصالات بإجمالي استثمارات تبلغ نحو 675 مليون دولار ستدخل خزينة الدولة المصرية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.