رئيس صندوق النقد العربي يؤكد أهمية التشريعات المصرفية في التوازن بين تشجيع التحول الرقمي وإدارة المخاطر
أكد فهد بن محمد علي التركي المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، اليوم السبت، التزام المنظمة بالعمل مع العراق لتطوير استراتيجيات مالية وطنية من خلال برامج معروفة وتقنية.
وأوضح التركي في كلمته في مؤتمر المدفوعات الإلكترونية الهادف إلى تحقيق الاستقرار المالي في العراق، أن "القدرات التنظيمية المختلفة لعبت دوراً أساسياً في خلق بيئة تنظيمية رقمية تحفز البنوك والمؤسسات المالية على توظيف التقنيات الحديثة للتحول الرقمي والخدمات المصرفية، وتعزيز كفاءتها وتخفيف المخاطر، بما في ذلك الجرائم الإلكترونية".
وأضاف: "وفي هذا السياق، يجب أن تحقق التشريعات المنظمة والتحويلات المالية الإلكترونية وحماية المستهلك في القطاع المالي الرقمي ومتطلبات مكافحة غسل الأموال التوازن بين تشجيع التحول الرقمي من جهة وإدارة المخاطر وتخفيفها من جهة أخرى".
وتابع التركي قائلاً: "إن نظام الدفع المصمم بشكل جيد وضمان الرقابة البيئية فيما بينها وترابطها مع الأنظمة الأخرى، مثل أنظمة الائتمان، يمكن أن يعزز كفاءة التحول الرقمي وفرص النمو الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "التحول الرقمي عامل أساسي في إعادة تشكيل القطاع المصرفي في المنطقة العربية".
وأشار إلى أن "الحكومات والبنوك المركزية يمكن أن تلعب دوراً في دعم التحول الرقمي من خلال إنشاء إطار تنظيمي رقمي، كما يتضح من الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية ومعالجة تحديات الأمن السيبراني، مما يساعد في خلق بيئة تعزز الابتكار والنمو في القطاع المصرفي".
وأعرب عن ارتياحه للتصريحات التي أدلى بها محافظ البنك المركزي بشأن الجهود الجارية في العديد من هذه المجالات، مؤكداً أن "الإطار التنظيمي القوي أمر بالغ الأهمية لتعزيز الابتكار الرقمي، ويجب على الحكومات التركيز على ضمان تكافؤ الفرص وأن تكون الأطر التنظيمية متسقة للحد من المخاطر".
وأوضح التركي أن "الاستثمار في البنية التحتية الرقمية يمكن أن يحفز الخدمات المصرفية الرقمية التي تعزز الوصول إلى الخدمات والمنتجات المصرفية لكل من المستخدمين وغير المستخدمين للنظام المالي".
وأضاف أن "المنطقة العربية جددت شركاتها في مجال التكنولوجيا المالية، حيث بلغ عددها نحو 1500 شركة بحلول نهاية النصف الأول من عام 2024، مقارنة بأقل من 300 شركة قبل أربع سنوات في الأنشطة المالية العالمية والإقليمية".
وأضاف: "تشير الإحصائيات العالمية المهمة إلى فرص استثمارية هائلة في هذا القطاع، حيث يبلغ إجمالي الاستثمارات في التكنولوجيا المالية الحديثة نحو 115 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يستمر نموها بشكل كبير لتصل إلى 325 مليار دولار بحلول عام 2026 تقريبًا. ووفقًا لتقرير التمويل الدولي، واجهت المنطقة العربية هجمات متفاوتة على مدى السنوات الأربع الماضية، وهناك فجوة رقمية".
وأضاف: "لا تزال الفجوة الرقمية قائمة بين الدول النامية والمتقدمة، مما يحد من انتشار المدفوعات الرقمية في مناطق معينة، إلى جانب الاعتماد على التكنولوجيا دون إنشاء أنظمة بديلة، مما يجعل المدفوعات الرقمية عرضة للانقطاع في حالة حدوث أي مشكلات فنية".
وأوضح التركي أنه "مع تزايد عدد المعاملات المالية وتوسعها، يبرز استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق، حيث يمكنه المساهمة بشكل كبير في تحليل كميات هائلة من البيانات في وقت قصير وتحديد الأنماط غير العادية التي قد تشير إلى أنشطة احتيالية".
وأوضح أن "هذا يتحقق باستخدام تقنيات التعلم الآلي التي تتعلم من البيانات السابقة وتحدد بدقة وسرعة الأنماط المشبوهة الطبيعية وغير الطبيعية، فضلاً عن مراقبة وتحليل سلوك مستخدمي الخدمات المالية لضمان الالتزام بأنماط الدفع المنتظمة. وفي حال اكتشاف أي نشاط غير عادي، يمكن للنظام إرسال تنبيهات فورية للتحقق من صحة المعاملة. علاوة على ذلك، تعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تعزيز تطبيقات الهوية الرقمية، مثل التعرف على الصوت، للتحقق من هوية المستخدم قبل إتمام المعاملات المالية، مما يزيد من مستويات الأمان".
وأشار إلى أن "محافظ البنك المركزي العراقي ذكر عدة نقاط رئيسية، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار في البنية التحتية من خلال الاستخدام الواسع للهواتف المحمولة، وخاصة في المناطق النائية، وتطوير شبكات الوكالات لتلبية احتياجات الأفراد لعمليات سحب وإيداع النقد على المستوى المحلي، فضلاً عن توزيع أطر الهوية الرقمية، بما في ذلك الأنظمة البيومترية وتوسيع واجهات برمجة التطبيقات المفتوحة التي يمكن الوصول إليها علنًا للسماح للمطورين بالوصول إلى البرامج الملكية حتى تتمكن التطبيقات الجديدة من التواصل والتفاعل مع بعضها البعض".
وأكد التركي كذلك على ضرورة "تطوير الأطر القانونية والتنظيمية التي تسمح لمستخدمي الخدمات المالية بتنظيم مزاياهم وضمان بيئة تنافسية مع النظر في ما إذا كان ينبغي السماح للمؤسسات غير المصرفية بالوصول إلى البنية التحتية الوطنية للدفع وكيفية القيام بذلك، إلى جانب تعزيز القدرات الإشرافية للتخفيف من المخاطر وتعزيز الثقافة المالية والرقمية".
وأشار إلى أن "التقنيات المالية الحديثة تلعب دورًا مهمًا في تحقيق أهداف الشمول المالي. وفي السنوات الأخيرة، أدى التعاون بين المؤسسات وأصحاب المصلحة في القطاع المالي، بدعم وتشجيع من البنوك المركزية العربية، إلى تقدم حقيقي في مستويات الشمول المالي في المنطقة العربية، حيث تبنت البنوك المركزية ومقدمو الخدمات المالية والهيئات الحكومية التكنولوجيا المالية لتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية لمستخدمي القطاع غير المصرفي، وفقًا لقاعدة بيانات مؤشر تكس العالمي والبنك الدولي.
واختتم بقوله: "لقد كان هناك زيادة كبيرة في تبني الخدمات المالية الرقمية في المنطقة العربية، وخاصة بعد جائحة كوفيد-19، حيث ارتفعت نسبة البالغين من 30٪ في عام 2017، مدفوعة بتوسع خدمات الهاتف المحمول، ومهمة توزيع الوصول إلى الخدمات الرقمية في المناطق الريفية. وأشاد بالتعاون المستمر بين صندوق النقد العربي والبنك المركزي، سواء من خلال المشاركة الفعالة لموظفي البنك في اللجان المنبثقة عن مجلس محافظي البنوك المركزية العربية أو من خلال البرامج الفنية المعروفة مع البنك المركزي العراقي التي تساهم في بناء استراتيجيات وطنية للمساهمات المالية".