البنك المركزي العماني يتبنى الاستدامة من خلال مبادرات التمويل الإسلامي
يكثف البنك المركزي العماني جهوده لدمج الاستدامة في المشهد المالي للبلاد، مع التركيز بشكل خاص على التمويل الإسلامي. وفي حديثه في منتدى IFN Oman 2024، حدد طاهر بن سالم العامري، الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني، العديد من المبادرات الرئيسية التي تهدف إلى مواءمة الخدمات المصرفية الإسلامية مع أهداف التنمية المستدامة ومبادئ التمويل الأخضر.
في كلمته، كشف العامري أن البنك المركزي العماني في المراحل النهائية من صياغة إطار تنظيمي لإدارة مخاطر المناخ. سيوفر هذا التعميم الجديد إرشادات مفصلة للبنوك في عمان، بما في ذلك استراتيجيات الحوكمة لمعالجة المخاطر المتعلقة بالمناخ. وقال العامري: "نحن نتخذ خطوات حاسمة لدمج مبادئ الاستدامة والتمويل الأخضر في القطاع المصرفي، بما يتماشى مع الرؤية الوطنية والخطط الاستراتيجية لسلطنة عمان".
أجرى البنك المركزي العماني مشاورات مكثفة مع القطاع المصرفي لضمان تلبية المتطلبات التنظيمية لاحتياجات الصناعة وأفضل الممارسات العالمية. وسوف يعمل التعميم كإطار أساسي للبنوك لإدارة المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة، على الرغم من أن البنك المركزي العماني يشجع المؤسسات على تبني طواعية نهج الاستدامة الأوسع. وسوف تتمتع البنوك بالمرونة اللازمة لمواءمة إفصاحاتها عن الاستدامة مع المعايير الدولية، الأمر الذي من شأنه أن يحسن الشفافية وثقة المستثمرين في النظام المالي العماني.
وأكد العامري أن الاستدامة لم تعد مجرد خيار بل عنصر حاسم في الحفاظ على القدرة التنافسية وضمان المرونة على المدى الطويل. وأضاف: "من خلال تبني الاستدامة، لا تستطيع البنوك والمؤسسات المالية المساهمة في اقتصاد أكثر مرونة واستدامة فحسب، بل وأيضًا تعزيز سمعتها وقدرتها التنافسية على المدى الطويل".
وبعيدًا عن الاستدامة، يركز البنك المركزي العماني أيضًا على توسيع نطاق المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لدفع النمو في القطاع المصرفي الإسلامي. ويجري حاليًا إعداد إطار ترخيص جديد لتمكين شركات التمويل والتأجير من تقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. ومن المتوقع أن تفتح هذه الخطوة آفاقًا جديدة للتمويل الإسلامي في البلاد وتجذب المزيد من المستثمرين.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل البنك المركزي على وضع إطار تنظيمي لتوجيه التحول الطوعي للبنوك والفروع التقليدية إلى مؤسسات مصرفية إسلامية. وأشار العامري إلى أن هذا يتبع النموذج الذي شوهد في العديد من البلدان الأخرى حيث تعمل البنوك التقليدية جنبًا إلى جنب مع البنوك الإسلامية. وقد قدم قطاع المصارف الإسلامية في عُمان بالفعل مساهمات كبيرة في الاقتصاد، على الرغم من حصته السوقية الأصغر. فمنذ عام 2013، ساهمت البنوك الإسلامية بمبلغ 6.4 مليار ريال عماني في التمويل الجديد المتوافق مع الشريعة الإسلامية، وهو ما يعادل ما يقرب من نصف الودائع الإضافية التي تم إنشاؤها في العقد الماضي.
ولدعم هذه التطورات، استثمر البنك المركزي العماني أيضًا في البنية الأساسية اللازمة لتوفير السيولة للبنوك الإسلامية. ويجري تطوير منصة الخزانة لإطلاق أدوات سيولة إضافية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل تسهيلات المقرض الأخير وأذون الخزانة الإسلامية. وأعلن العامري: "لقد عرض البنك المركزي العماني بالفعل أداة سيولة واحدة، ونحن نستهدف إطلاق المزيد من الأدوات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بحلول نهاية العام".
وفي حين تتطلع عُمان إلى تنويع اقتصادها وبناء قطاع مالي أكثر مرونة، فإن التمويل الإسلامي على أتم الاستعداد للعب دور حاسم. واختتم العامري قائلاً: "إن البنك المركزي العُماني ملتزم بدعم رحلة الاستدامة لبنوكنا ومؤسساتنا المالية، وضمان مستقبل مزدهر للقطاع والبلاد".