التاريخ السري للسوق السوداء للدولار في مصر.. كواليس حرب تكسير العظام
يا ترى امتى وزاي ظهرت السوق السودا للدولار فى مصر؟ وايه سبب انتشار تجار العملة والمضاربين على الدولار؟ ومين الناس والجهات المسئولة عن شح الدولار؟ وايه الاجراءات اللى خدتها الدولة على مدار السنين اللى فاتت في مواجهة أباطرة العملة الأمريكية؟
خلونا نبدأ الحكاية من اولها ونقولكم امتى ظهرت السوق السودا للدولار؟
لغاية سنة مصر 1967 معرفتش طريق لأزمات العملة الصعبة أو شح الدولار حتى في أحلك مواقفها وقت بناء السد العالي.. ومظهرتش السوق السودا لتجارة العملة الا بعد نكسة 67 وما تلاها من حرب الاستنزاف وصولا لحرب أكتوبر 1973، في الفترة اللي عانت منها مصر من ندرة حقيقية للدولار بفعل نقص موارد العملة الصعبة، سواء السياحية أو عائدات قناة السويس اللي تم إغلاق المرور فيها لظروف الحرب
واستمر الوضع زي ما هو لغاية ما أعلن الرئيس أنور السادات في خطابه التاريخي في 5 يونيو 1975 اعادة افتتاح القناة للملاحة العالمية اللى قال فيه :"أعلن لابن هذه الأرض الطيبة الذي شق القناة بعرقه ودموعه، همزة للوصل بين القارات والحضارات، وعبرها بأرواح شهدائه الأبرار لينشر السلام والأمان على ضفافها، اعادة فتحها للملاحة من جديد، رافداً للسلام وشريانا للازدهار والتعاون بين البشر".
ومن الوقت ده بدأت مصر في الاعتماد على إيرادات قناة السويس كأحد روافد العملة الصعبة لمصر خصوصا الدولار وتدرج العائد من بضع ملايين من الدولارات لغاية ما تجاوز 8 مليار دولار في 2023.
ومع دخول حرب اكتوبر 1973 شهدت مصر نقص حاد في العملات الأجنبية، وكان فيه مشكلة كبيرة في الاستيراد بسبب النقد الأجنبي المحدود وده أنعش السوق السودا لتلبية احتياجات الواردات ومن الوقت ده أصبحت السوق السودا واقع داخل الاقتصاد المصري.
ومن السبعينات لم تهدأ تعاملات السوق السودا إلا خلال فترات قصيرة لما بيكون فيه ثبات في سعر صرف العملة أو قيام البنك المركزي بمنح الأفراد والشركات حرية الحصول على النقد الأجنبي، والفترات دي كانت بين 1991 1997، وبين 2005 و2009، وخلال النص التاني من 2017 حتى 2020، وبخلاف كده السوق السودا كان ليها نشاط كبير مختلف عن تسعير الدولار بالبنك المركزي.
وفي منتصف التمانينيات واجهت مصر أزمة حقيقية في توفير العملة الصعبة في الوقت اللي انتعشت سفريات المصريين للخارج وخصوصا دول الخليج وكان اغلب المصريين في الوقت ده بيحوشوا تحويلات ولادهم من الخارج كدولارات أو بيعها لتجار العملة في السوق السوداء، وفي الفترة دي البنوك كانت بتلجأ لتجار السوق السودا لتدبير احتياجاتها من الدولارات وسداد ديونها، وبدأت تظهر مكاتب تجارة العملة، وظهر اسم كان لامع في الفترة دي وهو سامي علي حسن صاحب أكبر قضية حقق فيها جهاز المدعي الاشتراكي وقتها، وكان ملقب بإمبراطور الدولار، وكان بيعتبر بنك خاص من ضخامة العملات الاجنبية اللي كانت معاه اعلي من بعض البنوك، واحال المدعي الاشتراكي القضية لمحكمة القيم وعرفت باسم "محاكمة تجار العملة وانحرافات البنوك"، وقررت فرض الحراسة على أمواله ورفعت في سبتمبر 2006 .
ومع وصول جماعة الإخوان للحكم بدأت حرب جديدة علي اقتصاد مصر أبطالها اعضاء الجماعة الإرهابية ونظموا تكتلات من العملة الصعبة لتمويل الجناح العسكري والعمليات الإرهابية المسحلة للجماعة ونجحوا في خلق مناخ آمن لتداول أموالهم داخلياً وخارجياً بعيداً عن رقابة البنوك والحكومات، وكمان في ناس من المنتمين للإخوان بيشتروا الدولار من المصريين العاملين في الخارج باسعار اغلي بكتير عن سعرها الرسمي، وده ساهم في تهديد الاقتصاد المصري.
طيب مين اللي خلق السوق السودا للدولار؟
في أي أزمة أبحث عن المستفيد.. ولو دورنا مين معاه دولار أو بيتعامل بيه بمبالغ ضخمة بحكم نشاطه التجاري هيروح العجب ولأن الفرق أكتر من الضعف بين السعر الرسمي في البنوك والسعر في السوق الموازية خلاهم يستغلوا حيازتهم للدولار أسوأ استغلال ويعملوا ثروات بمئات الملايين ووصلت لمليارات الجنيهات.
طبيعي يكون أول ناس معاهم دولارات هنا المستوردين والمصدرين وأصحاب الشركات اللي بيتعاملوا مع الأسواق الخارجية في تجارتهم ومعاملتهم ودي أكتر فئة معاها عملة صعبة وحسابات كبيرة بالدولار بحكم نشاطهم الطبيعي في التصدير والاستيراد دولار رجال الأعمال ومش كل رجال الأعمال عشان نبقي منصفين خد دورة أو اكتر في السوق السودا تحت اغراء المكسب الضخم واللي عملهم ثروات حتى أكبر من مكاسبهم في التجارة بتاعتهم ودا بتأكده عمليات القبض على رجال أعمال في الحملات الأخيرة بسبب تجارتهم في العملة زي روماني عيسى والملياردير الحاذق واللي ثبت تورطهم في تجارة العملة والدهب على تقيل جدا
وبمناسبة الدهب فتجار الصاغة وحيتان المعدن الأصفر في السوق تاني اكتر فئة في مصر كانت السبب في انتعاش سوق الدولار الغير شرعي وثبت العلاقة الوثيقة بين تجارة الدهب والدولار وده لأن تجار الدهب اكتر ناس معاهم فلوس وسيولة وشفنا ازاي البنك المركزي اكتشف عمليات تلاعب كبيرة بيقوم بيها تجار الدولار وهو تحويلها لدهب وتهريبها للخارج كمان وعمليات القبض على شبكات ومافيا الدولار كشف تحول عدد كبير من الجواهرجية لتجارة العملة.
ومين الطرف التالت اللى دخل على هخط أزمة الدولار مؤخرا؟
الطرف التالت اللي دخل على خط أزمة الدولار هي الأجهزة الخارجية وأطراف دولية وبعد ما دخل الدولار في لعبة السياسة واتحول من عملة لأداة ضغط على الدولة المصرية وكان الهدف تركيع البلد ودفعها للانشغال في أزماتها الداخلية على حساب مواقفها الخارجية وكلنا شفنا تهديد اعلامي إسرائيلي مشهور جدا هناك وقريب من أجهزة المخابرات ودوائر صنع القرار في دولة الكيان لما طلع وقال يا إما مصر تتخلى على القضية الفلسطينية وتسيب محور صلاح الدين أو فلاديفيا يا إما الدولار هيوصل 200 جنيه وده كان دليل واضح وصريح على تدخل أطراف خارجية في تعميق وتسخين أزمة الدولار في مصر للضغط زي ما قلنا على الدولة ودا غير تقارير مؤسسات دولية مرتبطة ارتباط كلي بأجهزة خارجية لإصدار تقارير سلبية عن الاقتصاد المصري لضرب الاستثمار عن طريق التشكيك في قدرة الدولة على تخطي أزمة الدولار بخلاف التحليلات الصحفية المدفوعة والموجهة على عكس الحقيقة وزي ما احنا عارفين طبعا إن السوق السوداء للدولار عايشة على الاخبار السلبية والاشاعات واسعار الدولار رفعت لذروتها والدولار عدى ال73 جنيه بالتزامن مع صدور تقارير وتصنيفاات وتوقعات سلبية صدرت كلها مرة واحدة.
وبمناسبة الكلام عن المؤامرات الخارجية مش عاوزين ننسي لعب الإخوان في السوق السودا للدولار وازاي عملوا شبكات ومافيا وعصابات لجمع الدولار من السوق وإزاي قدرة يجمعوا مليارات الدولارات من المصريين بالخارج لمنع دخوله مصر وتعميق الأزمة بهدف الانتقام القديم من الشعب المصري وإظهار القيادة السياسية بموقف العاجز اللي ضيع البلد وتقديمه على إنه البديل اللي اختاره الشعب عن حكم الإخوان وده ظهر من خلال حملاتهم الشرسة في برامجهم في الخارج وذبابهم الالكتروني على سوشيال ميديا وفبركة الفيديوهات لناس بتشكي من الغلاء ومحفظينهم كلمتين وترويجها بأموال على المكشوف عشان توصل لأكبر عدد من الناس وإظهار إن فيه رأي عام ضد الرئيس والحكومة.
طب والدولة بتعمل ايه عشان تواجه ألاعيب السوق السودا؟
فيه نشاط ملحوظ للأجهزة الرقابية والأمنية لمواجهة التلاعب اللى بيحصل فى سعر الدولار فى السوق السودا وخلال الكام يوم اللى فاتوا أجهزة الأمن أحكمت قبضتها وبقوة على السوق الموازية وقدرت تظبط كميات كبيرة من الدولار بيتم تداولها بشكل غير شرعي بعيد عن القطاع المصرفي الرسمي.
الحكومة فى الفترة الأخيرة بتواضل الضرب بيد من حديد للقبض على مافيا الدولار في السوق السوداء، واللى بتهدد الاقتصاد وأدت لارتفاع سعر العملة الأمريكية إلى أرقام قياسية غير مسبوقة وصلت 70 جنيهاً للدولار الواحد.
وبتشن الأجهزة المعنية حملات مكثفة لضبط مافيا السوق السوداء في الدولار والذهب والسلع الأساسية والاستراتيجية والمتورطين في حجب السلع عن التداول بالأسواق لرفع أسعارها.
واتكمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 2541 قضية اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي في الفترة من يناير 2023 حتى يناير اللى فات بقيمة إجمالية 1.1 مليار جنيه، في إطار الجهود المكثفة لمواجهة الاتجار بالعملات الأجنبية خارج الجهاز المصرفي للدولة.
والجهات الرقابية بتقوم برصد وتتبع صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بسبب توسع العناصر الإجرامية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لممارسة أنشطتهم.
وفى محاولة لردع تجار العملة ومحتكرى السلع صدق الرئيس السيسي من أيام قليلة على قانون يسمح بإحالة مافيا السوق السوداء والمتورطين في احتكار وتخزين السلع الأساسية إلى القضاء العسكري.. وده معناه ان اى شخص هيثبت تورطه فى تداول العملات الجنبية خارج البنوك هيحاكم عسكريا وهتوقع عليه اقسى العقوبات
وهل الاجراءات الأمنية كفاية للقضاء على السوق السودا ؟
طبعا الاجراءات الأمنية لوحدها مش كفاية بدا وعشان كده الى جانب التحرك الأمني فيه تحرك اقتصادي ومالى من خلال الجهود اللى بيبذلها البنك المركزي للقضاء على السوق السودا للدولار ومواجهة الاعيب تجار العملة زي طرح شهادات بالدولار تستهدف المصريين فى الخارج لمواجهة التارجع الكبير اللى حصل فى تحويلات المصريين فى الخارج وكمان طرح شهادات استثمار بعائد مرتفع لتشجيع الناس على الاستثمار فى الجنيه وأدوات الدين الحكومة والتحرك ده بيستهدف حائزى الدولار اللى بيتاح ليهم ربح اعلى بكتير من الاحتفاظ بالعملة الأمريكية