ارتباك يضرب السوق السوداء بعد قرار البنك المركزي.. والجنيه يستعيد عافيته
شهدت السوق السوداء للدولار في مصر ارتباكًا ملحوظًا خلال اللحظات القليلة الماضية، حيث سيطر التخبط على المتعاملين بالسوق الموازية على وقع مفاجأة البنك المركزي للجميع بعدما رفع الفائدة خلافًا لتوقعات الأسواق.
وأعلن البنك المركزي المصري في خطوة مفاجئة، يوم أمس الخميس، رفع أسعار الفائدة الأساسية لليلة واحدة 100 نقطة أساس "لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم".
وقال البنك في بيان إن لجنة السياسة النقدية به قررت في اجتماعها يوم الخميس رفع عائد الإقراض لليلة واحدة إلى 20.25 بالمئة وعائد الإيداع لليلة واحدة إلى 19.25 بالمئة.
وكان 15 من بين 16 محللا استطلعت رويترز آراءهم هذا الأسبوع توقعوا أن يبقي البنك أسعار الفائدة دون تغيير، بينما توقع الأخير زيادة بمئة نقطة أساس.
يأتي ذلك بالتزامن مع توقعات بانخفاض جديد في قيمة الجنيه، إذ يربط البعض بين رفع الفائدة وتخفيض محتمل بالجنيه، وذلك من أجل السيطرة على التضخم الناتج عن انخفاض قيمة الجنيه وسحب السيولة من الأسواق.
وغالبًا ما يتزامن إعلان رفع الفائدة مع تعديل محتمل لسعر العملة، خاصة في مصر، وذلك من أجل السيطرة على الأسعار وسحب السيولة من السوق، وهو الأمر الذي حدث في 4 تخفيضات سابقة للعملة، بداية من تعويم 2016، مرورًا بتعويمي مارس وأكتوبر 2022، نهاية بتعويم يناير 2023.
ولكن لا يزال من غير المرجح أن "يتبع تحرك سعر الفائدة تعديل فوري للعملات الأجنبية"، وفقًا لمورجان ستانلي. إذ أن الفيصل الآن وفقًا للبنك بعد زيادة سعر الفائدة هو وجود حصيلة دولارية كافية بالبلاد، والتي حُصلت عن طريق الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل الحكومة الفترة الماضية، مثل الطروحات الحكومية والشهادات الدولارية وعائدات السياحة.
وقال الاقتصاديون في مورجان ستانلي بمن فيهم ألينا سليوسارشوك في تقرير: "يبدو أن الحكومة تفضل جمع كمية أكبر من العملات الأجنبية قبل السماح للجنيه بالتعويم، لاحتواء التأثير المحتمل على تكلفة المعيشة والحسابات المالية".
وأضاف اقتصاديو البنك: "توقعاتنا الأساسية هي أن يظل برنامج صندوق النقد الدولي ساريًا مع المراجعتين الأولى والثانية على الأرجح بين سبتمبر وديسمبر، والتي نعتقد أنها ستتطلب مزيدًا من التعديلات في سعر الصرف ومعدلات الفائدة".
ويتوقع المصرف أن يتم تعديل سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية خلال سبتمبر أو أكتوبر المقبل، أي في وقت قريب من المراجعة الأولى والثانية لصندوق النقد الدولي.
وأشار البنك أيضًا إلى أن إحراز تقدم في برنامج صندوق النقد سيكون مهماً للحكومة المصرية التي تسعى لتأمين التمويل من الصندوق، لكن المراجعة الأولى ما تزال معلقة.
والجدير بالذكر أن تعويم سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية أحد أهم شروط صندوق النقد التي تم الاتفاق عليها مع الحكومة المصرية، ولهذا السبب لم يتم إجراء المراجعة الأولى في مارس الماضي كما كان مخطط لها، وفقًا لتقديرات الخبراء.
وكانت السوق السوداء قد تلقت ضربة مفاجئة الأسبوع الماضي بعد أن لجأ كل من "بنك مصر" و"البنك الأهلي المصري إلى طرح شهادات استثمار دولارية جديدة بفائدة مرتفعة تصل إلى 7%، حيث جاءت خطوة بنكي الأهلي ومصر في إطار محاولة البنكين لجذب العملة الصعبة من السوق الموازية.
ومع هذه الإجراءات الهامة التي اتخذها المركزي المصري، شهدت السوق السوداء للدولار مزيدًا من التخبط، وذلك باعتبار أن هذه الإجراءات تشير إلى تعويم محتمل، وهو الأمر الذي يضر بالسوق الموازية لانه يحفز المتعاملين على اللجوء إلى القنوات الرسمية لتبادل العملة بعد غلق الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي عبر تخفيض الجنيه.
وظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيه للدولار منذ أشهر، بينما تراجع الدولار أمام العملة المصرية في السوق السوداء إلى مستويات تتراوح بين 36 إلى 38 جنيها للدولار خلال الساعات القليلة الماضية.