سقوط السوق السوداء للدولار في مصر وخفض الجنيه..هدف أولي لتحقيق حلم 191 مليار دولار
كشفت الحكومة المصرية وسط أزمة عملة صعبة مستعرة عن خطتها لزيادة الاحتياطي الأجنبي إلى 191 مليار دولار في 2026 القادم.
على الرغم من ارتفاع رقم 191 مليار إلا أن الحكومة المصرية والعديد من الخبراء يرونه ممكنًا إلا أنهم يربطونه بضرورة الالتزام بشكل جذري ومتعصب بإصلاحات اقتصادية.
وفي مؤتمر صحفي قريب، قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن خطة زيادة الاحتياطي الأجنبي تستهدف رفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بـ 10% وكذلك رفع إيرادات قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج، إضافة إلى 20% زيادة لعوائد السياحة وتصدير السلع بحلول عام 2026.
وفي حال نجحت مصر في تحقيق هذه الزيادات فإن ذلك سيضاعف -تقريبًا- حوالي 103 مليار دولار أمريكي حصلّتهم الحكومة المصرية في السنة المالية 2021-2022.
وقال المحلل الاقتصادي من مجموعة هيرمس المالية في حواره مع صحيفة زاوية، أن الأرقام المطروحة قابلة للتحقق ولكنها ترتبط بشكل رئيسي ومباشر على القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي وهو ما لن يحدث إلا مع سعر نقد مرن أي خفض جديد لأسعار الجنيه مقابل الجنيه متى يتم خفض الجنيه بشكل رسمي؟
ترى العديد من الجهات أن الجنيه المصري مبالغ في تقديره وفق ميزان الطلب والوفرة. وهو ما يؤيده صندوق النقد الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي التي نقلت العديد من التقارير رؤيتها لضرورة خفض الجنيه المصري قبل الدخول بشكل كبير في صفقات شراء للأصول المصرية ولعودة المستثمرين من الخليج. وكذلك هو أحد الشروط التي ينتظرها صندوق النقد لاعتبار برنامج الإصلاحات الاقتصادية لمصر يسير في الطريق الصحيح.
إلا أنه على الناحية الأخرى واجه هذا الخفض المحتمل رفضًا كبيرًا من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي اعتبر الخفض لقيمة الجنيه من مستويات 30.9 الحالية، مسألة أمن قومي.
وقال سيتي بنك أن الحكومة لن تخفض الجنيه المصري قبل شهر سبتمبر المقبل عندما يحل أوان المراجعة مع صندوق النقد الدولي وأن الخفض قد يحدث بعدها إلى مستويات الـ 36 - 38 جنيهًا للدولار الأمريكي. مستبعدة أي خفض للجنيه قبل سبتمبر 2023.
مشروع الطروحات وبيع الأصول..هل يكفي؟
كشف رئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي عن جمع 1.9 مليار دولار من خلال عمليات بيع للأصول والطروحات لبعض الحصص الحكومية في شركات عامة.
بعض القطاعات المدرجة تظهر بالفعل بوادر نمو كبير. في عام 2022، تضاعفت إيرادات الخدمات لتصل إلى حوالي 10.9 مليار دولار مقارنة بـ 5.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لأحدث تقرير للبنك المركزي المصري عن الوضع الخارجي للاقتصاد المصري. كانت هذه الزيادة مدفوعة بارتفاع عائدات السياحة إلى 7.3 مليار دولار من 5.8 مليار دولار والارتفاع الكبير في تعريفات النقل وعائدات قناة السويس التي ارتفعت من 3.4 مليار في النصف الثاني من عام 2021 إلى 4.0 مليار في النصف الثاني من عام 2022.
هل تعزز مصر من صادراتها؟
لم تنجح مصر بعد في التعزيز من صادراتها لتوفير دخل أكبر من مصادر أجنبية. وبحسب تقرير البنك المركزي المصري ذاته، زادت الصادرات بنسبة 3.9٪ فقط في النصف الثاني من عام 2022 لتصل إلى 21.5 مليار دولار. وجاءت الزيادة مدفوعة بشكل أساسي بصادرات النفط التي تشكل ما يقرب من 40٪ من صادرات البلاد. أما الصادرات غير النفطية فقد ارتفعت بنسبة 1٪ فقط لتصل إلى 12.9 مليار دولار.
ماذا عن تحويلات المصريين في الخارج؟
سلكت التحويلات أيضًا منحدرًا هبوطيًا منذ العام الماضي. حيث انخفضت بنسبة 23٪ إلى 12.0 مليار دولار مقارنة بـ 15.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لأرقام البنك المركزي المصري.
وجاء السبب الأساسي وراء العزوف عن التحويلات النقدية إلى حالة سوق الفوركس ووجود سعرين للعملات الأجنبية مما جعل العديد من المصريين في الخارج يرسلون الأموال بصور غير مباشرة.
وهو ما أكد عليه أبو باشا في حواره مع زاوية قائلًا: "إذا عادت أسواق الفوركس إلى طبيعتها، أعتقد أن البلاد يمكن أن تجتذب المزيد من التحويلات، خاصة مع مغادرة المزيد من الأشخاص للعمل في الخارج وشهد اقتصادات الخليج مستوى جيد من النمو الاقتصادي".
الاستثمارات تنهض
على عكس التحويلات، سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة أرقامًا قياسية جديدة مؤخرًا، حيث وصلت إلى 5.7 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية 2022-2023 مقارنة بـ 3.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق. "هناك شهية جيدة للاستثمار في الاقتصاد الأخضر، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والمتجدد. هذا بالإضافة إلى السياحة والصناعات الدوائية والتصنيع. وأوضح أبو باشا أن التحدي الرئيسي يكمن في توفير بيئة صديقة للأعمال، وتوافر العملات الأجنبية وتقليص دور الدولة في الاقتصاد.