شلل وتخبط في السوق السوداء للدولار بعد مفاجأة الرئيس
تلقت السوق السوداء للدولار في مصر ضربة موجعة جديدة خلال الساعات القليلة الماضية، حيث تفاعلت مع تصريحات الرئيس السيسي أمس الأربعاء، بشأن تعويم الجنيه.
وألمح الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أن من المستبعد خفض قيمة العملة مرة أخرى قريبا وذلك في تصريحاته خلال مؤتمر للشباب، يوم أمس الأربعاء، وقال إن تلك الخطوة من شأنها أن تضر بالأمن القومي والمواطنين.
وخفضت مصر قيمة الجنيه حوالي 50 بالمئة منذ فبراير شباط 2022 بعدما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تخارج المستثمرين الأجانب من سوق أدوات الخزانة المصرية ونقص حاد في العملة الأجنبية.
وتتخبط السوق الموازية ويتراجع الدولار بها كلما تعززت توقعات تماسك واستقرار الجنيه من خلال تقارير أو تصريحات تفيد بعدم تراجع العملة.
ووعدت مصر بالسماح للعرض والطلب بتحديد سعر العملة في إطار حزمة إنقاذ حجمها ثلاثة مليارات دولار وقعتها مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر كانون الأول.
وظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيه للدولار لأكثر من ثلاثة أشهر بينما تراجعت العملة المصرية في السوق السوداء إلى حوالي 33 أو 34 جنيها للدولار.
تعويم الجنيه.. أمن قومي
قال السيسي "نحن مرنين فيه... لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي وإن الشعب المصري يضيع.. لا".
وأضاف "بتكلم بجد. هذ الموضوع أنا أقوله على الهواء. عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم، لا ما نقعدش في مكانا، لا ما نقدرش".
وتابع "حتى لو الكلام ده يتعارض مع.. حتى لو الكلام ده يتعارض مع.." ولم يتم عبارته لكنها إشارة واضحة لالتزامات مصر مع صندوق النقد الدولي.
أكد السيسي أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات في البلاد يرجع إلى خفض قيمة الجنيه في ظل اعتماد الطلب الاستهلاكي على الخامات والسلع المستوردة.
وقال السيسي أيضًا: "في الأعوام الماضية كنا نشتري من السوق -سندات دولارية- 3 أو 4 مليارات دولار، ونضعهم في البنك المركزي كي نحافظ على الاحتياطي لتوفير طلبات 3 أو 4 شهور، لكن ذلك تسبب في زيادة الديون، ولن نعيد الشراء مرة أخرى".
ولم يبدأ الصندوق بعد مراجعة كانت مقررة في مارس آذار لمستوى التقدم الذي أحرزته مصر في تحقيق التزاماتها بموجب اتفاق ديسمبر كانون الأول.
وعلى الرغم من الخفض الحاد لقيمة الجنيه ثلاث مرات منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، لا تزال العملة الأجنبية نادرة بالسوق ولا تزال واردات حيوية مثل مدخلات التصنيع والزراعة دون سبيل إلى دخول البلاد.
الدولار في السوق السوداء
كانت السوق السوداء قد شهدت تخبطًا وارتباكًا بين المتعاملين على وقع قرارات وتصريحات حكومية مطمئنة، وتقارير دولية تفيد بأن الجنيه لن يتراجع في القريب العاجل، مما أدى إلى تراجع الدولار في السوق السوداء إلى مستوى الـ 36 جنيه للدولار الشهر الماضي.
ولكنها عادت السوق السوداء للدولار في مصر للحياة مرة أخرى خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك بالتزامن مع صدور تقريري بنك "ستاندرد تشارترد" البريطاني وبنك "كريدي سويس" السويسري، حيث يتوقعا تراجع الجنيه أمام العملات الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
ولكن عاد الارتباك للسوق السوداء للدولار مجددًا بعد تصريحات الرئيس حيث يتفاعل سعر الدولار بالسوق السوداء مع الأنباء التي من شأنها التأثير في أزمة العملات الأجنبية، إذ ينخفض عندما تكون الأنباء إيجابية وتشير إلى انفراجة في الأزمة، ويرتفع أمام الجنيه إذا كانت الأنباء سلبية وتشير إلى أن الأزمة تزداد تعقيدًا.
والجدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يرد فيها الرئيس بشكل مباشر على الضغوط التي تتعرض لها بلاده من صندوق النقد الدولي من أجل "مرونة أكبر لسعر الصرف" دون أن يذكر اسم "صندوق النقد الدولي" بشكل صريح.
وقال عمرو الألفي من "برايم المالية" إن مصر "لن تستفيد في الوقت الحالي من أي تخفيض لعملتها المحلية، بل ستزيد التضخم أكثر. تصريحات الرئيسي اليوم سيكون لها تأثير نسبي بالإيجاب على معاملات السوق الموازية للعملة، ويبقى الأهم لمصر حالياً هو نجاحها في جذب الدولار من خلال بيع بعض الأصول".
وعلى إثر هذه التصريحات، يتم تداول العملة المصرية مقابل الدولار بالسوق الموازية أو السوداء حول مستويات 37-38، وذلك بعد أن كان يتم تداولها حول مستويات الـ 40 جنيه للدولار الواحد. فيما يستقر سعر الدولار في السوق الرسمية عند مستوى 30.95 جنيه للدولار الواحد.