السيناريو المتوقع.. هل يفاجئ الفيدرالي الأمريكي ويرفع الفائدة في اجتماع اليوم ؟

سوف تتابع أسواق العملات وبخاصة متداولي الدولار باهتمام كبير صدور قرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة بشأن السياسة النقدية، والتي سيعقبها المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، جيروم باول للتعليق على هذه القرارات، وذلك في ظل التأثير القوي المتوقع على تحركات الأسواق المالية العالمية وتحديدا على أزواج الدولار والذهب والعملات الرقمية وسوق الأسهم الأمريكية، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال مايو الماضي، ظهرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بتثبيت رفع رفع الفائدة خلال اجتماعه المرتقب.

وفي هذا الإطار، كشفت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، عن تباين أداء التضخم الأمريكي خلال مايو الماضي، فعلى أساس سنوي، انخفض مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى 4.0%، وهو أقل من توقعات الأسواق التي أشارت لتباطؤه إلى 4.1% فقط، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت أيضا 4.9% خلال إبريل الماضي. أما فيما يتعلق بمعدل التضخم الأمريكي الأساسي - والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء - فقد أظهرت البيانات تباطؤه إلى 5.3% على أساس سنوي بنهاية مايو الماضي، بما يتطابق مع توقعات الأسواق، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت نحو 5.5% في إبريل الماضي.
وفي ذات السياق، أوضحت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء بالولايات المتحدة، تباين بيانات سوق العمل الأمريكي خلال مايو الماضي، حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي بواقع 339 ألف وظيفة، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاع المؤشر بنحو 193 ألف وظيفة فقط. وعلى الجانب الاَخر، ارتفع معدل البطالة الأمريكي إلى مستوى 3.7% خلال نفس الفترة، وهو أسوأ من التوقعات التي كانت قد أشارت إلى ارتفاع المؤشر إلى مستوى 3.5% فقط، بعدما كانت القراءة السابقة قد سجلت نحو 3.4% خلال أبريل الماضي.

ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:

مالت نبرة تصريحات الكثير من أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية إلى الحذر والتمهل قبل رفع الفائدة مجددا وانتظار صدور البيانات الاقتصادية تباعا وعلى رأسها بيانات التضخم، وفي هذا الإطار، صرح عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، بولاية سانت لويس، جيمس بولارد، بأن توقعات إبطاء التضخم جيدة ولكنها غير مضمونة، مضيفا بأن اليقظة المستمرة من قبل الفيدرالي الأمريكي مطلوبة لمحاربة التضخم، مضيفا بأنه رغم تباطؤ مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي والعام عن مستويات الذروة التي شهدتها الولايات المتحدة العام الماضي، إلا أنه لا يزال مرتفعا بشكل مفرط، ومشيرا إلى أن السياسة النقدية لبنك الفيدرالي الأمريكي في حالة أفضل الآن بعد ارتفاع أسعار الفائدة.
وكذلك، صرح عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بولاية فيلادلفيا ، باتريك هاركر ، بأنه يعتقد أن الوقت قد حان لكي يضغط الفيدرالي الأمريكي على زر الإيقاف في رفعه لأسعار الفائدة، وذلك لاجتماع واحد على الأقل. ويأتي هذا تكريرا لتعليقاته السابقة حول توقف محتمل في الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، حيث أشار هاركر إلى أن مثل هذه الخطوة قد تكون الأكثر حكمة من قبل الفيدرالي الأمريكي في ظل الظروف الراهنة.

ثالثا: ما هي توقعات أهم البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي؟

تشير معظم التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيقوم بتثبيت رفع الفائدة خلال هذا الاجتماع، وفي هذا السياق، أصدر الخبراء لدى كوميرز بنك توقعاتهم لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقب، وأشار الخبراء لدى المصرف الألماني إلى أنه مع تراجع التضخم الأمريكي بشكل كبير خلال مايو قد يؤثر بقوة على تحركات الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% فقط على أساس شهري، وبنسبة 4.0% فقط على أساس سنوي. وتابع اقتصاديو كوميرز بنك بأنه رغم بقاء ضغوط التضخم الأمريكي الأساسي والذي لا يزال يستقر عند مستوى 5.3%، فإن الفيدرالي الأمريكي لن يرفع الفائدة أكثر خلال اجتماعه هذا الشهر، ولكن على الأرجح فقد لا يقرر الفيدرالي الأمريكي خفض الفائدة هذا العام بالتزامن مع استقرار التضخم الأمريكي الأساسي عند مستويات مرتفعة.

وأيضا، أفاد ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لشركة جولدمان ساكس، على هامش مقابلة مع شبكة CNBC، بأن التضخم من المرجح أن يظل مشكلة صعبة، حيث أظهر معدل التضخم لدى الولايات المتحدة أنه أكثر ثباتا بعض الشيء، وهو ما يفتح الباب أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة بشكل إضافي، وهذا بدوره سيجعل البيئة الاقتصادية أكثر صعوبة.

رابعا: السيناريو المتوقع لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:

في ضوء ما تم ذكره أعلاه، فإن سيناريوهات قرارات الفيدرالي الأمريكي تتمثل في سيناريوهين أساسيين، السيناريو الأول والمرجح على نحو كبير، يتمثل في إبقاء الفيدرالي الأمريكي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ولكن بيان الفائدة والتوقعات الاقتصادية، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، قد يتضمن التأكيد على أن الفيدرالي الأمريكي قد يرفع الفائدة مجددا إذا ارتفعت الضغوط التضخمية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير سلبي نوعا ما على الدولار وإيجابي على الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية، لأنه قد يعني احتمالية انتهاء دورة التشديد النقدي الأمريكي قريبا.

بينما السيناريو الثاني، هو قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، والتأكيد على أن التضخم لا يزال مرتفعا وأعلى الهدف وهو ما يتطلب مزيدا من التشديد النقدي، والإبقاء على الفائدة المرتفعة لفترة طويلة، وهذا السيناريو سيكون مفاجأة قوية للأسواق وفي حالة حدوثه قد يكون له تأثير إيجابي قوي على مؤشر الدولار وعلى العكس سينخفض كل من الذهب والعملات الرقمية والأسهم الأمريكية.