الرياض كلمة السر.. هل أقترب موعد تسعير النفط باليوان بدلاً من الدولار ؟
لازالت مسألة تسعير المملكة العربية السعودية صادراتها النفطية نحو الصين باليوان بدلاً من الدولار مطروحة على طاولة المباحثات منذ ست سنوات..
هذا القرار يمكن أن يمثل تجسيده هزاً عرش العملة الأميركية المهيمنة على أسواق الطاقة.
يذكر في هذا السياق أن الصين أشترت أكثر من 25% من صادرات أكبر مصدر للنفط في العالم في 2021 ما يمكن أن يدلل على أهمية حجم هذه السوق بالنسبة للتنين الآسيوي.
ويرى البعض أن خوض السعودية لهذا المسار لا يتعدى كونه محاولة استفزازية من قبل المملكة تجاه الولايات المتحدة بغرض عودة الاهتمام الأمريكي بالرياض، فيما يرى البعض الآخر أنها بداية لخلق نظام مالي موازٍ للنظام المالي العالمي الذي يقوده الدولار من قبل الدول الراغبة في تحييد العملة الأمريكية.
ماذا لو اتخذت السعودية خطوة تسعير النفط باليوان الصيني؟
يعد الحديث عن توجه السعودية إلى تسعير نفطها الموجه إلى الصين باليوان ليس بجديد على الساحة السياسية، فخلال السنوات الست الماضية تناول الإعلام هذا الأمر مراراً بين مسؤول يقول ومصادر تتحدث وهكذا.
إلا أن الشاهد في الأمر أن تلك السياسة تنتهجها السعودية في الأوقات التي تشهد حالة من التوتر بينها وبين الولايات المتحدة، لكن السعودية تعلم تمام العلم أن تلك الخطوة تعد مجازفة كبيرة لن تستطيع أن تتحمل عواقبها.
حيث تشتري الصين أكثر من 25% من النفط الذي تصدره السعودية، وإذا تم تسعيرها باليوان، فإن هذه المبيعات ستعزز مكانة العملة الصينية، ما يعني أن الدولار سيتأثر سلباً، وبالتالي سيتأثر الريال السعودي بالسلب نظراً لارتباطه بالدولار.
كما أن بعض المحللين يرون أن خطوة تسعير صادرات المملكة لبكين باليوان الصيني، البالغة نحو 1.76 مليون برميل يومياً، قد تؤثر على أمريكا ولكن بشكل نسبي نظراً لأن استخدام اليوان الصيني ما زال ضعيفاً مقابل تداول الدولار المرن، فيكفي أن مبيعات النفط العالمية التي تتم بالدولار الأمريكي تبلغ حوالي 80%.
يُضاف إلى ذلك أن أمريكا اليوم تعد إحدى الدول المصدرة للنفط، ما يعني أن لها دوراً فعالاً في التأثير على أسعار النفط ولو نسبيا للضغط على الاقتصاد السعودي الريعي الذي يعتمد على النفط الذي يشكل نحو 70% من صادرات البلاد.
كما أن الدور الفعال الذي تلعبه أمريكا في منطقة الشرق الأوسط التي يشوبها الكثير من النزاعات قد يؤدي إلى إحداث إزعاج كبير للسعودية المحاطة بجماعة الحوثي وغيرها من الأطراف.
ويقابل الحديث عن بدائل للنظام المالي الحالي بنوع من القبول في الوقت الحالي لدى البعض؛ نظراً لأن العقوبات الأمريكية التي فرضتها على روسيا بسبب الغزو الروسي دفعت العديد من الدول إلى التفكير في بدائل تجعلهم خارج سيطرة النظام الأمريكي.
لكن يظل الدور الأمريكي بارزاً وفطناً لجميع التحركات العالمية، ويتحرك ضمن تحالفات تمكنه من الضغط بل وإخضاع الأطراف العاملة الساعية للتأثير على هيمنته.
كما أن الذهاب إلى نظام مالي جديد موازٍ للنظام الذي تهيمن عليه واشنطن يتطلب العديد من القوى الرئيسية الفاعلة وليس السعودية وحدها، كما أن هذا الأمر سيتطلب العديد من السنوات.
هل اليوان الصيني قادر على إخضاع الدولار؟
يوجد في الوقت الحالي قرابة 180 عملة وطنية في العالم، ولكن قليلاً منها فقط هو المستخدم بالفعل على نطاق واسع في المعاملات الدولية كسداد فاتورة الواردات، أو إصدار سندات الدين، أو الاستثمار في الخارج، وهذه العملات هي الدولار الأمريكي، واليورو، وبدرجة أقل الين الياباني والجنيه الإسترليني، وعدد قليل من العملات الأخرى.
يأتي بين هذه العملات الأخرى اليوان الصيني الذي انضم رسميا إلى سلة العملات الرئيسية للاحتياطي الدولي بجانب الدولار واليورو والجنيه الإسترليني البريطاني والين الياباني، من خلال اندماجه في الوحدة الحسابية لصندوق النقد الدولي في عام 2016.
وبحسب منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، تبلغ حصة اليوان حالياً 10% من احتياطيات النقد الأجنبي للبنوك المركزية.
وتناولت نتائج المسح التي أجراها المنتدى، أن 20% من البنوك المركزية تخطط لتقليص حيازاتها من الدولار الأمريكي خلال نفس الفترة، و18% تخطط لتقليص حيازات اليورو.
وبلغ حجم التداول اليومي لليوان في التعاملات الداخلية للعملاق الآسيوي خلال عام 2020 حوالي 45 مليار دولار، وهو أعلى رقم مسجل منذ ديسمبر 2018.
ولكن في ظل اتساع تداول اليوان الصيني يوماً بعد يوم في التعاملات الثنائية مع البلدان الأخرى، سواء مع مع جيرانها الآسيويين، ودول أمريكا اللاتينية، والبلدان الأوروبية، لا يمكن الحديث عن أن اليوان قادر على القضاء على هيمنة الدولار في ظل إطاره البيني الضيق.