الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

«سيليكون فالي بنك» .. كان مصرفا متينا .. غرق في يومين

الأحد 12/مارس/2023 - 07:02 م
بنك وادي السيليكون
بنك وادي السيليكون

بعث إفلاس بنك سيليكون فالي -الذي كان يعد مصرفا متينا وغرق في يومين فقط- بإشارات إنذار إلى القطاع المصرفي، غير أن مخاطر العدوى المعممة تبقى محدودة، بحسب رأي عدد من المحللين.

وأوضح كين ليون المحلل في مركز التحليل والبحث المالي CFRA أن المشكلات التي واجهها المصرف "محددة للغاية" وليس من شأنها "التأثير في مجمل القطاع المصرفي، خصوصا المصارف الكبرى".

ووفقا لـ"الفرنسية"، أفاد بأن الشروط المشددة التي فرضتها الهيئات الضابطة بعد الأزمة المالية عام 2008 أدت دورها.

وأبدى محللو "مورجان ستانلي" الرأي ذاته، مشددين في مذكرة "سنكون في غاية الوضوح، لا نعتقد أن القطاع المالي يواجه أزمة نقص في السيولة".

غير أن إريك كومتون من شركة مورنينجستار للخدمات المالية لفت إلى أنه "قد يكون من الصعب للغاية توقع كيفية تطور المخاطر المرتبطة بمستويات السيولة خلال فصل، ومتى يمكن أن تتحقق".

ويرى محللو "مورجان ستانلي" أن البنك الذي أغلقته السلطات الأمريكية الجمعة عانى تركيزه على نوع محدد من العملاء.

وذكروا أن المصرف كان يمول "بصورة رئيسة شركات في مجالي التكنولوجيا والتكنولوجيا الأحيائية من أجل الصحة، وكان جزءا من بيئة رأس المال المخاطر".

لكن بين رفع معدلات الفائدة الذي تسبب في ارتفاع تكلفة القروض، وصعوبات قطاع التكنولوجيا نفسه، قام عملاء المصرف بسحب كثير من الأموال في الأشهر الأخيرة.

وتسببت الأزمة التي عصفت بالمصرف في موجة ذعر عبر القطاع المصرفي، مع تساؤل الأسواق عن عواقب أكبر إفلاس مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008.

فالمصرف لم يعد قادرا على تلبية عمليات السحب الهائلة التي قام بها عملاؤه لأموالهم، وهم ينشطون خصوصا في مجال التكنولوجيا، كما لم تنجح محاولاته لزيادة رأس المال بسرعة.

وأعلنت السلطات الأمريكية أنها أغلقت مصرف "سيليكون فالي بنك" المقرب من أوساط التكنولوجيا، الذي وجد نفسه فجأة في حالة عسر، وأنها عهدت إدارة الودائع إلى المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة FDIC.

واستدعت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية المسؤولين عن الهيئات الناظمة لقطاع المال الجمعة لبحث الوضع، حيث شددت على أن "ثقتها كاملة" بقدرة هذه الهيئات على "اتخاذ تدابير مناسبة"، وعلى أن النظام المصرفي "متين وقادر على المقاومة".

وقالت وزارة الخزانة في بيان أمس "أعربت الوزيرة يلين عن ثقتها الكاملة بأن تتخذ الهيئات الناظمة المصرفية الإجراءات المناسبة ردا على ذلك".

وذكر البيان أيضا أنها "أشارت إلى أن النظام المصرفي لا يزال مرنا، وأن المنظمين لديهم أدوات فاعلة لمعالجة هذا النوع من الأحداث".

250 ألف دولار

تخطط المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة لإعادة فتح فروع البنك البالغ عددها 17 التي تتخذ في كاليفورنيا وماساتشوستس مقرا الإثنين، والسماح للعملاء بسحب ما يصل إلى 250 ألف دولار على المدى القصير، وهو المبلغ الذي عادة ما تضمنه المؤسسة.

وأوضحت المؤسسة الفيدرالية أن هيئة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا DFPI هي التي استحوذت رسميا على المصرف، مشيرة إلى "عدم كفاية السيولة والإعسار".

في نهاية 2022، كانت لدى البنك أصول بقيمة 209 مليارات دولار وودائع مقدارها 175.4 مليار دولار، ورغم أنه غير معروف كثيرا للعامة، كان "سيليكون فالي بنك" المصرف الأمريكي الـ16 من حيث حجم الأصول.

وإغلاق "إس في بي" لا يمثل أكبر عملية إفلاس مصرفي منذ إغلاق بنك "واشنطن ميوتشوال" للادخار في 2008 فحسب، بل أيضا يمثل ثاني أكبر إفلاس لبنك بالتجزئة في الولايات المتحدة.

إعلان مفاجئ للمستثمرين

أمام مقر المصرف في سانتا كلارا، وقف عملاء عدة يسألون، كيف بإمكانهم سحب أموالهم؟ وعلقت ورقة صادرة عن DFPI على الباب تفيد بأن بإمكانهم بدءا من الإثنين سحب مبلغ 250 ألف دولار.

وفي الأسواق، بدأت موجة الذعر الخميس بعدما أعلن "إس في بي" أنه يسعى إلى زيادة رأس المال بسرعة لمواجهة عمليات السحب الهائلة التي أجراها عملاؤه لأموالهم، إضافة إلى خسارة 1.8 مليار دولار من بيع أوراق مالية.

وقد فاجأ الإعلان المستثمرين وأحيا مخاوف حول متانة القطاع المصرفي ككل، خصوصا مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة السندات في محافظهم.

وخسرت أكبر أربعة مصارف أمريكية 52 مليار دولار في البورصات الخميس، وأعقبتها المصارف الآسيوية ثم الأوروبية.

في باريس، خسر "سوسييتيه جنرال" 4.49 في المائة و"بي إن بي باريبا" 3.82 في المائة و"كريدي أجريكول" 2.48 في المائة. في أماكن أخرى من أوروبا، خسر "دويتشه بنك" الألماني 7.35 في المائة و"باركليز" البريطاني 4.09 في المائة و"يو بي إس" السويسري 4.53 في المائة.

أما في وول ستريت، فانتعشت المصارف الكبرى أمس، بعد التراجع في اليوم السابق. فارتفعت أسهم "جاي بي مورجن تشايس" 2.3 في المائة، منتصف المداولات، فيما اقترب بنك أوف أمريكا و"سيتي جروب" من التوازن.

من ناحية أخرى، شهدت مصارف محلية مثل فيرست ريبابلك وسيجنتشر بنك مزيدا من الإضرابات مع انخفاض أسهم كل منهما 23 في المائة.

مواجهة التحديات

أكد كريستيان باريسو من مجموعة الوساطة "أوريل بي جي سي" في مذكرة أن المستثمرين "رأوا أيضا في الصعوبات التي يواجهها المصرف تأثير انعكاس منحنى معدلات الفائدة"، أي عندما تكون المعدلات القصيرة الأجل أعلى من المعدلات الطويلة الأجل.

وتقوم المصارف عادة بالاقتراض بمعدلات قصيرة الأجل لتقدم قروضا بمعدلات متوسطة أو طويلة الأمد. وثمة مجموعة أمريكية أخرى تواجه تحديات، فقد أعلنت الشركة الأم لمصرف "سيلفرجيت" العاملة في العملات المشفرة الأربعاء أنه ستتم تصفية المؤسسة.

وقال ستيفن إينيس المحلل في مجموعة "إس بي آي مانجمنت" في مذكرة أراد أن تكون مطمئنة "إن وقوع حادث مرتبط برأس المال أو السيولة بين المصارف الكبرى احتمال ضئيل".

ومنذ الأزمة المالية في عامي 2008 - 2009 وإفلاس بنك "ليمان براذرز" الأمريكي أصبح على المصارف تقديم ضمانات قوية لسلطة ضبط الأسواق الوطنية والأوروبية.

وتخضع الهيئة المصرفية الأوروبية 50 مصرفا رئيسا في القارة لاختبارات ملاءة. وكشفت نتائج آخر اختبار من هذا النوع في نهاية تموز (يوليو) 2021 أن المؤسسات المالية قادرة على تحمل أزمة اقتصادية خطرة بدون أضرار جسيمة.

بالنسبة إلى المحللين في "مورجن ستانلي"، فإن "ضغوط التمويل التي تواجه (إس في بي) خاصة جدا، ويجب عدم اعتبارها المعيار للمصارف المحلية الأخرى"، وأضافوا في مذكرة "لا نعتقد أن القطاع المصرفي يواجه نقصا في السيولة".

620 مليار دولار خسائر محتملة

سلطت الخسائر المتأتية عن بيع بنك سيليكون فالي سنداته المالية الضوء مجددا على المخاطر التي تواجهها المصارف جراء زيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة منذ عام، سعيا إلى مكافحة التضخم.

وأوضح كين ليون أن المصارف تستفيد من هذه السياسة النقدية من جهة "لأنها تزيد صافي دخل الفوائد"، أي الفارق بين الفوائد التي يجنيها المصرف لقاء القروض الممنوحة لزبائنه والفوائد التي يسددها للمدخرين.

لكن هذا يزيد كذلك الفوائد على المبالغ التي تقترضها هي نفسها ويؤثر في "الطلب على القروض"، بحسب المحلل. كما أن زيادة معدلات الفائدة تخفض تلقائيا قيمة السندات التي تملكها المصارف.

وحذرت المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع FDIC أخيرا من أن خسائر المصارف المحتملة في هذا الصدد ترتفع حاليا إلى 620 مليار دولار.

ولفت كين ليون إلى أنه ليس هناك أسباب يمكن أن تدفع المصارف الكبرى التي تملك ودائع "كافية بوفرة" قادمة من "مصادر متنوعة" إلى بيع سنداتها بخسارة قبل بلوغ استحقاقها.